فلسفة وميتافيزيقا

عبد الرحمن بدوي: سيرة عميد الفلسفة العربية

1d 
عبد الرحمن بدوي: سيرة عميد الفلسفة العربية
1. النشأة والتكوين: جذور فيلسوف في بيئة أرستقراطية
إن فهم المسارات الفكرية العاصفة للفيلسوف عبد الرحمن بدوي، واعتداده المعرفي الذي طبع شخصيته وأعماله، يقتضي بالضرورة العودة إلى جذوره الأولى. فالبيئة الاجتماعية والثقافية التي تشكّل فيها وعيه لم تكن مجرد خلفية عابرة، بل كانت مدخلاً أساسياً ومنطلقاً محورياً لفهم مشروعه الفلسفي الضخم، الذي جعله بحق “عميد الفلسفة العربية”.
نشأ بدوي في بيئة أرستقراطية ريفية، حيث انتمت أسرته إلى فئة “صغار الإقطاعيين”. ولإدراك معنى هذه الصفة في سياقها، تجدر الإشارة إلى أن ملكية أسرته التي بلغت حوالي ألف فدان كانت تبدو متواضعة مقارنة بملكيات نخب أخرى، كأسرة شيخه مصطفى عبد الرازق (7000 فدان) أو رفاعة الطهطاوي (28000 فدان). لم تكن هذه الثروة مجرد مصدر للمكانة المادية، بل كانت دافعاً أساسياً نحو الاستثمار في العلم. كان والد بدوي، الذي انتمى سياسياً إلى “حزب الأحرار الدستوريين” النخبوي، يرى في التعليم المرموق وسيلة لأبنائه للحفاظ على مكانة الأسرة الاجتماعية. وقد أثمر هذا التوجيه؛ فمن بين حوالي خمسة عشر أخاً وأختاً لبدوي، برز العديد منهم كأطباء وقضاة ومحامين. هذا الانتماء السياسي النخبوي لوالده عرّض بدوي في سن مبكرة لشخصيات فكرية وأدبية كبرى مثل طه حسين والشيخ مصطفى عبد الرازق، مما فتح أمامه آفاقاً ثقافية واسعة وشكّل وعيه النخبوي منذ نعومة أظفاره.
بدأ مساره التعليمي في قريته “شرباص” بدمياط، لكن نقطة التحول الحقيقية كانت انتقاله إلى القاهرة للدراسة في “المدرسة السعيدية” بنظامها الداخلي الصارم. هذه المرحلة لم تكن مجرد تحصيل دراسي، بل كانت فترة تكوين معرفي وأدبي عميق. في مكتبة المدرسة، بدأت شرارة اهتمامه الأول بالفلسفة حين وقع بين يديه كتاب “خواطر باسكال”. قادته هذه الشذرات الفلسفية العميقة إلى رغبة جارفة في استكشاف المزيد من عوالم الفكر، إلا أنه سرعان ما اصطدم بحقيقة أن المكتبة العربية آنذاك كانت تفتقر بشدة إلى ترجمات الأعمال الفلسفية الكبرى، مما دفعه إلى تعلم اللغات الأوروبية، وخاصة الألمانية، ليقرأ الفلاسفة من مصادرهم الأصلية.
وهكذا، فإن هذا التكوين الصارم، الذي جمع بين الصرامة التربوية والوفرة المادية والانكشاف المبكر على النخب الثقافية، هو ما صقل شخصيته وزرع فيه الثقة لاتخاذ قراره المصيري بدراسة الفلسفة، في مسار سيغير وجه الدرس الفلسفي في العالم العربي.
2. الرحلة الأكاديمية وتأسيس الوجودية: من قاعات الدرس إلى سُدة الفلسفة
في ثلاثينيات القرن العشرين، كانت دراسة الفلسفة في مصر مغامرة فكرية محفوفة بالتحديات. فالقسم الذي التحق به عبد الرحمن بدوي في الجامعة المصرية (جامعة القاهرة لاحقاً) كان لا يزال حديث التأسيس، والمجتمع ينظر إلى هذا التخصص بكثير من الريبة. في هذا السياق، لم يكن اختيار بدوي للفلسفة مجرد مسار أكاديمي، بل كان إعلاناً عن تمرد فكري مبكر، وتحدياً للسائد الاجتماعي والأسري.
كان أول تحدٍ واجهه هو خلافه الحاد مع والده، الذي كان يطمح أن يرى ابنه في سلك القضاء أو المحاماة. أدى هذا الخلاف إلى قطع التمويل عنه، مما كاد أن ينهي مسيرته الجامعية قبل أن تبدأ. وهنا، تدخل شيخه وأستاذه الشيخ مصطفى عبد الرازق، الذي رأى فيه نبوغاً استثنائياً، وشفع له للحصول على منحة “مجانية التفوق”، مما مكنه من الاستمرار في دراسته. في قاعات الدرس، نهل بدوي من معين أساتذة كبار، من بينهم مصطفى عبد الرازق نفسه، وإبراهيم بيومي مدكور، والمستشرق الفرنسي أندريه لالاند الذي كانت لغته الفرنسية الأكاديمية عصية على الطلاب، فكان بدوي، بصفته معيداً، يتولى شرح وتبسيط المفاهيم المعقدة لهم، مثلما فعل مع كتاب ديكارت “مقال عن المنهج”.
كانت رسائله الجامعية هي المختبر الذي بلور فيه نواة فلسفته الوجودية الخاصة، والتي أصبحت لاحقاً أهم إسهاماته.
الرسالة الأكاديمية الموضوع المحوري والأهمية
رسالة الماجستير “مشكلة الموت في الفلسفة المعاصرة” (بالفرنسية): عالجت هذه الرسالة القلق الوجودي العميق الذي يعيشه الإنسان أمام حتمية الموت، الذي يمثل التهديد الأكبر للذات الفردية، ويختطف منها وجودها ومعناها.
رسالة الدكتوراه “الزمان الوجودي” (بالعربية): تُعد هذه الرسالة إسهامه الأعمق والأكثر أصالة في الفلسفة الوجودية. حلل فيها بدوي مفهوم الزمن ليس بوصفه معطى فيزيائياً، بل كتجربة ذاتية معاشة تشكل جوهر الوجود الإنساني. وقد وصفها مناقشه المستشرق بول كراوس بأنها “رسالة ترقى أن تتجاوز القرون لتصل إلى القرن الثالث والرابع الهجري في عمقها”.
أثناء مناقشة رسالة الدكتوراه عام 1944، وفي شهادة أصبحت علامة فارقة في تاريخ الفكر المصري، أعلن عميد الأدب العربي طه حسين مقولته الشهيرة: “إني أجد الآن أول فيلسوف مصري”. لم تكن هذه المقولة مجرد مجاملة، بل كانت إعلاناً عن ميلاد مشروع فلسفي مستقل، وترسيخاً لمكانة بدوي كشخصية تأسيسية في الفلسفة العربية الحديثة.
لكن تأسيس مشروعه الفلسفي الخاص لم يكن سوى واحداً من ثلاثة مسارات فكرية كبرى شكّلت مجمل إنتاجه المعرفي الغزير، الذي تجاوز المائة وأربعين كتاباً.
3. المشاريع الفكرية الكبرى: المسارات الثلاثة لإنتاج بدوي المعرفي
تفسر غزارة إنتاج عبد الرحمن بدوي وتنوعه الهائل من خلال تقسيمه الواعي لمشروعه الفكري إلى ثلاثة مسارات متوازية، عمل عليها طوال حياته. هذه المشاريع الكبرى، التي تجاوزت في مجموعها 140 كتاباً، جعلت منه مؤسسة فكرية قائمة بذاتها، قادرة على مخاطبة المتخصصين وعموم المثقفين على حد سواء.
المسار الأول: نقل الفكر الأوروبي وتوطينه
كان هدف بدوي المعلن هو إحداث “ثورة روحية” في العالم العربي. ورأى أن السبيل إلى ذلك هو تعريف القارئ العربي بالفلسفة الغربية، وخاصة الفلسفة الألمانية التي كان شديد الاهتمام بها. لم يكتفِ بالترجمة، بل سعى إلى التأليف والعرض المنهجي الذي يبسط أعقد الأفكار. ومن أبرز أعماله في هذا المسار:
* كتابه المبكر عن “نيتشه”: الذي ألفه وهو في الثانية والعشرين من عمره، وأحدث تأثيراً تجاوز الأوساط الفكرية ليصل إلى الضباط الأحرار، ومن بينهم السادات وعبد الناصر، والبطل أحمد عبد العزيز الذي جعله مقرراً على طلاب الكلية الحربية.
* أعماله الموسوعية عن “كانط” و”هيجل”: حيث قدم دراسات شاملة، وكان دافعه المعلن هو الكتابة “نكاية في الماديين” الماركسيين، معتبراً هذا العمل شكلاً من أشكال “المقاومة” الفلسفية.
* “موسوعة الفلسفة”: وهي عمل ضخم من ثلاثة أجزاء، بسّط فيه المعارف والمصطلحات والشخصيات الفلسفية لجمهور القراء غير المتخصصين، وتُعد أول موسوعة من نوعها يكتبها مؤلف عربي بمفرده.
المسار الثاني: تحقيق التراث العربي الإسلامي وإعادة اكتشافه
لم تكن علاقة بدوي بالتراث علاقة عرض أو تلخيص، بل كانت علاقة تحقيق وإعادة اكتشاف. انطلق في رحلة علمية شاقة للبحث عن المخطوطات الفلسفية الإسلامية المفقودة في مكتبات أوروبا، وعمل على تحقيقها ونشرها، كاشفاً عن كنوز معرفية كانت طي النسيان. من إسهاماته الجوهرية في هذا المسار:
* تحقيق مشروع “أرسطو عند العرب”: حيث حقق النصوص المترجمة لأرسطو في المنطق والأخلاق والشعر، مع الشروح التي أضافها الفلاسفة المسلمون.
* دراسة “شخصيات قلقة في الإسلام”: كشف من خلالها عن مفكرين وفلاسفة لم يلتزموا بالنسق الفكري السائد، مثل الحلاج وابن المقفع.
* دراسة الفرق الكلامية: حيث اعتمد على مخطوطات نادرة لدراسة الفرق الإسلامية كالإسماعيلية والدروز، مقدماً رؤى جديدة لم تكن متاحة للباحثين.
* تأليف كتاب “دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي”: وهو عمل مرجعي أبرز فيه الإسهامات الحضارية للعالم الإسلامي في مختلف الميادين.
المسار الثالث: فلسفته الوجودية الخاصة
هذا المسار هو الذي يمثل إسهام بدوي الأكثر أصالة. فبجانب أعماله التأسيسية مثل “مشكلة الموت” و”الزمان الوجودي”، حاول استنطاق التراث العربي الإسلامي بحثاً عن “بذور وجودية”، ووجدها بشكل خاص في التراث الصوفي عند شخصيات مثل الحلاج وابن عربي. كما يمكن اعتبار أعماله الأدبية، مثل رواية “هموم الشباب” ورسائل “الحور والنور”، تعبيراً أدبياً عن رؤاه الوجودية وتأملاته في قضايا الحب والحرية والقلق الإنساني.
هذه المشاريع الفكرية الضخمة لم تكن لتكتمل لولا رحلات بدوي الفعلية بين عواصم العالم، والتي أتاحت له الوصول إلى مصادر المعرفة المباشرة، وشكلت مسيرته المهنية خارج حدود وطنه.
4. رحلة بين العواصم: الأستاذية في المنفى الاختياري
لم تقتصر مسيرة عبد الرحمن بدوي المهنية على قاعات الدرس في مصر، بل امتدت لتشمل عدة عواصم عربية وأوروبية. كانت هذه الرحلة أشبه بمنفى اختياري، فرضته الظروف السياسية والشخصية، لكنه تحول إلى فرصة فريدة للإنتاج الفكري، حيث تركت كل محطة أثراً بالغاً في حياته وإنتاجه المعرفي.
* لبنان (1947): كانت هذه التجربة القصيرة خصبة للغاية على المستويين الأدبي والفكري. ففي بيروت، كتب مجموعته الأدبية الشهيرة “الحور والنور” التي استلهمها من تجربة عاطفية عاشها هناك. كما ألقى سلسلة من المحاضرات الهامة التي جمعها لاحقاً في كتابه “الإنسانية والوجودية في الفكر العربي”.
* سويسرا (الخمسينيات): عمل بدوي مستشاراً ثقافياً في سويسرا، وهي فترة أتاحت له فرصة ثمينة للوصول المباشر إلى المكتبات الأوروبية الكبرى، مما مكنه من تعميق أبحاثه في الفلسفة الغربية والتراث الإسلامي المخطوط.
* ليبيا (1967-1971): تعد هذه الفترة من أخصب مراحل حياته العلمية، حيث ألّف وحقق العديد من الكتب الهامة. لكنها انتهت بشكل دراماتيكي مع انطلاق ما عُرف بـ**”الثورة الثقافية”**. في خضم هذه الأحداث، تم الاشتباه في بدوي، وسُجن لفترة، وصودرت كتبه وأبحاثه. والمفارقة أن سبب الاستهداف كان خلطاً ساذجاً بين “أرسطو”، الذي كان بدوي يحقق أعماله، والفيلسوف الوجودي “سارتر” الذي كان يُنظر إليه كرمز للثقافة الغربية.
* إيران والكويت: بعد مغادرته ليبيا، وفّر له التدريس في جامعات إيران ثم الكويت استقراراً مالياً كان في أمس الحاجة إليه، خاصة بعد قوانين الإصلاح الزراعي في مصر التي قلصت من ممتلكات أسرته. هذا الاستقرار مكنه من التفرغ الكامل لمشاريعه البحثية الضخمة.
* فرنسا (الاستقرار الأخير): قضى بدوي العقود الأخيرة من حياته في باريس، حيث استقر بشكل نهائي. كانت حياته هناك روتينية ومنضبطة، ومكرسة بالكامل للبحث العلمي. كان يقضي أيامه في المكتبة الوطنية الفرنسية، منكباً على التأليف والتحقيق، واستمر على هذا المنوال حتى وفاته عام 2002.
هذه الرحلة الجغرافية الواسعة كانت انعكاساً لرحلة داخلية أكثر تعقيداً، تميزت بمواقف شخصية حادة وعلاقات إنسانية مركبة، شكلت جزءاً لا يتجزأ من هوية الفيلسوف.
5. شخصية الفيلسوف: الاعتداد بالنفس والعزوف عن الزواج
لا يمكن فهم إرث عبد الرحمن بدوي الفكري بمعزل عن شخصيته المركبة ومواقفه الحياتية التي كانت لا تقل حدة وجدلية عن أفكاره الفلسفية. لقد كان رجلاً يعيش أفكاره، وتجلت فلسفته في اختياراته الشخصية بقدر ما تجلت في كتبه.
الاعتداد بالنفس: وعي نخبوي أم غرور فكري؟
كان بدوي معتداً بنفسه إلى درجة لافتة، وهو ما كان يراه البعض ثقة بالنفس تصل إلى حد الغرور. يتجلى هذا الاعتداد في عدة مواقف، منها:
* إدراجه لنفسه ضمن الفلاسفة في “موسوعة الفلسفة” التي ألفها، حيث خصص مدخلاً عن حياته وأعماله، في خطوة غير مسبوقة.
* رفضه شبه التام للاستشهاد أو الرجوع إلى أعمال أقرانه من المفكرين والفلاسفة العرب المعاصرين، مفضلاً الرجوع إلى المصادر الغربية أو التراثية مباشرة.
العزوف عن الزواج: تكريس للفلسفة أم تقليد عريق؟
اتخذ بدوي قراراً حاسماً بالعزوف عن الزواج، وهو ما لخصه في مقولته الشهيرة “تزوجت الفلسفة”. لم يكن هذا القرار مجرد اختيار شخصي، بل كان يبرره بكونه يتبع “تقليداً فلسفياً” عريقاً، مشيراً إلى أن كبار الفلاسفة عبر التاريخ لم يتزوجوا، وأن هذا التقليد لم يكسره إلا هيجل ومن جاء بعده. كان يرى أن الانشغال الكامل بالفلسفة يتطلب تفرغاً لا تسمح به متطلبات الحياة الأسرية.
العلاقات المعقدة
كانت علاقات بدوي مع محيطه الفكري شديدة التباين، وتراوحت بين الامتنان العميق والخصومة المريرة، مما يعكس شخصية لا تعرف أنصاف الحلول:
* مصطفى عبد الرازق: علاقة امتنان وتقدير لا حدود لهما. كان يرى فيه شيخه وحاميه الذي أنقذ مسيرته الأكاديمية، وظل وفياً لذكراه طوال حياته.
* أحمد أمين: علاقة عداوة وخصومة مريرة. اتهم بدوي أحمد أمين بمحاولة عرقلة مسيرته الأكاديمية، وهو صراع ترسبت آثاره في سيرته الذاتية.
* بول كراوس: علاقة إعجاب فكري كبير بالمستشرق الذي ناقشه في الدكتوراه، رغم التحدي الذي كانت تفرضه انتماءات كراوس السياسية التي كانت محل جدل.
* تلاميذه: علاقات بدأت بالأستاذية والاحترام، لكنها تحولت لاحقاً إلى خصومات فكرية وسياسية شديدة، خاصة مع التلاميذ الذين تبنوا الفكر الماركسي، مثل فؤاد زكريا ومحمود أمين العالم، الذين أصبحوا خصومه الفكريين الأبرز.
وهكذا، فإن الصلابة التي دافع بها عن ذاته وشخصه لم تكن منفصلة عن العناد الفكري الذي كرسه للدفاع عن تراثه الحضاري، في معركة خاضها على جبهتين: شخصية ومعرفية.
6. الخاتمة: إرث عميد الفلسفة العربية
يمثل عبد الرحمن بدوي إرثاً فكرياً هائلاً ومتعدد الأبعاد، يصعب اختزاله في تخصص واحد أو رؤية أحادية. لقد كان بحق مؤسسة فكرية قائمة بذاتها، نجح عبر مسيرة امتدت لأكثر من ستين عاماً في ترك بصمة لا تُمحى على خارطة الفكر العربي الحديث. يمكن تقييم مكانته من خلال دوره كمؤسسة متكاملة، وجسر معرفي بين الفكر الأوروبي والتراث العربي، ومساهمته في تبسيط الفلسفة لجمهور أوسع، فضلاً عن كون سيرته الذاتية وثيقة فريدة تؤرخ لخمسين عاماً من تاريخ الفلسفة في العالم العربي.
ولعل أبلغ تقييم لمكانته الاستثنائية هو ذلك الذي يرى فيه الشخصية الأكثر خدمة للفلسفة العربية منذ ثمانية قرون، أي منذ وفاة ابن رشد. فهذا التقييم، وإن بدا جريئاً، يعكس حجم الإنجاز الذي حققه بدوي كمّاً وكيفاً، سواء في إحياء التراث المخطوط أو في نقل الفكر العالمي أو في تأسيس مشروعه الخاص.
في الختام، ورغم كل الجدل الذي أثارته شخصيته الحادة ومواقفه الصادمة، يظل عبد الرحمن بدوي شخصية تأسيسية لا يمكن لأي باحث أو مهتم بتاريخ الفكر العربي المعاصر أن يتجاوزها. لقد كان فيلسوفاً ومحققاً ومترجماً ومؤرخاً للفكر، ترك وراءه إرثاً سيظل مصدر إلهام ودراسة ونقاش لأجيال قادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى