نحو فلسفة عربية خاصة
نحو فلسفة عربية خاصة
طه عبد الرحمن
ونحن ـ العرب ـ نريد أن نكون أحراراً في فلسفتنا، وليس من سبيل إلى هذه الحرية إلا بأن نجتهد في إنشاء فلسفة خاصة بنا تختلف فلسفة أولئك عن الذين يسعون بشتى الدعاوى إلى أن يحولوا بيننا وبين ممارستنا لحريتنا الفكرية؛ ولا ريب أن أقرب الطرق التي توصل إلى إبداع هذه الفلسفة هو النظر في هذه الدعاوى نفسها التي يرسلونها إرسالا ويبثونها فينا بناً كما لو كانت حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ويأتي في مطلع هذه الدعاوى القول بأن الفلسفة معرفة عقلية تشمل الجميع، أفرادا كانوا أو أقواما، أي أن الفلسفة معرفة كونية .وإيماننا الراسخ بحق كل قوم في الاختلاف الفلسفي، بدءاً منا نحن العرب الذين نعترف بهذا الحق لغيرنا جعلنا نؤمن إيمانا لا يقل رسوخا بحاجة الأقوام جميعا إلى دخولها في علاقات حوارية بعضها مع بعض ؛ فالاختلاف يوجب الحوار والحوار إنما هو تواصل السؤال، فيكون – مثله – هو الخاصية الأولى للفلسفة وعلى هذا فالحوارية بين الفلسفات القومية المختلفة لا تقل دلالة على التفلسف من الحوارية داخل الفلسفة القومية الواحدة.