دراسات وبحوث معمقةفلسفة وميتافيزيقا

دراسات فلسفية في الفكر الإسلامي المعاصر لـ حسن حنفي

    دراسات فلسفية في الفكر الإسلامي المعاصر لـ حسن حنفي

 

 

 

 

“يأتي كتاب «دراسات فلسفية» ليكشف عن همٍّ مزدوج يعيشه المفكر العربي المسلم: من جهة، ضرورة إعادة النظر في التراث الإسلامي بما هو مادة معرفية قابلة للنقد والتحليل، بعيداً عن التقديس الجامد، ومن جهة أخرى، محاولة وصل الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة بالواقع العربي الراهن، حتى لا تبقى الفلسفة خطاباً مغترباً عن قضاياه.

يمثل الكتاب في شقيه تطبيقاً أولياً لمشروع حسن حنفي الكبير «التراث والتجديد”:

الجزء الأول يطرح السؤال: كيف نتعامل مع تراثنا القديم في ضوء الحاضر من دون أن نُقَيِّده في الماضي أو نُلغي حضوره؟

الجزء الثاني يثير السؤال: كيف نقرأ الفلسفة الغربية لا كمعرفة مستوردة، بل كإمكانية تحرّرية لتجاوز الاغتراب العربي الحديث؟

 

المحاور الرئيسية

 

  1. الموقف من التراث القديم (الجزء الأول)

 

التراث ليس الدين: يميّز حنفي بين الدين كإيمان حيّ، والتراث بوصفه إنتاجاً تاريخياً تراكم عبر صراعات سياسية واجتماعية وثقافية. بالتالي، لا ينبغي أن يُعامل التراث كـ«مقدس»، بل كظاهرة بشرية قابلة للنقد.

– التراث بين التقديس والنقد: في الساحة المصرية خصوصاً، رأى حنفي أن التيارات الإسلامية وظّفت التراث أيديولوجياً ضد مكتسبات الدولة المدنية، مما جعل الصراع يتحول إلى مواجهة بين مشروعين: مشروع يستند إلى الماضي، وآخر يبحث عن المستقبل.

من جمال الدين الأفغاني إلى الحاضر: يستعرض حنفي مسار الفكر الإسلامي الحديث منذ دعوة الأفغاني للإصلاح، مروراً بمحاولات محمد عبده ورشيد رضا، وصولاً إلى الفكر المعاصر، مؤكداً أن كثيراً من هذه المسارات انتهت إلى كبوة فكرية بسبب التوظيف الإيديولوجي للتراث.

– التراث والتجديد: يؤكد أن تجاوز هذه الكبوة يتطلب مشروعاً شاملاً يقوم على تجديد الفكر الإسلامي، لا بإقصاء التراث ولا بالانصياع له، بل بتحويله إلى طاقة نقدية تتفاعل مع العصر.

 

  1. الفلسفة والواقع المعاصر (الجزء الثاني):

 

– الفلسفة وسؤال النهضة: يطرح حنفي مفهوم الثورة كبنية حضارية تشمل النهضة والإصلاح والتنوير والعلم والتصنيع والتغيير الاجتماعي. أي ثورة تتجاوز الإطار السياسي إلى إعادة تشكيل الثقافة والعقل الجمعي.

– الفلسفة ابنة عصرها: يرى أن الفلسفة تَندثر عندما تنفصل عن واقعها الاجتماعي والسياسي، وتحيا عندما تعبّر عن هموم الناس. لذا، لا جدوى من فلسفة مجردة تدور في أبراجها العاجية، بل يجب أن تلامس الواقع.

– الفلسفة والاغتراب: ينتقد حنفي اتهام الفلاسفة بالاغتراب، مؤكداً أن هذا الاغتراب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة انفصال الفلسفة عن الناس.

إعادة قراءة النصوص الدينية: رغم انشغاله بالفلسفة الغربية، ظل حنفي مرتبطاً بمشروعه «التراث والتجديد»، مقدماً مثالاً على ضرورة قراءة النصوص الدينية بروح العصر، حتى لا تبقى حبيسة قوالب الماضي.

 

الخلاصة

 

يمثل كتاب «دراسات فلسفية» بشقّيه شهادة حيّة على صراع الفكر العربي بين ماضيه وتراثه من جهة، وواقعه الممزق من جهة أخرى.

في الجزء الأول، يضع حنفي قاعدة صلبة للتعامل النقدي مع التراث، رافضاً تحويله إلى صنم سياسي أو ديني، وداعياً إلى تجديده بما يخدم المستقبل.

في الجزء الثاني, يبرهن على أن الفلسفة أداة لفهم العصر وتحويله، مبيّناً أن الثورة الحقيقية تبدأ من الوعي والثقافة والفكر.

________________________

*المصدر: صفحة “سالم يفوت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى