فنون وآداب

العمارة الأندلسية.. هويةٌ عربية تُلخّص فنون العالم

 

العمارة الأندلسية..

هويةٌ عربية تُلخّص فنون العالم

 

                                                                   تيسير خلف

 

الجسر المُقنطَر المُفضي إلى قرطبة من فوق نهر الوادي الكبير

 

 

العمارة الأندلسية مثال بارز على ديناميات التفاعُل الحضاري منقطع النظير؛ فقد صهرت في بوتقتها عناصر العمارة الأموية القادمة من الشام، بما استوعبته، كما أشرنا في مقال سابق، من عناصر بيزنطية وسريانية وقبطية، مع التقاليد المحلّية في شبه الجزيرة الإيبيرية من رومانية متأخّرة وقوطية، ثم تعزّزت في فترة لاحقة بعناصر من عمارة وفنون البربر التقليدية في شمال أفريقيا، لينتُج عنها مدرسة معمارية أصيلة عاشت أكثر من عشرة قرون، وما زالت تشكّل مصدر إلهام للكثير من التجارب الفنّية والمعمارية المعاصرة.

ثمّة خلاف حول مصطلح العمارة الأندلسية بين الأكاديميات الغربية والمرجعيات العربية الإسلامية. في الغرب يستخدمون مصطلح العمارة “الموريسكية” (المغاربية)، فعلى الرغم من أنه يبدو في الظاهر وكأنه يمتلك مصداقية ما، نظراً لشيوع هذا النمط في بلدان شمال أفريقيا والأندلس، إلّا أنه يخفي في باطنه تأثيرات محاكم التفتيش والحقبة المُظلمة ممّا اصطُلح على تسميته “حرب الاسترداد” (Reconquista) القائمة على فكرة غُزاة وأصحاب أرض أصليّين. كما أن هذا المصطلح، أي “الموريسكيين”، يتجاهل اعتناق كثير من الإيبيرييّين الأوروبيِّين الإسلام، واندماجهم مع القادمين من الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا، وتكوُّن أمة أندلسية مكتملة العناصر، نقلت فنونها إلى جميع الأماكن التي حلّت فيها بعد عمليات الطَّرد التي بدأت مع سقوط قرطبة على يد فرناندو الثالث عام 1236م، وانتهت مع عمليات الترحيل النهائية في عهد فيليب الثالث التي بدأت في التاسع من نيسان/ إبريل عام 1609م.

البداية من مسجد قرطبة

أدت الحروب الدينية بين الكاثوليك والأريوسيِّين، في شبه الجزيرة الإيبيرية، إلى قبول وتسهيل الغزو الإسلامي عام 711م بقيادة طارق بن زياد، ومنذ ذلك الوقت أُطلق على هذا الإقليم اسم الأندلس، المُشتقّ من قبائل “الوندال” الجرمانية التي استطونته منذ مطلع القرن الخامس الميلادي. وبعد وصول صقر قريش عبد الرحمن الداخل (731 – 788م) إلى الأندلس عام 756م؛ بدأ عهدٌ جديد في هذه البلاد، حيث يُعدُّ مسجد قرطبة الكبير الذي بُني في العام 785م فاتحة العمارة الأندلسية، وأهم المعالم المعمارية في العالم الإسلامي قاطبة.

بُني المسجد الجامع في قرطبة على نسق مُخطّط جامع دمشق الأموي، والذي يتكوّن من قاعة صلاة وصحن تتوسطه مئذنة، كما استلهم منه قوس حدوة الحصان، ونمط البناء الأبلق ذي اللونين المتناوبين.

النسخة الأولى من المسجد كانت تتألّف من قاعة صلاة عرضها 73.5 متراً، بعمق 36.8 متر، مقسّمة إلى 11 رواقاً، بواسطة عشرة صفوف من الأقواس، يضمُّ كلٌّ منها 12 قوساً، ترتكز على أعمدة رخامية وتمتدُّ عمودياً على الجدار الخلفي. وهذه الصفوف تتألّف من طبقتَين من الأقواس؛ السفلي منها على شكل حدوة الحصان، والعليا تنقص قليلاً عن نصف دائرة، وهي تحمل سقفاً منبسطاً، يرتفع حوالي عشرة أمتار عن الأرضية، وفوقها 11 سقفاً جملونياً متوازياً، بينها أقنية عميقة مُبطّنة بالرصاص.

وتنفتح قاعة الصلاة على الصحن بواسطة 11 قوساً حدوياً، ترتكز على عضائد، ويبلغ عرض الصحن 73.21 متراً، وعمقه 60.7 متراً. وفي عهد عبد الرحمن الأوسط (792 – 852م) توسّعت مساحة المسجد، وأُضيف له المحراب والجسر المرفوع فوق الشارع الرئيس المار غربي الجامع، وكانت وظيفته انتقال الأمير من قصره إلى المسجد من دون الاضطرار للمرور بالشارع، وهذا التقليد، أي وجود طريق خاص إلى المسجد، استنّه معاوية بن أبي سفيان بعد محاولة اغتياله وبنائه قصر الخضراء.

 

أقواس مسجد قرطبة الذي بُني في عهد عبد الرحمن الداخل (Getty)

 

في عام 951م، أضاف عبد الرحمن الناصر (891 – 961م)، ثامن حكّام الدولة الأموية في الأندلس، مئذنةً جديدة في أقصى فناء الجامع من جهة الشمال، وهي على هيئة برج ضخم له شرفتان للأذان يُصعد إليها بسلّم داخلي، وهذه المئذنة لا تزال قائمة، غير أنها حُوِّلت إلى بُرج أجراس. وكانت التوسعة النهائية للمسجد في عهد محمد بن أبي عامر (938 – 1002م)، الشهير باسم المنصور الحاجب، عام 987م، حيث أصبحت مقاييسُه 125 متراً × 180 متراً، لتكون مساحته 22500 متر مربّع. ويُعدُّ مسجد قرطبة الآن النموذج الأولي للعمارة الأندلسية، وقد ظهرت فيه أكثر من غيره تأثيرات العمارة الكلاسيكة، من خلال محاكاة الأعمدة والتيجان الكورنثية.

الرصافة في قرطبة

بالإضافة إلى مسجد قرطبة الكبير؛ تذكر المصادر الأدبية أن عبد الرحمن الداخل بنى في عاصمته قرطبة مجمعاً للحُكم سمّاه “منية الرصافة”، ومنية هنا تعني الأمنية، والرغبة المرجوَّة، والمطلب الذي يُراد تحقيقه. وهذه التسمية تعكس حنينه لقصر جدّه هشام بن عبد الملك في بادية الشام، حيث قضى طفولته وشبابه. ومن أجل ذلك اعتمد فى بناء رصافته على عمّال ومهندسين من الشام أجزل لهم العطاء، بحسب المصادر التاريخية، وأشرف على عمليات البناء بنفسه؛ لتخرج “منيتُه” صورة عن رصافة هشام. ولم يبق من آثار “منية الرصافة” اليوم إلاَ جدران وحجارة، بسبب قيام السلطات الإسبانبة، مطلع القرن العشرين، ببناء سوق تجارية كبيرة في المكان، أطلقت عليها اسم “سوق الرصافة”. وقد اتّبع الأمراء الذين أتَوا بعده هذه السُّنَّة فبنى كلُّ واحد منهم قصراً خلّده الشعراء، مثل قصر الروضة، وقصر المعشوق، وقصر السرور، وقصر التاج.

وتتحدّث المصادر التاريخية والأدبية الأندلسية عن عظَمة مدينة قرطبة، في عهد الوزير محمد بن أبي عامر، فقد كانت واحدة من أعظم المدن في العالم، وكانت شوارعها مرصوفة بالحجارة ومحفوفة بأرصفة، وكانت الشوارع تُضاء طوال الليل بالمشاعل التي أُوكل بها عمّال يسهرون على بقائها متقدة. وكانت في المدينة شبكة مياه للشُّرب تزوّد البيوت والقصور بمياه الوادي الكبير الذي أُقيم عليه جسر مقنطر، يشكّل بدعة من بدائع عمارة الجسور في ذلك الوقت. إضافة إلى الحمامات العامة، والحدائق، والمتنزّهات التي تزيّنها برك المياه الرقراقة. وكدلالة على ضخامة المدينة وعدد سكّانها؛ يذكر الجغرافي الأندلسي أبو عبيد البكري (1030 – 1094م) أن عدد مساجد المدينة بلغ في حياته 491 مسجداً.

بُنيت قرطبة الإسلامية على أنقاض مدينة رومانية، وكانت تتفرّع من طريقها الرئيس شوارع فرعية عريضة تؤدّي إلى سبعة أبواب، وكلّ تفرّع كان يُفضي إلى دروب أصغر، حيث ذكرت المصادر العربية الكثير من أسمائها، مثل درب شراحيل نسبة إلى قاضي قرطبة محمد بن شراحيل، وثمة مسجد باسمه في هذا الدرب، ويرد اسم درب الزجالي نسبة إلى متنزّه الزجالي القائم قرب النهر، ودرب الفضل بن الكامل، ودرب بني الأشهب، ودرب بني فطيس، ودرب ابن زيدون. وبين هذه الدروب ساحات رحبة منها رحبة أبان، ورحبة خولان، ورحبة ابن درهمين. وهناك أسواق صغيرة في كلّ ناحية من المدينة مثل سويقة القومس، وسويقة ابن نصير، وسويقة ابن أبي سفيان.

 

مدينة الزهراء

مع إعلان الخلافة الأموية في الأندلس على يد عبد الرحمن الناصر (891م – 961م) لم تعد قرطبة مكاناً مناسباً لسكنى الخليفة، ربما بسبب اكتظاظها بنصف مليون ساكن، ولكن الثابت أنه في قراره هذا كان يسير على خطى أسلافه من الخلفاء الأمويين الذين كانوا يشيدون مُدناً ملكية خارج العاصمة.

أطلق الخليفة الجديد على مجمعه المَلكي اسم “مدينة الزهراء”، التي بدأ بناؤها خارج سور قرطبة مباشرة عام 936م، واستمرّ لعقود في عهده وعهد ابنه على المنحدرات السفلية لجبال المعدن، أو جبال الشارات بتسمية أُخرى.

من أطلال دار المُلك في الزهراء التي تعود إلى القرن العاشر الميلادي (Getty)

عمل في بناء الزهراء جيوش من العمّال المَهَرة، وأشرف عليهم خيرة المهندسِين والمعماريّين في ذلك الوقت، واشتملت مبانيها على أربعة آلاف عمود، ما بين كبير وصغير، حامل ومحمول، جُلب بعضها من روما والبعض الآخر من القسطنطينية. أما مصاريع أبوابها فكانت تزيد على خمسة عشر ألف باب، ملبّسة بالحديد والنحاس المموَّه، وجلب الرخام المستخدم في بنائها من مدن اشتُهرت بهذه المادة، فمنه ما جُلب من مدينة ألمرية، وأصناف منه جُلبت من المغرب، ومن مدينتَي صفاقس وقرطاجة في تونس، واجتهد الناصر باختيار التُّحف النادرة من الشام والقسطنطينية.

وفي هذه المرحلة تم توحيد العناصر المعمارية الأندلسية، وخصوصاً الوحدات الزخرفية المحفورة بالحجر الجيري، والمتأثّرة بزخارف قصور الأمويّين في بلاد الشام، وتم اعتماد قوس حدوة الحصان رسمياً كشكل هندسي موحّد في جميع العمائر الأندلسية. وحين زارها الرحالة الشهير الشريف الإدريسي وصف مدينة الزهراء بقوله: “مدينة عظيمة مدرّجة البُنية، مدينة فوق مدينة، سطح الثلث الأعلى يُوازي على الجزء الأوسط، وسطح الثلث الأوسط يوازي على الثلث الأسفل، وكلّ ثلث منها له سُور، فكان الجزء الأعلى منها قصوراً يقصرُ الوصف عن صفاتها، والجزء الأوسط بساتين وروضات، والجزء الثالث فيه الديار والجامع”. وقد بيّنت التنقيبات الأثرية في موقع الزهراء دقة وصف الإدريسي وخصوصاً إشارته إلى أن قصور الخلفاء كانت تقوم في القسم الأعلى من المدينة؛ بينما كانت الدُّور العامة والأسواق تقع في القسم الأدنى منها؛ بحيث تفصل بين القسمَين بساتين وروضات.

تُحف معمارية

من الأمثلة الرائعة على العمارة الأندلسية الصامدة حتى اليوم قصر الجعفرية في سرقسطة، وهو قصر بُني في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، خلال فترة حكم بني هود، وهم سلالة عربية من قبيلة جذام حكموا سرقسطة ما بين عامي 1039 و1110م، فيما سمّي بعصر ملوك الطوائف. يُحيط بالقصر سُورٌ محصّن يتخلّله فناء تشغله برك وحدائق مائية، وقاعات واسعة تُواجهها أروقة في كلا الطرفين.

وتتميّز أقواس هذا الفناء بتصميمات متقاطعة، وزخارف جصّية منحوتة بشكل معقّد. ويعدّ الجصّ المنحوت للرُّواق الجنوبي من القصر، واحداً من أعاجيب هذا الفنّ، حيث يعتمد على أشكال الأقواس البسيطة متعدّدة الأعمدة. وبجوار القاعة الشمالية للفناء هناك غرفة صغيرة مثمّنة الأضلاع فيها محراب، ويبدو أنها كانت مصلّى خاص للحاكم على الأرجح. ويُعدّ تصميم القصر وزخارفه نقلة نوعية في العمارة الأندلسية، وتطوّراً عن عمارة قرطبة في القرن العاشر.

وفي الفترة الزمنية ذاتها عام 1195م، بُني في إشبيلية مسجدٌ، تم تسجيل مئذنته المُسمّاة حالياً بـ”الخيرالدا”، في منظمة يونسكو كموقع من مواقع التراث الإنساني. وبُنيت “الخيرالدا” على يد المهندس أحمد بن باسو؛ في الفترة القصيرة التي حكم فيها الموحّدون إشبيلية، والتي صارت في عهدهم عاصمة الأندلس. ويبلغ ارتفاعها مائة وثلاثة أمتار، وظلّت المبنى الأعلى في إشبيلية لما يزيد على ثمانمائة عام.

 

 

قصر الحمراء

يمثّل مجمع قصر الحمراء في مدينة غرناطة المرحلة الأخيرة في العمارة الأندلسية التي بلغت سنّ النضج. والقصر هو حي يقع على قمة تلٍّ محصّن بُني في عهد محمد الثالث الذي حكم بين 1302 و1309م. ويتكرّر تصميم القصر في القصور الأُخرى المجاورة، حيث يحتوي على فناء وبُرج مراقبة في أحد طرفيه، يطلّ على المدينة من حافة أسوار القصر.

_________________________

*نقلاً عن موقع “العربي الجديد”.

من أحد الأفنية الداخلية في قصر الحمراء (Getty)

يتكوّن قصر الحمراء من فناء الريحان الكبير المستطيل الشكل، والذي تتوسّطه بركة مياه تظلّلها أشجار الريحان، ونُقشت في زوايا فناء الريحان عبارة “النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا أبي عبد الله أمير المؤمنين”، والآية الكريمة “وما النصر إلّا من عند الله العزيز الحكيم”. وثمة بهو السفراء الذي يلي فناء الريحان من الجهة الشمالية، وهو يُعدّ أضخم أبهاء الحمراء سعةً، ويبلغ ارتفاع قبّته 23 متراً. ولهذا البهو شكل مستطيل أبعاده 18 × 11 متراً. وفيه كان يعقد مجلس العرش، ويعلوه برج قمارش المستطيل. وهناك فناء السّرو المؤدّي إلى بهو البركة من جهة اليمين، وإلى جانبها الحمّامات الملَكية. وهناك قاعة الأختين، شرقي بهو البركة، ويؤدّي بهو السِّباع إلى قاعة الأختين من بابها الجنوبي، وقاعة بني سراج منتصف الناحية الجنوبية من بهو السباع، وقاعة الملوك شرقي بهو السباع مدخل قاعة الملوك.

ابتكارات

أضافت العمارة الأندلسية ابتكارات جديدة لفنون العمارة الإسلامية، منها القباب المضلّعة التي ظهرت في مسجد قرطبة الكبير، وشكّلت أنموذجاً لقباب المساجد اللاحقة في الأندلس والمغرب. وفي حوالي عام 1000م تمّ تطوير هذه القِباب في بناء مسجد باب المردوم بمدينة طُليطلة، حيث أصبحت القبة بثمانية مضلّعات، محاطة بثمانية قِباب أُخرى مضلّعة ذات تصميمات مختلفة.

وطوّرت العمارة الأندلسية فنّ الأرابيسك والزخارف النباتية، والتي استقتها من زخارف العمارة الأموية في بلاد الشام، وظهرت أنواع مختلفة من الزخارف المُتشابكة التي تُشبه المعيّنات بشكلٍ كبير على سطح المآذن فترة الموحّدين، وعثر على نماذج شبيهة في مباني المَرينيِّين والنصريِّين، وأصبحت في النهاية زخارف معيارية أندلسية عُرفت باسم الشبكة. يضاف إلى ذلك استخدام الخط العربي في الزخارف، وهي تقنية وجدت في العمارة العبّاسية وما تفرّع عنها من مدارس، ولكنه أخذ خصوصيته من تطوير خطّ عربي عُرف باسم الخطّ الكوفي الأندلسي الذي بلغ مرحلة الكمال في زخارف قصر الحمراء. ومن أبرز الإضافات المعمارية في العمارة الأندلسية؛ الرياض والحدائق الداخلية في القصور والمنازل، وهي ماخوذة عن الرياض المعروفة في بيوت دمشق، ولكنها تطوّرت في الأندلس كثيراً، وخصوصاً في حدائق مدينة الزهراء وقصر الحمراء في غرناطة.

شكّلت العمارة الأندلسية مصدر إلهام للعديد من المدارس المعمارية في البلدان المغاربية، وقد انتقلت تفاصيلُها وفنونها مع الأندلسيّين المطرودِين من بلادهم، وكانت العمارة بالنسبة للجيلَين الأول والثاني منهم، بمثابة هوية أندلسية ينبغي الدفاع عنها بأيّ شكل من الأشكال، ولعلّ أنموذج مسجد العرب في إسطنبول، الذي بناه أندلسيّون مهاجرون بعد سقوط غرناطة، مثال معبّر عن أهمية العمارة في الصراع الهوياتي.

* كاتب وباحث سوري فلسطيني

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى