القربان:الفضاءات القدسيَّة لجسد الأمام الحسين (ع)
القربان:الفضاءات القدسيَّة لجسد الأمام الحسين (ع)
مقاربة أنثروبولوجيَّة
د. جعفر نجم نصر
أستاذ أنثروبولوجيا الدين/الجامعة المستنصريَّة-العراق
يُجمع عدد هائل من علماء الأنثروبولوجيا لاسيما أولئك المتخصصين منهم بما يسمى بـ”البيولوجيا الاجتماعية”، على أن هنالك صلات وثيقة بين الجينات الوراثية وبين التوجهات الثقافية للأفراد، بعبارة أخرى أن هنالك تفاعلًا بين الانتخاب الجيني والانتخاب الثقافي، إذ إن الأخير تحكمه بنظرهم خيارات الناس المحدَّدة وراثيًّا (جينيًّا)، وهي المسمَّاة قوانين التخلُّق المتعاقب “The laws of successive creation” والتي تعني بنحو مختصر: أنَّ الجينات تتحكَّم في الثقافة([1]).
الجينات الوراثيَّة للإمام الحسين (ع)، والتي شكَّلت في ما بعد الخارطة الثقافيَّة لجسده، إنَّما كانت قائمة في الأصل على جيناته المتوارثة لديه أي:
من والدته السيدة فاطمة الزهراء (ع)، وهنا جينات النبيِّ (ص) بالمعنى الثقافيِّ / الأخلاقيِّ تنتقل في الكروموزومات عن طريق الأم أي (23) كروموزوم.
ومن والده الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهنا جينات الوليِّ بالمعنى الثقافيِّ / الأخلاقيِّ تنتقل في الكرومزومات عن طريق الأب أي (23) كروموزوم.
فبين (23) كروموزوم من النبوَّة (الوحي) و(23) كروموزوم من الإمامة (الوليّ)، تأتي الخصائص الوراثيَّة الكاملة للإمام، وبالتالي هي التي وجَّهت سلوكه الثقافيَّ. وكان قول النبيِّ (ص) واضحًا في تحديد مسار هذه الجينات ذات المنحى الثقافيِّ الخاصِّ عندما قال: (حسينٌ منّي (جينًا وراثيًّا)(*) وأنا من حسين (ثقافيًّا تعبيرًا)(**)([2]).
قد يسأل سائل هنا: إذا كان الأمر على هذا النحو، بمعنى أنَّ جيناته الوراثيَّة وجَّهت سلوكه الثقافيَّ على مدى عمره إلى يوم اختيار الشهادة أمام جيش السلطة، فلا فضل له في خياراته واختياراته الثقافيَّة التي اختارها أو انتخبها ثقافيًّا وميَّزته عن أبناء عصره آنذاك. لكن الحقيقة أنَّ الأمر ليس على هذا النحو الفج من الصلة العليَّة بين الانتخاب الجينيِّ (حفيد نبيّ وابن وليّ)، والانتخاب الثقافي الذي هو قول النبيِّ (ص): (الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا)، أي أنَّهما مقصد الأمَّة ووجهتها الثقافيَّة؛ لأنَّ الإمامة من الأم، أي الوجهة والقبلة، وبالتالي فهما مخيَّران في فعلهما الثقافيِّ، وإلا لو كان الإمام الحسين (ع) مجبرًا على أن يقدِّم نفسه للقتل فلا قيمة لفعله، ولكن ما دام أنَّه يمتلك الحريَّة في القيام بالإصلاح أو القعود عنه ولكنه أبى إلَّا الفعل الثقافيَّ/ الدينيَّ الأول، وكما قال (ع): (لم أخرج أشِرًا ولا بطِرًا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدي رسول الله)([3])، وهذا يعني:
وتأكيدًا للمعطى الأول، أي أنَّ الإمام الحسين (ع) لم يرتكن على الجين في فعله الثقافيِّ/ الدينيِّ هو عبادته المستمرَّة طوال عمره، حتى الليلة الأخيرة قبل استشهاده (ع)، إذ أمر أخاه العباس (ع) أن يذهب للقوم قائلًا له: (أرجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخِّرهم إلى غدوة وتدفعهم عند العشية لعلنا نصلّي لربِّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد كنتُ أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار)([4]).
يشكِّل الجسد العمود الناظم لهيكليَّة الأداء العباديِّ والروحيِّ، ولهذا ارتبط النظام الطقسيُّ الدينيُّ بنظام الأداء الجسديِّ، أكثر ممَّا هو أداء نطقي (إنشاد، تراتيل “hymnals” وابتهالات “litangs“)، وممارسة الأداء، يأتي من نظام إشارات ظاهريَّة منبعثة من قلوب مؤمنة، تؤثّر في تحريض البواطن اليقينيَّة([5]). وجسد الإمام (ع) كان في فضاءات عباديَّة هائلة، بمعنى آخر أنه لم يراوح في مكانه الجينيِّ (حفيد النبيّ وابن الوليّ)، إذ أصرَّ دائمًا على أن يكون مصداقًا فعليًّا لصلته الدائمة بالمقدَّسات أيًّا تكن أصنافها أو نماذجها؛ فهو على سبيل المثال حاله كحال أخيه الإمام الحسن (ع) لم يرتكنا إلى حديث جدّهما (ص) المشهور فيهما (ع)، والمتفق عليه لدى جمهور المسلمين عامِّهم وخاصِّهم إلا وهو: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)([6])، ولو أمعنَّا النظر في عمق هذا الحديث لوجدنا الآتي على صعيد (الجسد المقدس):
أوَّلًا: سيدا : زعماء أو قادة أو المتقدمين على كافة الموجودين في العالم الغيبي.
ثانياً: شباب : إن أجساد الصالحين تبعث شباباً في عالم البقاء والثواب.
ثالثاً: أهل الجنة : إنهما متقدمان على الجميع، في هذا العالم الغيبي الذي هو المطلب والمآل النهائي لكل حركيَّة للجسد في عالم الدنيا.
فهما (ع) عبرا بجسديهما من المقدس (التعبُّد إليه) إلى تقديسهما (عبر قربهما الشديد من المقدَّس)، وذلك من خلال نيلهما لا الفردوس، بل عبر نيلهما الزعامة الأخرويَّة، كما في نص الحديث النبويِّ؛ ولكن على أرض الواقع الأمر لم يحُل بينهم وبين دخولهم الفعليِّ في فضاءات العبادة مشتركين فيها مع سائر العابدين وإن كان لهما مكانة أرحب من الجميع في هذا المجال.
الإمام الحسين (ع) وقدسية الجسد:
ولكن السؤال المركزي هنا هو: كيف أصبح الإمام الحسين (ع) في دائرة المقدَّس لاسيما بعد حمله الخصائص الجينيَّة/ الوراثيَّة؟ بعبارة أخرى، ما هي الدلائل الدينية الرئيسة التي أهَّلت جسده(ع) ليكون جسدًا مقدَّسًا؟
في الحقيقة نحن نملك في البدء النصَّ الإلهيَّ (القرآن الكريم) ليخبرنا بالمعطى الرئيس عن قدسيَّة جسد الإمام (ع) والذي هو بالضرورة التجلّي الفعليُّ لقداسة النفس المالكة لهذا الجسد. وهذا ما أشارت إليه الرؤية العليا للمقدَّس: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [لأحزاب: ٣٣]([7]).
والرِّجس – بالكسر فالسكون – صفة من الرجاسة وهي القذارة، والقذارة هيئة في الشيء توجب التجنُّب والتنفُّر منها، وتكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير، قال الله تعالى: (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [ الأنعام: ١٤٥ ]، وبحسب باطنه – وهو الرجاسة والقذارة المعنويَّة – كالشِّرك والكفر وأثر العمل السيىء. وقال تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) [التوبة: ١٢٥]، وقال (وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) [الأنعام: ١٢٥]، وهنا يعلِّق الطباطبائي قائلًا: “وأيًّا ما كان فهو إدراك نفسانيٌّ وأثر شعوريٌّ من تعلَّق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيئ، وإذهاب الرجس،…، إزالة كلِّ هيئة خبيثة في النفس تخطئ حق الاعتقاد والعمل فتنطبق على العصمة الإلهيَّة التي هي صورة علميَّة نفسانيَّة تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد وسيئ العمل”([8]).
فنفس الإمام (ع) وجسده بموجب هذه الآية والمعاني والدلالات سيكونان على النحو الآتي:
|
|
النفس الرجس المعنوي / الداخلي
|
||||
الجسد الرجس المادي/ الخارجي
ولعلَّ عمليَّة التطهير الشاملة تلك توضح لنا عمق التشاكل بين الكينونتين (الروحيَّة – الجسديَّة)؛ وأنهُ مثلما وجد الإنسان نفسه حقيقة عقلانيَّة (بحسب مراجعات الفكر الحديث) في جوهر تكوينه، هو أيضًا حقيقة جسديَّة في جوهره وحضوريَّته، وهنا فإنَّ مقولة أرسطو (إنَّ النفس هي صورة الجسد الإنساني) لا يمكن تجزئتها، ممَّا يعني أن جسد الإنسان، هو حضور امتداديٌّ لعالمه الخارجيِّ، وأن إدراكه لقوانينه القيميَّة، هو حضور امتداديٌّ لعالمه الروحيِّ الداخليِّ، وبذلك لا يمكن البتة أن تكون حقيقة موجوديّته في داخله، وإنما في حقيقته الخارجيَّة، وأن الجسد يشكِّل الأرضيَّة الحيويَّة للحضوريَّة المتحرِّكة في المكان المشخَّص([9]).
إن هذه الحيوية المتحرّكة في المكان أو الفضاء المشخّص تأخذ أبعادًا ومديات كثيرة وهائلة، لاسيما إذا علمنا أن حضور جسد الحسين (ع) مع الأجساد الطاهرة الأخرى من أهل البيت (ع) كان ضمن مدى وأفق اجتماعي/ ديني ذي مدلول واسع ألا وهو أن يكون جسده حجةً وبرهاناً لدعوى دينية قال بها النبي (ص) والتي تمثلت في ما عرف بـ: (المباهلة) بين النبي (ص) والنصارى من أهل نجران، إذ عبَّرت الآية القرآنية الآتية عن هذه الواقعة: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران: ٦1 ).
فلما تواعدوا على المباهلة لكي يؤكد لهم النبيُّ (ص) أنهُ مرسل من الله تعالى وإن نبيَّهم عيسى (ع) بشر ليس إلا، جاء النبي وقد غدا محتضناً بالحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه، وعلي خلفها وهو يقول: إذا أنا دعوت فآمنوا، فقال أسقف نجران، يا معشر النصارى إني لأرى وجوهاً(*)، لو دعوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا([10]). فإنهم لم يباهلوا، بل بقوا على دينهم ودفعوا الجزية.
وهنا نلحظ أن جسد الحسين (ع) تحرك من:
|
فضاء الطهر (الذات) فضاء البرهان (الموضوع)
بمعنى إن عملية الخلو من الرجس المعنوي (النفس) والرجس المادي (الجسد) كان في فضاءات المقدس دليلاً وبرهاناً على حجية دعوى النبوة من جهة، وعلى حقيقة ماهية النبوة السابقة (نبوة عيسى (ع))، وبالتالي فجسد الحسين (كسائر أجساد أهل البيت (ع))، كان بمثابة الشفرة القدسية التي عرفّت بحقيقة وأحقية دعوى النبوة السابقة أو اللاحقة، وكان وجهه (ع) بحسب قول أسقف نجران الآنف ذكره: “إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله…..الخ”، بمثابة الرمز الأعلى للمقدس، لأن حقيقة الأجساد ومدارها الحقيقي هي الوجوه ودلالاتها الثقافية في المجال الاجتماعي – فما بالك هنا في المجال الديني.
وهنا نلحظ في تلك الواقعة تداخل أمرين مهمَّين (المقدّس والجسد) في فضاء رمزي يحمل تجلّياً عالياً لهذا المقدَّس، فهذا الأخير يتجلّى دوماً على أنه واقع من نظام آخر غير نظام الوقائع (الطبيعية)، لأنه شيء يغاير الشيء العادي مغايرة تامة، ومن الجائز القول هنا” إن تاريخ الأديان، من الديانات الابتدائيَّة حتى الديانات الراقية، يتألف من تراكم أحوال تجلّي المقدس، يتألف من تجلّيات الوقائع أو الحوادث المقدَّسة،….، بل ثمة دوماً الحدث السري نفسه: تجلي شيء مغاير تماماً”، تجلي واقع من غير عالمنا في مواضيع هي متكاملة مع عالمنا “الطبيعي”، عالمنا “العادي”([11]).
وإذا كان المقدّس يتجلّى في عالمنا “العادي” في كثير من معالمه الخاصة بعالم الطبيعة، فإن الجسد كان وما زال أحد تلك التجليات، وذلك بوصفه دالًّا دينياً عبر التواصل الاجتماعي مع بيئته أو محيطه الاجتماعي، وهذا ما جادلت عنه بقوة شديدة الانثروبولوجية ماري دوغلاس Mairy Doglas في كتابها “Natural Symbols” عندما أشارت إلى أن الجسد البشري الصورة الأكثر جاهزية للنظام الاجتماعي، وهي تقترح أفكاراً عنه تستجيب بشكل مباشر لأفكار دائمة عن المجتمع، إذ بحسب رأيها أن هنالك قطاعات من المجتمع تنزع أو تميل إلى تبني مقاربات للجسد وبما يستجيب لأوضاعها الاجتماعية([12]).
وهذا هو في الحقيقة الذي يدفع الإنسان الديني إلى الاستجابة لوضعه الاجتماعي ضمن سياقات ثقافية واجتماعية تفرض عليه أن ينحو منحاً خاصاً يجعل بموجبه هذا الجسد تحت الأوامر الإلهية بطريقة مباشرة “الوحي” أو غير مباشرة بما ينوب عن “الوحي” كشخص النبي أو الولي أو نصهما/ الديني/ الثقافي المتروك للجماعة الإنسانية، وذلك ليكون جسده ليس تعبيراً عن وضعه الاجتماعي بوصفه جسد “إنسان متدين” فحسب، بل وصفه جسداً متماهياً مع الكون برمته.
وهذا ما عبرت عنه تصورات مرسيا الياد حينما قال: “إن الإنسان الديني، إذ يحيا فإنه لا يحيا وحده أبداً، وإنما يحيا في كيانه جزءاً في (العالم)”([13])، وما أدل على ذلك إلا قول الإمام (ع) في دعائه المعروف بـ”دعاء عرفة”: “إلهي ترددي في الآثار يوجب بُعد المزار فاجمعني عليك بخدمةٍ توصلني إليك، كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك في الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له من حبك نصيباً، إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليك بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها،…”([14]).
وبين أن يكون جزءاً من العالم بأسره، وبينَ أن يكون العالم تعبير عن المطلق أو المقدس، فإن هذا يعبر عن التجلي المقدس في جسده (ع) من جهة، وتجلي المقدس (الله سبحانه وتعالى) له في كل شيء، إذ نجدهُ يقول (ع): “…وأنتَ الذي لا إله غيرك تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء وأنت الذي تعرفت إلي في كل شيء فرأيتك ظاهراً في كل شيء وأنت الظاهر لكل شيء…”([15]).
وفي الحقيقة أن هذا الخطاب (الدعاء) لهو خطاب عرفاني، ومن الواضح فيه أن لغة الجسد هي المستخدمة فيه، وذلك بوصفها التعبير الفعلي عن لغة الروح([16])،
ستكون أبعاد الجسد ومدياته هي الشاهد على الإيمان بالمقدس الأعلى (الله سبحانه وتعالى)، والبرهان على تمامية (العقيدة – الطقوسية)، وهذا ما عبر عنه الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة: “وأنا أشهد يا إلهي بحقيقة إيماني، وعقد عزمات يقيني، وخالص صريح توحيدي، وباطن مكنون ضميري، وعلائق مجاري نور بصري، وأسارير صفحة جبيني، وخرق مسارب نفسي، وخذاريف مارن عرنيني، ومسارب سماخ (صماخ) سمعي، وما ضمت وأطبقت عليه شفتاي، وحركات لفظ لساني، ومغرز حنك فمي وفكي، ومنابت أضراسي ومساغ مطعمي ومشربي، وحمالة أم رأسي، وبلوغ فارغ حبائل عُنقي، وما اشتمل عليه تامور صدري، وحمائل حبل وتيني، ونياط حجاب قلبي، وأفلاذ حواشي كبدي، وما حوته شراسيف أضلاعي، وحقاق مفاصلي، وقبض عواملي، وأطراف أناملي ولحمي ودمي وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومحي وعروقي وجميع جوارحي، وما انتسج على ذلك أيام رضاعي، وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي وسكوني، وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب لو عمرتها أن أؤدي شكر واحدةٍ من أنعمك ما استطعت ذلك إلا بمنك الموجب علي به شكرك أبداً جديداً…”([17]).
وهذا التفصيل الدقيق لتشكل الجسد (أيام رضاعي) وحركيته المتلازمة بين بُعدي الزمان والمكان (أقلت الأرض)، وسكونيته المستحصلة في (النوم)، إنما تجد أفقها الرحب حينما تتواصل مع المقدس (حركات ركوعي وسجودي) عبر المجال الطقسي/ الشعائري، ولكن الأصل لذلك كله هو عمليات تمثل المعتقد بـ(المقدس) والذي يتخلل (الشعور واللاشعور)، وينبسط في تدفقات الدم، ويتمدد في ثنايا الجسد، لدرجة أن يغدو المقدس متجلياً في مطعم الجسد ومشربه.
ولقد تجلت مديات هذا الجسد (المقدس)، جسد الإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء عام (61هـ)، عندما كان الجسد بالنسبة إليه مجرد أداة للتعبير عن طاقة المقدس (العبودية الكاملة) وتنفيذ إرادته (أصلاح النظام الاجتماعي) فعلاً، وهذا فحوى خطبة الامام (ع) وهو في مسيره نحو الكوفة اذ قال : (أيها الناس إن رسول الله (ص) قال من رأى سلطانا جائراً مستحلاًّ لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله)، إلا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن واظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء واحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وانا احق من غيَّر…. )([18])، حتى لو عرض نفسه للقتل، وهذا ما حدث فعلاً.
ولقد عبر الإمام (ع) عن مآلات جسده الشريف في خطبة قالها لأصحابه لما اعتزم على المضي إلى العراق: “خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخُيّر لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء…”([19]).
وفي المقاطع الأخيرة من هذه الخطبة وصف دقيق ومكثف لما سيؤول إليه جسد الإمام (ع)، وإن كان هنا هو يؤكد على حقيقة أنه مقتول لا محالة ولكن أثناء تواصله العبادي مع المقدس الأعلى (الله سبحانه وتعالى)، فأنه قد (خُيّر) أي منح الإرادة الحرة في اختيار نهاية هذا الجسد المقدس، ثم يكشف الإمام هذه الميتة المريعة (يرى) أوصال جسده، والأوصال (أجزاء بنية الجسد)، يراها تقطع على أيدي عسلان (ذئاب)([20]) الفلوات (الصحارى) بين النواويس (مقابر للنصارى)([21]) وأرض الكرب والبلاء.
ولعل تأكيدات حصول هذا المصرع كثيرة بين احاديث النبي (ص) وإردافات الإمام علي بن أبي طالب (ع) لتأكيد هذا الأمر([22]). ورؤى الإمام الحسين (ع) نفسه التي هي أشبه بأشارات التأكيد الإلهي على مصرع الإمام (ع) وبعض أهل بيته وجميع أصحابه، ففي أثناء مسيره إلى الكوفة وفي الليل: “خفق الحسين برأسه خفقة، ثم انتبه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين؛ قال ففعل ذلك مرتين أو ثلاثاً، قال: فأقبل إليه أبنهُ عليّ بن الحسين على فرس له فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين، يا أبتِ، جُعلت فداك! مِمَ حمدت الله واسترجعت؟ قال: يا بني، إني خفقتُ برأسي خفقة فعنّ لي فارس على فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم، فعلمتُ أنها أنفسنا نُعيت إلينا، قال له: يا أبتِ، لا أراك الله سوءاً، ألسنا على الحقّ! قال: بلى والذي إليه مرجع العباد؛ قال: يا أبتِ، إذاً لا نبالي؛ نموت محقين، فقال له: جزاك الله من ولدٍ خيرَ ما جَزى ولداً عن والده”([23]).
وتكرر هذا الأمر مع الإمام الحسين (ع) في اليوم التاسع من محرم وجيش عمر بن سعد متهيئ للقتال، إذ كان الإمام (ع) جالساً أمام بيته بعد صلاة العصر محتبياً بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبتيه، وسمعت أخته السيدة زينب صيحة بن سعد الذي أمر جيشه بالتقدم نحو معسكر الإمام (ع)، فدنت من أخيها، فقالت: يا أخي، ما تسمع الأصوات قد اقتربت! قال: فرفع الحسين رأسه، فقال إني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فقال لي: إنك تروح إلينا، قال: فلطمت أخته وجهها وقالت: يا ويلتا! فقال: ليس لك الويل يا أخيَّة، اسكتي رحمك الرحمن…”([24]).
فأحلام الإمام (ع) كانت بمثابة استشراف للمستقبل الآني الذي يحيط به ضمن سياقات حركة المجتمع، بعبارة أخرى أنه هذه الأحلام والرؤى كانت بمثابة الأشارات الإلهية المرسلة للإمام (ع) لبيان زمان الموت ومكانه الذي لا محيص عنه للإنسان، والأحلام والرؤى هنا تؤكد على مستقبل مسارات الجسد بنحو عام، ولعل أطروحة المفكر روجر كايوا “Roger Caillois” في كتابه “الحلم والمجتمع البشري” نجد صداها في معالم تسليم الإمام (ع) للمشيئة الإلهية المنكشفة بالحلم، إذ يقول كايوا: “في عتمة الغياهب وظلمة مغالق الطبيعة تصير “الأحلام” بمثابة الرؤى الروحية التي لا غنى للإنسان عنها، فهي بفضل مصدرها المفعم بالأسرار تحظى بسلطة تفوق قوانين الطبيعة شدة، فتسبر أغوارها وتخترق ظلماتها لذلك فإن الإلهام الذي يتمخض عن الأحلام له مهمتان: استيعاب الحدث قبل وقوعه ثم تقييده وتثبيته، فالأحلام تقر الواقع على النحو الذي سوف يتم فيه. وهكذا يجيء الحلم فيبدد غموض المستقبل ويقضي على أوهامه واحتمالاته المتعددة”([25]).
وبالتأكيد أن الرؤى الصادقة هي من نصيب المالكين لتجارب دينية عالية وعلى صلات مستمرة مع المقدس، تلك الصلات التي أساسها طهر الجسد وتعبده المستمر كحال جسد الإمام الحسين (ع)، والذي كانت الأحلام والرؤى بالنسبة إليه كلها ترميزات دينية عن مآله هو وأهل بيته وأصحابه، وهي بطبيعة الحال هنا وبنظر كارل غوستاف يونغ “تعد الرموز الجماعية أكثر أهمية من الرموز الفردية، وذلك لكونها إلهية المصدر وثمرة الوحي؛ وهي تتجلى بوضوحاً أعمق من خلال الأحلام([26])”.
وتأسيساً على ما تقدَّم كله، وكيما نجمع الفضاءات المختلفة للجسد المقدَّس (جسد الأمام (ع))، سنوضح ذلك كله عبر الترسيمة الآتية:
الزمكان المقدَّس:
لقد تحدثنا سابقاً عن مسألتي (البواعث والإشارات)، وينبغي لنا الآن الحديث عن (الزمكان المقدس)؛ إذ أن من المعروف على الأدبيات الانثروبولوجية أنها لم تستطع أن تفصل مقولة الزمان (Time) عن مقولة المكان (Space)، إذ أنهم لا يستطيعون أن يتفقوا على الأطر الإصطلاحية للزمان من دون أن يعرجوا إلى المكان، ولعل مرجع ذلك بالنسبة إليها هو أن عمليات التمثيل الجماعي للمقولات بالنسبة غلى أبناء الشعوب التي درسوها تعمد إلى إجراء عمليات التداخل والاندماج بين تلك المقولات، وذلك على اعتبار أن الهوية المميزة للزمان لا يمكن إدراكها إلا عن طريق المكان، وما يسند ذلك هو التصورات الدينية حول الكون لدى معظم الديانات”([27]).
وبغض النظر عن تلك التصورات الدينية الآنفة الذكر، فإن المعطى الواقعي يبين لنا بوضوح شديد أن الزمان لا يدرك أو يشعر به على المستوى الاجتماعي إلا عبر مكان معين تجري فيه آليات الفعل الاجتماعي، ذلك الفعل يؤشر على المعنى أو المدلول الثقافي المرصود في جدلية (الزمان والمكان)؛ ولقد مر بنا كيف إن الأمام الحسين (ع) خُير له مصرع هو لاقيه جراء حركته الإصلاحية، فهذا المصرع بطبيعة الحال هو دال (اجتماعي – ثقافي) على معالم زمانية – مكانية تتجلى في واقعة الشهادة*، التي تم اختيارها من الإمام (ع) والشهيد بحسب رأي علي شريعتي: “هو من يمنح وجوده بالكامل في عملية واحدة، ويفني نفسه من أجل تلك العقيدة، وذلك هو الهدف المقدس الذي نؤمن به وبقدسيته جميعاً، ومن الطبيعي أن تسري قدسية المعتقد والهدف بالكامل إلى الوجود الذي ضحى به الشهيد، ولهذا نلاحظ وجوده يعدم في لحظة ويتحول إلى صفر، بيد أنهُ يكتسب قيمة الهدف الذي ضحى من أجله اكتساباً مطلقاً، ويتحول إلى “قداسة” مطلقة في ذهن الأفراد وأفكارهم، لقد تحوّل الإنسان النسبي إلى إنسان مطلق؛ لأنه ما عاد إنساناً، شخصاً، أو فرداً وإنما هو فكر مقدس، لقد راح الفرد فداءً للفكر فصار فكراً([28]).
وهو بدأ طريق الشهادة في مكان مقدس (مكة) في زمان مقدس (ذي الحجة) في يوم التروية، وجهته الكوفة، فمر بأراضٍ كثيرة (التنعيم – الصفاح – الحاجر – زرود – الثعلبية – زبالة – شراف – البيضة – ذي حسم – العذيب – قصر بني مقاتل)([29])، وبكل واحدةً منها يقيم الحجة أو البرهان على طهارة جسده ونقاء نفسه عبر عباداته المستمرة، فضلاً عن خطبه وخطاباته المبينة لمغزى حراكه في هذه الجغرافيا المتنوعة، وهنا يأتي الزمان المقدس (يوم الثاني من شهر محرم سنة إحدى وستين) وتبيان معالم الأرض أو (المكان المقدس)” “وأقبل الحسين على أصحابه فقال: الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون، ثم قال: أهذه كربلاء؟، قال نعم يا ابن الرسول، فقال: هذا موضع كرب وبلاء ههنا مناخ ركبنا، ومحط رحالنا، ومقتل رجالنا، ومسفك دمائنا”([30]).
إن أرض كربلاء والتي تسمى كذلك “نينوى” وتسمى “العقر” والتي تعوذ منها الإمام (ع) عندما سمع ذلك قائلاً: “اللهم إني أعوذ بك من العقر”([31])، والعقر في لغة العرب معناه “النحر” وقيل إن العرب كانوا إذا أرادوا نحر البعير عقروه أي قطعوا إحدى قوائمه ثم نحروه، يفعل ذلك به كيلا يشرد عند النحر([32])، ولهذه المعاني بطبيعة الحال تعوذ الإمام (ع) من مسمى الموضع، أو المكان الذي نزلوا فيه. وهنا نلحظ الصلة بين (العقر) و (النحر)، والإمام (ع) تذكر في هذا الموضع حادثةً مر بها قائلاً: “ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا معه فوقف فسأل عنه، فأخبر باسمه. فقال: ها هنا محط ركابهم، وها هنا مهراق دمائهم، فسئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل محمد ينزلون ها هنا، وقبض قبضة منها فشمها، وقال: هذه والله هي الأرض التي أخبر بها جبريل رسول الله التي أقتل فيها. وقال الإمام لأصحابه: أرض كرب وبلاء، ثم قال: قفوا ولا ترحلوا منها، فها هنا والله مناخ ركابنا، وها هنا والله سفك دمائنا، وها هنا والله هلك حريمنا وها هنا والله قتل رجالنا، وها هنا والله ذبح أطفالنا، وها هنا والله تزار قبورنا وبهذه التربة وعدني جدي رسول الله ولا خلف لقوله”([33]).
وهكذا يتضح لنا معالم (الزمكان المقدس) الذي تجلى عبر حركية الجسد المقدس للإمام الحسين (ع) ومآلاته والتي كانت برمتها إشارة واضحة لتجلي المقدس في ما يعرف لدى الكثير من الديانات العالمية حسب رؤية مرسيا الياد بـ”مركز العالم” أي (كربلاء) هنا، ذلك المركز الذي يمثل الحيز المكاني للعروج نحو المقدس أو الحيز المكاني لتجلي المقدس لعابديه فيه([34]).
فبين حركة الجسد المقدس للإمام ومآلاته المعراجية نحو المقدس والمركز العالمي لتجلي المقدس (كربلاء)، تطلُ علينا معالم أنثروبولوجيا الجسد المقدس للإمام (ع) بوضوح شديد لكونها عبرت عن مجال البيولوجيا الاجتماعية من جهة، وعن المديات الثقافية من جهة أخرى، وذلك عبر إخضاعها الجسد للضوابط الدينية والتي جعلت من الجسد البشري تجليًّا فعلياً للمقدس ليس على مستوى العبادة والطقوسية العامة بل عبر تقديمها الجسد كقربان للمقدس الأعلى على أيدي عسلان الفلوات (ذئاب الصحارى) التي قطعت جسد الإمام (ع).
والقربان أو الأضحية Sacrphiece المقدمة للمقدس هي عبارة عن طقس عالمي للتقرب من هذا المقدس أو ذاك في أي ثقافة، وهو بتعبير جليبر دوران أحدى آليات الاندماج مع الزمن الغيبي للمقدس([35])، وكانت تقدم للمقدس قرابين مختلفة الأشكال وحسب البنية الثقافية لأي مجتمع؛ وهو أمر معروف في الديانة الإسلامية كما هو معلوم وذلك بوصفه أحدى أركان طقس أو شعيرة الحج على وجه التحديد.
ولكن أن يكون جسد الإمام (ع) بحد ذاته هو القربان المقدم للمقدس أمر يلفت الانتباه، وهذا ما أشارت إليه السيدة زينب (ع) بعد مقتل أخيها الإمام الحسين (ع) عندما وضعت يديها تحت جسده الطاهر وقالت: “اللهم تقبل منا هذا القربان”([36])، وهذا القول يؤكد لنا كل ما تقدم حول نشأة جسد الإمام (ع) وحركيتها (الزمكانية) ومآلاتها (المعراجية نحو المقدس)، وذلك بأن جسد الإمام (ع) كان كله لله طاعةً وامتثالاً إلى أن قدمه قرباناً ليقترب به نحوه.
الهوامش والمصادر:
([1]) ينظر: اغنر فوج، الانتخاب الثقافي، ت: شوقي جلال، الهيئة المصريَّة العامة للكتاب، القاهرة، 2008، ص44-50.
* و (**) توضيح من الباحث.
([2]) ينظر مصادر الحديث في كتاب: في رحاب أهل البيت/ للسيد محمد حسين فضل الله، دار الملاك، بيروت، ط2، 1998، ص311.
([3]) ينظر: مصادر الحديث، المصدر السابق نفسه، ص311.
([4]) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري، الجزء الثالث، مطبعة الأميرة، بيروت، ط1، 2005، ص461.
([5]) منير الحافظ، الوعي الجسدي/ الإشارات الجمالية في طقوس الخلاص الجسدي، دار النايا، دمشق، ط1، 2012، ص147.
([6]) ينظر: مصادر الحديث في كتاب: في رحاب أهل البيت، مصدر سابق، ص311.
([7]) ويثبت السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره الشهير/ الميزان في تفسير القرآن أن هذه الآية مخصوصة بأهل البيت وهم النبي (ص)، والإمام علي (ع)، والحسن والحسين (ع)، ووالدتهم السيدة فاطمة (ع) فقط، ولا تتضمن نسائه أبداً، ويدلل الطباطبائي على ذلك بمناقشة كبيرة وبمرويات كثيرة، يمكن مراجعتها في المجلد السادس عشر من تفسيره، ص309-313، عن منشورات: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط3، 1972.
([8]) محمد حسين الطباطبائي، المصدر السابق نفسه، ص312.
([9]) ينظر: منير الحافظ، الوعي الجسدي، مصدر سابق، ص165.
(*) وتعد الوجوه النورانية في أنثروبولوجيا الدين رمزاً للتماثل بين السماوي والشخص المنير، وهي أحدى علاقات المقدس، لتفاصيل أكثر حول الرموز النورانية وصلتها بالأجساد المقدسة، ينظر: كتاب: الانثروبولوجيا/ رموزها، أنساقها، أساطيرها، لـ: جليبير دروان، ت: د. مصباح الصمد، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط3، 2006، ص122-127,
([10]) ينظر: تفاصيل ذلك كله في كتاب: الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، المجلد الثالث، ص231-232.
([11]) مرسيا الياد، المقدس والعادي، ت: عادل العوا، دار التنوير، بيروت، 2009، ص51.
([12]) ينظر: تفاصيل ذلك في كتاب: الجسد والنظرية الاجتماعية لـ: كرس شلنج، ت: منى البحر، نجيب الحصادي، دار كلمة (أبو ظبي)، دار العين (القاهرة)، ط1، 2009، ص106-107.
([13]) مرسيا الياد، المصدر السابق نسفه، ص192.
([14]) عباس القمي، مفاتيح الجنان، انتشارات المكتبة الحيدرية، قم، إيران، 1382، ش، ص340-341.
([15]) المصدر السابق نفسه، ص342.
([16]) ينظر: منير الحافظ، المصدر السابق نفسه، ص52، ونحن نعارض فيما ذهب إليه بنصنا أعلاه.
([17]) عباس القمي، المصدر السابق نفسه، ص331.
[18] ابي مخنف لوط ابن يحيى الازدي الكوفي، مقتل الامام الحسين بن علي، منشورات الجمل، بيروت، بغداد، 2009، ص65-66.
([19]) ينظر مصادر هذه الخطبة لدى: أحمد حسين يعقوب، كربلاء/ الثورة والمأساة، دار الغدير، بيروت، ط1، 1997، ص183.
([20]) ينظر تفاصيل ذلك لدى: ابن منظور، لسان العرب، المجلد الثاني، طبع دار لسان العرب، بيروت، د.ت، ص779.
([21]) ينظر تفاصيل ذلك: المصدر السابق نفسه، المجلد الثالث، ص741.
([22]) ينظر تفاصيل ذلك كله لدى: أحمد حسين يعقوب، المصدر السابق نفسه، ص 184.
([23]) أبي مخنف، مقتل الإمام الحسين بن علي، مصدر سابق، ص71-72.
([24]) المصدر السابق نفسه، ص81.
([25]) أنا ماري شيمل، أحلام الخليفة/ الأحلام وتعبيرها في الثقافة الإسلامية، ت: حسام الدين جمال وآخرون، منشورات الجمل، كولونيا (ألمانيا)، بغداد، ط1، 2005، ص17.
([26]) ينظر تفاصيل ذلك: د. بسام الجمل، من الرموز إلى الرمز الديني/ بحث في المعنى والوظائف والمقاربات، دار الرؤية، القاهرة، ط1، 2011، ص44-45.
Alan Barnard and Jonathan Spencer, The Routiedge Encyclopedia of social and cultural Anthropology, second edition, New York, 2010, pp. 689-690.
* يبدو أن مفهوم الشهادة بدأ يأخذ بشكل واضح معنى الموت المقدس بعد الفتح الإسلامي لفلسطين في القرن السابع، في شكل يوازي المفهوم اليوناني “Marturos” مع ما يحمله من ازدواجية في المعنى، الشاهد والشهيد، لتفاصيل أكثر ينظر كتاب: شهداء الله الجدد لـ: فرهاد خسرو خافار، ت: جهيدة لاوند، مؤسسة المدى، بغداد، ومعهد الدراسات الاستراتيجية، بيروت، سلسلة الفكر الاجتماعي (2)، ط1، 2007، ص23-25.
([28]) د. علي شريعتي، الإمام الحسين وارث آدم، ت: علي الحسيني، دار الكتاب الإسلامي، بغداد، ط1، 2002، ص57.
([29]) ينظر تفاصيل ذلك في كتاب: مقتل الإمام الحسين بن علي- لأبي مخنف، مصدر سابق، ص55-71.
([30]) ينظر مصادر الرواية كتاب: كربلاء/ الثورة والمأساة، مصدر سابق، ص260.
([31]) الطبري، المصدر السابق نفسه، ص456.
([32]) ابن منظور، المصدر السابق نفسه، المجلد الثاني، ص837.
([33]) ينظر مصادر الرواية كتاب: كربلاء الثورة والمأساة، مصدر سابق، ص261.
([34]) ينظر تفاصيل ذلك: مرسيا الياد، صور ورموز، ت: حسيب كاسوحة، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، ط1، 1998، ص51-67.
([35]) ينظر: جليبر دوران، الانثروبولوجيا/ رموزها، أنساقها، أساطيرها، مصدر سابق، ص287-289.
([36]) لتفاصيل أكثر حول مصدر هذه الرواية، ينظر: كتاب: أضواء على ثورة الحسين للسيد محمد الصدر، دار ومكتبة البصائر، بيروت، ط1، 2010، ص-90-91.