
قيل في المنطق الحيوي :
قيل في المنطق الحيوي :
فصل يوضع في نهاية الجزء الأول أو الرابع من “قرآن القرآن” وفيه بعض ما قيل في المنطق الحيوي من قبل كبار الأخصائيين الآكادميين عالميا ومنهم : أحمد صبحي منصور , جودت سعيد , روجيه غاروديه, رينه شيرر, فرنسوا شاتليه, اولفيه كاريه, بيير تييه, جاك بيرك , حافظ الجمالي , جلال فاروق الشريف, عادل العوا..
ليقدم إلى القارئ غير المتابع , لمحة سريعة عن بعض الآراء النقدية للسيرة الحيوية التي قطعها المنطق الحيوي خلال نصف قرن من البحث والتدريس كمهج لإعادة الهندسة المعرفية للمصالح من الشكل الالكتروني إلى الشكل القرآني ..
أولا – تقرير الدكتور – أحمد صبحي منصور – وهو مؤسس وزعيم القرآنيين عالمياً [1]
1 ـ المفكر السورى د. رائق النقرى هو مؤسس مدرسة دمشق للمنطق الحيوى ، وهو فرع جديد من علم المنطق ( المنطق الحيوى ) ، أضاف به د . النقرى جديدا فى تاريخ علم المنطق ، يجعله سابقا على الفلسوف العربى ابن رشد ـ الذى انهمك فى محاولة التوفيق بين أرسطو وافلاطون ، أما رائق النقرى فقد أنشأ وابتكر علما جديدا وضع له قواعده وصاغ مصطلحاته وطبقه على الواقع مستعملا الكومبيوتر.
حتى الآن لا يزال يبشّر بهذا العلم الجديد خارج سوريا فى مصر وفرنسا وأمريكا وغيرها ، ولقد تفضل باعطاء ندوة عنه فى رواق ابن خلدون ـ حين كنت أديره فى أواخر التسعينيات من القرن الماضى ، ولقد تعارفنا وقتها ، وسعدت بمعرفته على المستوى الانسانى و المستوى الفكرى الثقافى العلمى . وأرى أنه إرهاص مبكر لعودة الحيوية للعقل العربى لتسهم فى صياغة التفكير فى عالمنا المعاصر ، كما أعتبره ضلعا رابعا يكمل المربع ليصبح (سقراط ارسطو افلاطون رائق النقرى .)
2 ـ من أسف أن مدرسة دمشق للمنطق الحيوى تجاهد لكى تجد لها متنفسا فى عصر الانحطاط العربى . فالفجوة هائلة ومرعبة بين: عقل ينتج علما جديدا فى فلسفة المنطق يتوخى مصالح عصرنا وتحدياته ، ويصعد بعلم المنطق ( العالمى ) الى آفاق جديدة ، و بين اللاعقل ، لدى الأغلبية العربية المسلمة والمسيحية وهى لا تزال مطية للرجعية الدينية السلفية الشعبية ومؤسساتها الدينية ، تجتر خرافات الانحطاط من رضاعة الكبير والتبرك ببول النبى الى ظهور السيدة مريم فى كنيسة الزيتون . يتزايد الانتاج العلمى لمدرسة دمشق للمنطق الحيوى ، ويمكن الرجوع الى رابطها على الانترنت :
www.damascusschool.com
حيث يجد المرأ حوارات تسخدم القياس الحيوي لقياس مصالح النصوص والصور والأحداث بلغة جديدة وتقنيات رياضية مبسطة وجديدة و أهمها تقنية مربع المصالح وقياس بداهة كعبة المصالح التي تختلف كليا عن مربع قضايا أرسطو.
تلخيص المنطق الحيوي بسطر واحد فقط هو امر صعب .. و لكن يحلو للنقري تلخيصه بسطر يراه كافيا لفهمه حتى من القارئ غير المختص , حيث يقول: ” المنطق الحيوي هو منطق متعدد قيم الشكل الحركي الاحتوائي الإحيائي البدهي “.
ولقد إنضم الى مدرسة دمشق لفيف من المفكرؤين العرب منهم الاستاذ جودت سعيد ود. حمزة الرستناوى. .محمد الراشد ود
3 / 1 -ولقد طالعت كتاب الدكتور الرستناوى ( أضاحى منطق الجوهر ) الذى حاول فيه تبسيط وتطبيق المنطق الحيوى بوصفه نقيض المفهوم الكلاسيكي عن الجوهر الثابت , و تنفي وجود جوهر ثابت سحري مفارق للمجتمع ,و هي نقيض مفهوم الثنائيات كالخير و الشر – الجمال و القبح- الحقيقة الوهم- المقدس و المدنس…الخ
و”الحيوية ” مفهوم يرمي إلى رؤية الكون بمختلف تشكيلاته رؤية كلية , شاملة , موحدة , على أساس صفات كونية عامة , شاملة , هي الحركية , و التجديدية , و الإبداعية , و هذه الرؤية تعني وحدة الكائنات , وفق هذه الصفات .. فأول صفة مشتركة للكائنات هو أنها ليست جوهرية , و المفهوم الحيوي يقوم على دحض و رفض كل المفاهيم الجوهرانية , سواء المادية أم الروحية التي تؤدي بالنتيجة إلى الثنائية , و لذلك فإن المفهوم الحيوي , يؤكد وحدة الكون من خلال ضرب مفهوم الجوهر الثابت , الدائم . و يمكن إيجاد جذور للمفهوم الحيوي , في كل الإرهاصات الفكرية التي أرادت إثبات وحدانية الكون , سواء في ذلك مفاهيم كالمادة أم الروح أم الوجود أم الذات أم المطلق أم المادة أم النار أم الإله أم الطوطم أم الجنس..الخ , فكل هذه المفاهيم و غيرها تتضمن نزوعا ً لإثبات الوحدانية إلا أنها جميعا ً تسقط في شرك الثنائيات , لأنها تأكيد على منطق أحادي جوهري ثابت “”( المرجع 11 في الحاشية رقم 11 من كتاب حمزة )″
ويعتمد المنطق الحيوي تقنية وحدة مربع المصالح بوصفها صيغة تقنية رياضية منطقية تحتوي أعم وأبسط اشكال وحدة مصالح تعامد بعدي الزمان والمكان فيها مولدا أربع مربعات فرعية بارقام جبرية ترمز الى مصالح متنوعة منها ( توحيد , تعاون , صراع , عزلة) كما هو في الرسم التالي:
وحدة تقنية مربع البداهة الكونية للمصالح المشتركة يتحوى كل مربع فرعي أربع مربعات اخرى تعيد انتاج مربع المصالح في مسوتى اعلى او ادني..).
3 / 2 : وكتاب الدكتور الرستناوى ( أضاحى منطق الجوهر ) يستحق التقدير، إلا اننا نحن القرآنيين نختلف معه فى خلطه بين الاسلام والمسلمين واعتبارهما كيانا واحدا .
وربما لو قام بالفصل بين الاسلام ( القرآن ) وبين المسلمين وتراثهم من أحاديث وفقه وتشريع و فكر وتاريخ ومذاهب (أو أديان أرضية كما نطلق عليها ) لكان هذا أسهل وأسرع فى الوصول الى كبد الحقيقة من خلال القرآن الذى لا مجال فيه للعوج والاختلاف ، ثم الاحتكام اليه فى أحوال المسلمين فى الماضى و الحاضر لتفسير وتعليل وفلسفة ومنطقة الاختلافات بينهم تبعا لاختلافاتهم المصلحية سياسيا ومذهبيا . بدون ذلك يقع الباحث فى الانتقاء . ولأنه هو الذى يقوم بالانتقاء فلا بد أن يقع فريسة هواه الشخصى باختيار ما يراه ملائما لبحثه ورفض أو تجاهل أو التشكيك فيما لا يراه متفقا معه ، وهذا الانتقاء يتناقض مع الموضوعية العلمية . ثم إن الانتقاء واختيار عينات ونماذج مختلطة ومختلفة تؤدى الى نتائج متناقضة لا يصح نسبتها الى الاسلام ، وومصدره الوحيد ( القرآن ) ، ولكن يجب نسبتها للمسلمين واختلافاتهم وصراعاتهم وتناقضهم مع الاسلام . عموما هو خطأ يقع فيه دائما من يخلط بين الاسلام والمسلمين معتمدا على تلك الأكذوبة القائلة بأن القرآن الكريم ( حمّال أوجه ).
4 ـ يتزايد الانتاج العلمى للمفكر العربى السورى رائق النقرى ، وقد صدرت له مؤلفات عديدة منها فى المنطق الحيوى : .
الايدلوجية الحيوية عام 1970 ، الانسان شكل 1974 ، القانون الحيوى للكون 1975، النظرية الحيوية فى المعرفة 1976 ، كلها من دمشق ، ثم من باريس : المنطق الحيوى : عقل العقل فى اربعة أجزاء 1987 ، ومن القاهرة : فقه المصالح عام 1999 ، ثم هو الآن بصدد نشر موسوعته التى يربط فيها بين القرآن والمنطق الحيوى تحت عنوان ( قرآن القرآن ) فى أربعة أجزاء . ولا تزال تحت الطبع .
ولقد أطلعت على الجزء الثانى من المجموعة ( قرآن القرآن : وقياس كعبة المصالح ). وقد أعجبنى فى التمهيد تفسيره لمصطلح القرآن بالقراءة ، وبالقرينة أو كما أسماها ( القرأنة ). ومع أنه استند الى تحليله الشخصى مع الرجوع الى مصادر التراث إلتى لا نعوّل عليها فى فهم القرآن الكريم ،إلا إننا وبمنهجنا فى فهم مصطلحات القرآن من خلال السياق القرآنى الخاص والعام نتفق معه ، فالقرآن يعنى طريقة القراءة للكتاب العزيز ، يقول جل وعلا (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) ( القيامة 17 : 18 )،
كما أن القرينة تعنى عندنا السياق القرآنى ، وبالسياق القرآنى الخاص والعام نفهم المصطلح القرآنى ونتتبع أو نتدبر موضوعه خلال آيات القرآن الكريم كلها ـ بدون نية مسبقة أو فكرة مسبقة يراد إثباتها ـ حتى لا نقع فى الهوى و الانتقاء لما نريد وتجاهل أو تاويل ما لا نهوى. يعنى هذا لمحة من الاتفاق المنهجى بيننا أهل القرآن وما يقوله د. رائق النقرى. ويتبعه لمحات فى التطبيقات .
5 ـ إلا أن الاختلاف بيننا يظل قائما ،لأنه مؤسس على خلطهم بين الاسلام والمسلمين واعتبار القرآن الكريم حمّال أوجه . وهذا ما نرفضه عقيدة ومنهجا علميا بحثيا . ومن هنا نرى الانتقاء فى عنوان الكتاب بأنها نصوص تم تطبيق المنطق الحيوى عليها ، وهو نفس عنوان كتاب د. حمزة الرستناوى ( أضاحى منطق الجوهر : تطبيق مفايسات المنطق الحيوى على عينات من الخطاب الاسلامى المعاصر ) .
أن تحقيق المصالح هو لب المنطق الحيوى ، وهنا تكمن المشكلة حين نقرأ القرآن بنظرة هذا المنطق ، ففى القرآن نوعان متناقضان من المصالح : المصالح التى نزل القرآن يدعو اليها ، وهى أهم مايقال فيه أنه ( مقاصد التشريع ) ، ثم المصالح التى يهاجمها القرآن لمن يطلق عليهم رب العزة المشركين الكافرين الظالمين المعتدين المسرفين المجرمين الطغاة البغاة ..وهى صفات انسانية انطبقت على الناس قبل وأثناء نزول القرآن ، وتظل تنطبق على الناس بعد نزول القرآن . وتلك المصالح هى أساس دعوة القرآن ،وفى مقدمتها العدل و القسط ، والقسط هو أساس انزال كل الكتب السماوية و ارسال كل الرسل ، فالمقصد هو أن : يقوم الناس بالقسط ( الحديد 25 ). وما لبث أن وقع ـ ويقع ـ المسلمون أسرى مصالحهم التى تتعارض مع القرآن وقيمة العدل وبذلك ساروا نفس سير أسلافهم . ومن هنا تكمن خطورة الخلط بينهم وبين الاسلام كما جاء فى القرآن الكريم ، لأنعكاس هذا فى الخلط بين مصالح المسلمين التى تتعارض مع مصالح القرآن .
ويزيد من تعقيد المشكلة أن المسلمين قاموا بتسويغ وتشريع مصالحهم بصنع مشروعية كاذبة لها عبر حياكة الأحاديث (النبوية ) والسيرة ( النبوية )، ثم بتحريف معانى القرآن بالتفسير والتأويل ، وتعطيل تشريعات القرآن بزعم (النسخ ) التراثى ، وبهذا تم ( إتخاذ القرآن مهجورا ) ( الفرقان )، فأصبح معزولا عن التفاعل مع حياة المسلمين ، مجرد ( مصحف ) للتبرك فى السيارة ، و(لوحة ) تزين الجدار ،أو ( قصيدة ) يتغنى بها القرّاء فى مناسبات العزاء وعلى القبور . هذا بينما الذى يتم تطبيقه فعلا هو ما يعرف بالشريعة التى يعتبرونها الاهية سماوية بينما هى مجرد اقوال فقهاء من البشر ، مؤسسة على الاختلاف فى الاصول وفى الفروع والتفصيلات بحيث لا يمكن ان تصيغ منها مادة قانونية مجمعا عليها .
هنا تكمن الأهمية الكبرى فى علم المنطق الحيوى ، لو يمم وجهه صوب القرآن الكريم وحده يحلل من خلاله المصالح الحقيقية ، ومنها ينظر الى تراث المسلمين ومذاهبهم وتشريعاتهم بالتصحيح . وبنفس القدر تكمن خطورة أن يقوم المنطق الحيوى بالخلط بين النقيضين .
6 ـ على إن الانصاف يقتضى الاعتراف بأننا نظلم د . رائق النفرى ومدرسته لو إعتبرنا هذا نقدا ومأخذا نأخذه عليه . للأسباب التالية :
6 / 1 : فهذا شىء طبيعى ومنتظر فى بداية تقعيد وتأطير أى علم جديد . ليس منتظرا من الرائد ( رائق ) ومدرسته فى هذه المرحلة سوى اكتشاف صلاحية المنهج بتطبيقه على عينات ونماذج . وظيفة الجيل التالى هى الوصول الى اكتشاف القواعد الكلية التى تنطبق على كل الحالات ، والوصول الى الاستقراء العام ، وتحديد المحترزات و الاستثناءات و الشواذ وكيفية التعامل معها، وهل لهذه الاستثناءات قواعد ثابتة أم متحركة .
أى نفس ما سار عليه اختراع ما يسمى بالنحو وقواعد اللغة العربية ، بدأ باستخلاص القواعد من نماذج من القرآن والشعر الجاهلى و نطق الأعراب الخلّص فى البوادى ثم دخل مرحلة الاستقراء والتعميم على كل كلام اللغة العربية ، بأن يظل الفاعل مرفوعا والمفعول منصوبا ..الخ ، وفى هذه المرحلة فى العصر العباسى الثانى ظهرت مشكلة ( الشذوذ ) أو الاستثناءات التى تخرج عن القاعدة بين مدرستى الكوفة والبصرة النحويتين ، وهل يتم الاعتراف بهذا الشذوذ أن يتم تأويله و عدم الاعتراف به .
هذا هو المسار الطبيعى . لا يقلل من ريادة أبى الأسود الدؤلى أن الخليل بن أحمد الفراهيدى اكتشف وتعمق أكثر منه ،بل يظل أبو الأسود الدؤلى رائدا للخليل ، كما لا يضير الخليل بن أحمد ان يسجل تلميذه سيبويه فى (الكتاب ) ما لم يقله استاذه الخليل ..وهكذا ..وبالتالى لا يضير رائق أن يأتى تلاميذه من بعده بجديد لم يعرفه ، بل أقطع أن هذا ما يتمناه رائق فى ضوء ما لمسته فيه من محبة للحقيقة وسعى لها .
6 / 2 : إتجه رائق ومدرسته الى تطبيق المنطق الحيوى فى مجالات عدة ، أهمها الاسلام والمسلمين والقرآن ، من خلال مقايسة منطقية ترجع اساسا الى الجوهر وهو المنطق ، وتأخذ من ميادين الحياة والفكر تجليات للتطبيق . وموضوع الاسلام له خصوصية وحساسية ، لا يمكن فى ضوئها إرضاء جميع الأطراف من مذاهب وملل ونحل . من هنا يحرص على ان يدخل الى موضوع القرآن بعيدا عن المعالجة الدينية كأى شيخ ، ولكن كمشتغل بعلم المنطق . ولسنا هنا فى مجال التمحيص والنقاش فى ماهية وجدوى هذا الطرح ولكن نرى فيه مخرجا ذكيا للخروج من تلاليب الصراعات المذهبية والطائفية للمشتغلين فى الحقل (الاسلامى ) على المستويات الفكرية والسياسية والاجتماعية . من هنا نفهم حاجته للانتقاء والاختيار ، مع عدم التعمق بل ـ عدم الدخول ـ فى الخلافات والمسائل الخلافية . بل إنه يعتمد أحيانا مصطلحات التراث ومقولاته التى ترضى الأغلبية تجنبا للمشاكل ، ولا ترضينا نحن أهل القرآن ـ مثل مقولة ( القرآن حمّال أوجه ).
6 / 3 : ولأنه عالم منطق أساسا ، وقد اتخذ من الاسلاميات وقراءة القرآن ميدانا له يقايسه بالمنطق الحيوى فمن الظلم له أن نطالبه نحن ـ أهل القرآن ـ باتباع مناهجنا فى البحث القرآنى . ليس فقط لأنه فى مرحلة الريادة وتجربة التطبيق للمقايسات ، وليس فقط لأن مناهجنا تعبر عن أقلية الأقلية بالنسبة لعدد القرآنيين فى مواجهة الأغلبية الكاثرة والمتنفذة ، ولكن لسبب أهم ، وهو أنه فى هذه المرحلة من الريادة فى تاسيس علم المنطق الحيوى يكون صعبا ومرهقا التعمق فى فهم وتطبيق مناهج البحث القرآنى التى يسير عليها أهل القرآن ، والتى على أساسها تم نشر المئات من أبحاثهم .
وحتى نعطى فكرة سريعة عن منهج القرآنيين البحثى فهم يضعون فاصلا بين الاسلام ( القرآن ) والمسلمين ، ولهم منهجهم فى فهم القرآن كما أن لهم مناهجهم فى فهم واستيعاب وتحليل تراث المسلمين السنى و الشيعى و الصوفى . وبالنسبة للبحث القرآنى فهناك منهج عام يتم به تحديد مفاهيم المصطلح القرآنى فى السياق العام والسياق الخاص ، وتدبر الموضوع بدون وجهة نظر مسبقة فى كل آيات القرآن الكريم ، ثم هناك مناهج قرآنية خاصة فى التعامل مع العبادات و التشريعات والحلال والحرام والتأويل والتفصيل والبيان والتكرار القرآنى والمحكم و المتشابه و فى القصص القرآنى ..الخ .
ليس من المنتظر من رواد المنطق الحيوى فى مرحلة التأسيس الدخول فى تلك التعقيدات المنهجية وتطبيقها قرآنيا للوصول الى استقراء عام تنتهى به مرحلة الانتقاء . يكون هذا مطلبا هاما فى المرحلة التالية .
7 ـ وهذا يطرح مسألتين فى غاية الأهمية :
7 / 1 : ضرورة التعاون بين المدرستين القرآنية والحيوى/ منطقية . مدرسة المنطق الحيوى ممكن ان تستفيد من مناهج القرآنيين فى توطيد دعائم المنهج الحيوى وبلوغه مرحلة التقعيد العام والخروج سريعا من مرحلة الريادة والانتقاء . وأهل القرآن محتاجون الى المنطق الحيوى ليعطيهم مستوى جديدا من الفهم القرآنى يؤكد إدعاءهم بأنهم مهما بلغت اكتشافاتهم القرآنية فلا يزالون على ساحل البحث فى محيط المعرفة القرآنية . ثم إن مناهج البحث هى أساسا من ابتداع علم المنطق ، ولذا فهو ثقافة ضرورية لأى باحث قرآنى جاد ، خصوصا ونحن فى عصر التكنولوجيا ، أو التطبيق العلمى للمعلومات النظرية ، والمنطق الحيوى بما فيه من فقه المصالح هو خير معين وأفضل ما يعبر عن مرحلة التنكولوجيا المعرفية هذه .
7 / 2 : الخوف من توقف مدرسة دمشق عند مرحلة الريادة ، دون تكوين جيل جديد يبنى عليها ويصل الى عمومية الاستقراء والتقعيد . يعزز هذا الخوف تسيد اللاوعى عند المسلمين ، وتسيد السطحية والخرافة الدينية والسلفية الوهابية الكارهة أساسا لعلم المنطق ،بل التى تكره الأشعرى (السنى ) لأنه استعمل بعض عقله ، وتكره أكثر المعتزلة الذين خرج عليهم أبو الحسن الأشعرى . هذه الأغلبية الديماجوجية الغوغائية من الحنابلة و وعاظ القبور هم المتحكمون فى الحياة العقلية والدينية للمسلمين ، يتسللون اليهم عبر الفضائيات و الاذاعات والاعلام والثقافة ومناهج التعليم و ميكروفونات المساجد ، وجلسات النوادى و المصاطب . فى هذا الجو الخانق يمكن كتم الشعاع النابض من مدرسة دمشق لو لم تتطور وتتلاحم مع المدارس العقلية التنويرية الأخرى ، وعلى رأسها أهل القرآن .
فى تاريخ المسلمين الفكرى لنا نموذجان :
نموذج النمو والتطور ، كما حدث فى علوم النحو والصرف واللغة والبلاغة . بدأ الأوائل ثم جاءت أجيال تطور بها العلم ونما وتقعدت قواعده .
نموذج الرواد فقط ، حيث جنح اللاحقون الى التوقف عند عمل الرواد دون إضافة فعلية ،بل مجرد الشرح و التلخيص والتلفيق ، حدث هذا مع الفقه والحديث ، فمن جاء بعد الرواد الأوائل كانوا مجرد تلامذة خاملين غير مبدعين ، لذا تحول أولئك الرواد الى (أئمة ) مقدسين وليس علماء مجتهدين .واستمر هذا حتى اليوم .
انتقلت هذه المحنة الى علوم غير دينية ، تقاعس فيها اللاحقون عن البناء على فكر الرواد فظل الرواد فى القمة يعانون الوحدة والبرودة ، فالخليل بن احمد اخترع علم العروض ، والخوارزمى اخترع علم الجبر وابن خلدون اخترع علم ( العمران ) أو الاجتماع ، والبقاعى اخترع علم المناسبة فى فهم السياق القرآنى . ولم يأت من علماء المسلمين من يبنى على إبداع أولئك الرواد .
لذا تكون ضرورة حتمية ذلك التلاحم بين المدرستين القرآنية والمنطق / حيوية ، أملا فى التطور والتعمق تحقيقا لمصلحة الاسلام والمسلمين .
– See more at: http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:bAzKJqAI8tYJ:www.ahewar.org/debat/show.art.asp%3Faid%3D223697+&cd=1&hl=en&ct=clnk&client=opera#sthash.nbpkyqoh.dpuf
ثانيا : الفقيه الحيوي جودت سعيد زعيم التيار الإسلامي السلمي عالميا ([2]) :
“المنطق الحيوي روح الله “
تعرفت على الفقيه الحيوي جودت سعيد في القنيطرة حيث كان الصديق علي علي يعمل كمدير للدفاع المدني , وقد بهرتني شخصيته التي تجمع العمل الزراعي مع العمل الفكري الإسلامي على مستوى عالمي , وكانت تدور بيننا في كل لقاء حوارات غنية جداً تخللها قراءة كتاب : “المنطق الحيوي عقل العقل ” , ولكون رأي الفقيه جودت سعيد هام جداً جداً في دعم السيرة الحيوية كإتشاف للدين الحيوي العالمي الفطري , فإنني سأضع تعليقين له الأول يتعلق بأربعة مجلدات -عقل العقل – والثاني يتعلق بأربعة مجلدات “قرآن القرآن “.. لتعطي القارئ فكرة عن رأيه بالكتب المذكورة .
* إلى الإنسان الحيوي الدكتور رائق النقري:
السلام عليكم ورحمة الله،
وبعد.. قرأت مداخلتك في ندوة المعهد العالمي وقرأت الأجزاء الأربعة من كتاب المنطق الحيوي والتقيت بالسيد (أبو عقيبة)([3]) وتحدثت إليه وحدثتني ابنة أختي “عفراء” التي زارتكم في منزلكم في واشنطن وكما قال السيد روجيه غاروديه إنك تقرأ العالم بدون عيون الموتى.
إن هذه العبارة في ظاهرها جميل وتحوي كثيراً من الواقع، ولكن ليس كل الواقع، بدون الموتى نحن صفر مهما كانت إمكاناتنا حادة وحيوية، إن قراءتك للموتى والأحياء هي التي جعلت منك ما أنت عليه، والإنسان لا يمكن أن يتجاوز معطيات بيئته إلا إلى قدر محدود فكل من استطاع أن يضيف شيئاً جديداً فقد حطم الرقم القياسي وقد حطمتَّ أرقاماً كثيرة ولمسافات كبيرة حياك الله.
والأخ أبو عقبة رغب أن أكتب شيئاً من انطباعاتي بعد ما قرأت ما كتبت وسمعت شريط حصاد الأسبوع. ما أدري لماذا تمنيتُ أن تكونَ في بلدك وأن تكون لك صلة حيوية مع كل العقول، لا مانع من رؤية العالم وحضوره ولكن المركز هنا، وقد قلت لم لا تكون اليقظة من سوريا. هذا الذي بدأت به شيء رائع ورائق، الحاسبات تصنف بأجيال ولو أننا صنفنا الفكر لكنت تمثل جيلاً متطوراً جداً، إلا أن المنطق الحيوي لا يقف عند حدود فهو في تصاعد مستمر، والحيوي في شبابه يضطر أن يكون صلباً في حيويته وأفكاره، وأظن أن معاناة الحياة تجعل الإنسان أرق وأرأف من غير أن يفقد شيئاً من عمقه في الفهم وفعاليته في التعبير، وإني آمل أن ترفد الفكر بقوة، وليس كل الناس قادرين على توليد الرؤى الجديدة والتحليلات العميقة فنتمنى لك استمراراً في العطاء والإبداع، كما أتمنى أن يتيسر لي أن أدعمك لنتعاون على البر والقسط ونتعاون على ترك العدوان. وأنا ابتليت بلوثة شديدة ضد العنف حتى على المعتدي، وأراني أطلب من أعماق قلبي أن ننبذ حلول العنف في العالم العربي والإسلامي وسائر المستضعفين وكل الذين اقتنعوا على نبذ العنف بقناعة كأسلوب لحل المشكلات يمكن أن نتعاون معهم إلى أقصى الحدود دون أن نسأل عن قوميته ودينه وأراني أشعر بأني منسجم مع ذاتي ونظام الوجود في هذه الدعوة ولا أطلب عقيدة جديدة ولا مذهباً، ولحل مشكلة العرب والمسلمين أعرض فكرة طوباوية بديلاً عن واقعنا إننا ندين كل من يحاول أن يحل مشكلات ما بين العرب بالعنف إذ بهذا يكون باع قضيته لأشد خصومه، وبدلاً عن ذلك نطلب بديلاً لا يخسر به أحد من البلدان والزعماء شيئاً لا مالاً ولا حدوداً ولا زعامة ويريح الجميع حين نؤمن بعضنا على بعض والعالم الغربي الذي دمر نفسه بحربين عالميتين في هذا القرن يفعل هذا من غير أن يخسر واحد منهم شيئاً بل يريح الجميع وهذا يمكننا أن نفعله أيضاً.. ولكن قبل أن نفعل ذلك ينبغي أن نبشر به الشعوب التي لا ترى حلاً للوحدة إلا بالعنف ينبغي أن ندعو إلى هذا بصدق وأظن أن الشعوب ستخرج من بيتها وغرفها حين تتخلص من عقيدة الحل بالقتل وإني أشبه اللا شعور المخبأ عند المثقفين بالطبيب الذي لا يجد حلاً للمريض إلا بقتله ويئس الطبيب المداوي الذي ليس عنده بديلاً إلا القتل.
فهل يمكن أن نستخدم عبقريتك وتفيدني في هذا الموضوع. إن أينشتاين وضع معادلة المادة والطاقة فكيف نعبر بالمنطق الحيوي في المستوى الإنساني بمعادلة؟! إن المسيح كان يقول في الإنجيل: “أيها المتعبون في العالم هلموا إلي تعالوا إن نيرى خفيف” وفي القرآن أنه يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.
إننا نحمل روح الإجرام.. ومن يحمل روح الإجرام لا يهنأ له بال ولا يرتاح له نفس، حتى نزيل من أنفسنا أننا يمكن أن نحل المشكلات بالعنف فإذا أخرجنا من قلوبنا أن نفرح بقتل أحد ستفتح طرق لا نهائية للحلول.
إن العالم دخل عهداً جديداً فعالم الكبار لا يمكن أن يتقاتلوا، السوفيت سقط بدون قتال وهو يملك ما يمكن أن يدمر به الأرض، واليابان صعد إلى القمة، ولعلك قرأت كتاب شينتارو إيشيمارا “اليابان البلد الذي يستطيع أن يقول لا” وعالم الصغار إذا أرادوا أن يحلوا مشكلاتهم بالعنف فمصيرهم مصير العراق وإيران.
قال محمد بن عبد الله للعرب كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم “اتركوا شريعة الغاب” من قبل لا إكراه في الذين فقد دخل في الإسلام السياسي له ما لنا وعليه ما علينا وإن لم يقبل في عقيدتنا في الله واليوم الآخر إنني أدعو إلى مذهب ابن آدم الأول الذي قال: لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك.. والقنبلة النووية تشهد بصدق هذه الفكرة.. تأمل إن العرب خلال عقدين أنفقوا على التسلح ألف مليار دولار!! ألسنا نحن المثقفين المسؤولين عن هذا؟ إن المشكلة ليست في السياسيين، إن السياسي حفيد المثقف، نحن الذي نصنع السياسي.. لا أدري هل أطلت الحديث معك.. ولكن إنني معك في كل المنطق الحيوي إذا أبعد عنه العنف.. هذا البند الوحيد الذي أريده بإصرار.
فهل لهذه الفكرة مكان في المنطق الحيوي؟؟ أظن ذلك.. متى وكيف تصير بلادنا ليس لها لاجئين سياسيين؟ كيف نحن نجعل أنفسنا غير مضطرين أن نكون لاجئين سياسيين؟ اعتقد بإمكان حل المشكلات من طرف واحد، نحن الذين نضع قوانين اللعبة، الآخر هو وشأنه.
إن الفرق بين حضارة الغرب ودعوة الأنبياء في الشرق، أن حضارة الغرب تجيز حسب حقوق الإنسان وتقرير المصير أن تضع حكوماتها بالعنف. ولكن الأنبياء حرموا أن يصنعوا جهاز القرار بالعنف بل حرموا الدفاع عن النفس ونجحوا أيضاً. هذه مفارقة. هذا يحتاج إلى تأمل وبعد العالم عن هذا هو الذي يجعل للكفاح مبررات.
وبعد إن الحب هو فرق الجهد وفضل القيمة. هل كان المسيح يطلب مستحيلاً حين قال:أحبوا أعداءكم؟ وهل القرآن يقول الحق حين قال: ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم؟ وهل ابن عربي زنديقاً حين قال:
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي * * إذا لم ديني إلى دينه داني
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة * * ………………………
أدين بدين الحب أني توجهت * * ركائبه فالحب ديني وإيماني
هل أنت محب؟ إنك إذن حيوي.. إذن أنت موجود..
جودت سعيد
دمشق –ص ب: ب5016
“المنطق الحيوي روح الله”
- رسالة تعقيبة من الفقيه الحيوي جودت[4] سعيد 27-3-2008م , على موسوعة: قرأنة المنطق الحيوي والأجزاء المعنونة ب: ” قرآن القرآن ” كعبة المصالح
الأخ رائق حياك الله
اطلعت –بفرح , ودهشة- على باكورة “موسوعة قرأنة المنطق الحيوي” وبخاصة الأجزاء الثلاث المتعلقة, ب: ” قرأن القرآن” و تمهيدات كتاب “كعبة المصالح ” وكان بودي كتابة مقال يليق, بمستوى ما قرأته وتمعنت فيه , ما يزيد عن الشهر ونصف..! وما أزال ..؟ وعلى الرغم من كوني أخذت ملاحظات للتعليق, بما يزيد عن 16 صفحة .. فأنني أشعر, أنني ما زلت , بحاجة, إلى مزيد, من القراءة النقدية .. أرجو , من الله أن يعطيني الهمة …
ولكن , إلى تصدر الكتب , وتصبح متاحة للجميع , إليك بعض الخواطر, التي ولدتها قراءة تلك الكتب, في نفسي.. ومن ثم سأحاول- بإيجاز- قرءها , وقرأتنها من خلال خلفيتي الإسلامية , التي عرفني العالم بها .. منذ أكثر من أربعين عاما..
أولا : مع أن التجديد هو سنة الحياة , ومع أن الحياة لم تبدأ معنا , ولن تنتهي عندنا .. فإن ما قرأته هو أمر جديد كل الجدة , وأصيل الأصالة …وهو مما كنت طوال حياتي أتمنى قراء ته , وأحب رؤيته منتشرا, بين الناس ..لنستعيد حيويتنا الاسلامية..
ثانيا: ما قرأته , في هذه الكتب , هو امتداد, لما سبق, و قرآته في “المنطق الحيوي عقل العقل ” بمجلداته الأربعة , والتي رأيت– مجددا- فيها دقة , وصواب , وأهمية وصف المفكر الكبير “روجيه غارودي“للمنطق الحيوي, وتحيته إليك بوصفك ممن “لا يقرأالعالم بأعين الموتى” .. وهو أمر يتجدد أيضا , وأنني أعجبت , وتعجبت! كيف أمكنك أن تقدم” قرآن القرآن” دون الحاجة, إلى العودة , إلى أي من كتب التراث الميتة , التي فتحت الأبواب للعنصرية الطائفية, باسم تفسير القرآن؟ والحديث..؟ وأعجبت أكثر , وتعجبت! كيف يقدم المنطق الحيوي كنوز القرآن, إلى عامة القراء .. بحيث , لا يستطيع – حتى – أعداء الإسلام, إلا الإقرار ببداهته الكونية..
ثالثا: مع كونك , سبق وأشرت لي, في لقائي معك في واشنطن عام 1998 عما تبحثه وتدرسه من تطبيقات رياضية وكومبيوترية للمنطق الحيوي , باستخدام تقنية وحدة مربع المصالح .. فإن, تلك الإشارات بقيت غير واضحة تماما لي, حتى بعد الاطلاع عليها, في إطار قياس مكعب المصالح .. ولكني فهمت آفاقه , و دلالاته .. بوصفه يراهن , على البرهان, والإقناع .. استنادا , إلى المصالح المشتركة للبداهة الكونية ..
رابعا : أحييك على جرأتك, وطريقة عرضك, التي توقظ النيام .. ؟؟
نعم , وأشد على يديك .. كفانا , وكفا الفكر الإسلامي سياسة : ” لا توقظ نائما , ولا تزعج مستيقظا.. ” التي لم تنتج , غير تكريس الانحطاط..
وأحي طريقتك, في العصف الفكري..للتمهيد لموضوعاتك ..و التي سبق لك استخدامها للتمهيد لمفهوم “الشكل الحيوي” بعاصفة من التساؤلات المفتوحة ؟؟ الفكر العربي في مقدمة كتابك “فقه المصالح“.. فنحن علينا إيقاظ النائمين.. وليس دفعهم إلى الموت, وهم أحياء.. و هو أمر سبق لي أن دفعت ثمنه كما تعلم عندما رفضت متابعة كتابة مقالاتي الأسبوعية, في مجلة “المجلة” اللندنية .. إذا لم يتحملوا مسؤولية نشر , ما يرج العقول, ويحركها .. لرؤية “الأنفس, والآفاق” كما هي ..! وليس كما نحب.. ونتوهم ..؟؟
ولذلك أعجبني اشد الإعجاب تساؤلات عصف ” الآيوستريم ” لإدخال فكرة السببية التي ينطقها القرآن , ويراهن على سلطان بداهتها .. ولكنها تكاد تغيب في واقعنا وعقولنا..
خامسا: أعرف أن المدخل الأفضل, في المنطق الحيوي هو التربيع , والمربعات , والمكعبات.. بوصفها طريقة هندسية لقياس المصالح .. وأعرف أنك ترى المنطق الحيوي, في كل التراثات , والعقائد , والأديان والمجتمعات.. ولكني لا أعرف , إلى أي مدى يمكن لباحث , و هو يطرق الثمانينات , من عمره ؟ أن يطوعها ! لتقديم فهمه للقرآن , والإسلام , باستخدام هذه الهندسة المعرفية الحيوية ..
إذ , و مع شعوري بالحاجة , إلى مزيد من الوقت , فإنني سأحاول .. عل ذلك يعيد إنتاج الحيوية الإسلامية , بلغة لا تقل وضوحا وبداهة عن “قرآن القرآن “…. ولكنها تبسط الغاية, وتوصلها بعدة صفحات فقط .؟؟ ولا أقول تغني عن قراءة مجلداته ..
بداية إذا أردنا تصنيف مواضيع القرآن بحسب مربع المصالح فإنه يمكننا اختزالها في أربع كلمات هي :
- الله , 2- اليوم الآخر) من عالم الغيب
- (3- الكون, 4- الإنسان) من عالم الشهادة ,
- وعالم الشهادة هو دليل عالم الغيب والعلاقة بين الكلمات الأربع محكمة
يقول الله في كتابه :
- “هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ” [آل عمران : 7].
ويمكن تصنيف مواضيع القرآن بحسب فهمي لمربع المصالح على الشكل التالي:
- تعبير” ألله ” يمثل مصالح “مربع التوحيد” لكونه يمثل :
- الانفتاح والاحتواء الحي ..
- الإيقاع الأعلى , الخالق , القيوم , المحيط..
- تعبير ” الكون” فيمكن وصفه بكونه يمثل مصالح “مربع التعاون ” لكون الكون هو مجال الاستخلاف البشري يعمره , أو يدمره
- تعبير ” اليوم الآخر” يمثل مصالح “مربع الصراع ” ليس لكونه فقط يمثل فكرة صراعية .. ويختلف حوله الناس .. بل لكونه يقوم على فكرة الحساب والمحاسبة … وفي الامتحان يكرم المرء , أو يهان..؟؟
- تعبير “الإنسان” يمثل مصالح “مربع العزلة” لكونه أساس الوجود النفسي الفردي .. “ {لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ }إبراهيم51” ولكونه يستطيع الوحدة والاتحاد والتعاون , والصراع من واقع الحياة الفردية المحدودة, والمحددة {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }العنكبوت57
الله | اليوم الآخر |
الكون | الإنسان |
وأني أرى سورة الفاتحة , من أهم السور القرآنية, لكونها تصلح أن تكون معبرا يصلح لتمثيل المصالح القرآنية باختصار, و وضوح .. وسأحاول تقديمها من خلال مربع المصالح , على نحو أولي قابل للمراجعة .. والتدقيق على الشكل التالي:
الله رب العالمين | يوم الدين |
الآفاق | الأنفس |
ولكن , بعد هذا القرء , و الإقراء , والاستقراء البصري السريع , و المماثلة وفق دلالات مفهوم ” قرأنة المنطق الحيوي” فإنني أعرف انك – أيها الأخ رائق- لا تقدم مربع المصالح, وكعبتها .. بوصفها مقدسات .. بل مجرد رياضيات , وتقنيات تسخرها لهندسة وإدارة وتسويق المعرفة .. وهي ليست الأولى .. و لن تكون الأخيرة.. في ما سخره الله للإنسان لتحوي مصالحه .. من “القلم” الذي “علم” به “الإنسان ما لم يعلم” .. إلى الشمس والقمر ..الخ كلها مسخرة للإنسان , ومنها: اللغات , والرياضيات , والصيغ المنطقية ..بوصفها أدوات لاستخلاف الإنسان .. وهندسة , وإدارة الأنفس وألافاق..
فالقرآن, يتحدث , عن الله أنه خالق كل شيء وأنه خلق السماوات والأرض بالحق، ويخاطب الله الإنسان ويقول:
- “وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الجاثية : 13]
1ـ أمر الله الإنسان أن ينظر في خلق السماوات والأرض وسلسلة المعرفة في القرآن يبدأ بالأمر بالنظر إلى ما في السماوات وما في الأرض.
2ـ أمر أن يتفكروا في خلق السماوات والأرض وقال عن الذين يفتكرون في خلق السماوات والأرض أنهم يقولون ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك.
3ـ لما ينظر الإنسان في السماوات والأرض ويتفكر فيها يكشف الإنسان قوانين التسخير، فيربط الأسباب بالنتائج فهذا ما يسميه القرآن “إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون” والعقل هو ربط الأسباب بالنتائج.
1ـ أنظر
2ـ تفكر
3ـ إعقل
4ـ تذكر
يعني لما تنظر وتتفكر وتربط الأسباب بالنتائج يتسخر لك كل ما في السماوات والأرض.
وإذا نظرت وتفكرت وعقلت ثم إذا لم تتذكر التسلسل ونسيت ولم تتذكر لن يتسخر لك ولكن إذا جمعت مع النظر والتفكر والتعقل والتذكر تحصل على التسخير.
5ـ والتسخير خدمة من غير أجر، وهو التقوى أي دفع النقم وجلب النعم، وهناك يتولد لديك الشكر والحمد على النعم، وإذا عقل الإنسان قانون التسخير فسيثبت هذا التسخير حتى يكشف الإنسان تسخيراً أفضل، وهنا يظهر التقدم المستمر إلى الأفضل ويظهر قانون النسخ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها. قانون النسخ ساري المفعول كلما جاء الأفضل نسخ الأقل فضلاً ويتحقق سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ويعقلون ويتذكرون ويزيد في خلق التسخير المستمر والزيادة المستمرة.
وأنت يا سيد نقري الرائق العبقري نقلت عن ابن خلدون في صـ3 من الجزء الثالث ما يلي: يقول ابن خلدون: العقل ميزان صحيح فأحكامه يقينية لا كذب فيها غير أنك لا تطمع أن تزن به أمور: “التوحيد والآخرة وحقيقة النبوة وحقيقة الصفات الإلهية” وكل ما وراء طوره فإن ذلك طمع في محال… لكن للعقل حداً يقف عنده لا يتعدى طوره حتى يكون له أن يحيط بالله وبصفاته، فإنه ذرة من ذرات الوجود الحاصل منه.. وإذا تبين ذلك فلعل الأسباب إذا تجاوز تسامي الارتقاء نطاق إدراكنا ووجودنا خرجت عن أن تكون مدركة فيضل العقل في بيداء الأوهام ويحار وينقطع”.
وأنا فكرت في العقل والعلم لأن العقل والعلم محترم عند العالم الذي نعيش فيه فأردت أن أكتب كتاباً عن العقل والعلم فلما تفكرت فيه ملياً وجدت أنه لا عقل ولا علم إلا بالقراءة، فسميت الكتاب (إقرأ) وربك الأكرم. بالقراءة تحصل على علم الأولين وعقولهم.
وفي ذلك الكتاب قلت لا علاقة بين السبب والنتيجة عقلاً وإنما يصير الموضوع علماً وعقلاً بمشاهدة ارتباط الأسباب بالعواقب فالأمر مشاهدة العواقب والله آمرنا بالنظر إلى العواقب وهذا مشاهد بالعين ما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وهل يهلك إلا الظالمون ونحن لما نرى ارتباط الهلاك في الدنيا بالظلم هذا مشاهد بالعين نحن نؤمن بالغيب ولكن دليلنا من عالم الشهادة في هلاك الأمم التي لا تقبل العدل بين الناس ولهذا لم يطلب من الناس الإيمان بالله واليوم الآخر الذي هو غيب ولكن طلب منهم أن يقبلوا العدل ولهذا عقوبة الإنسان في الدنيا ليست على إيمانه بالله واليوم الآخر بل بقبوله العدل بين الناس.
ولهذا مجتمع القرآن يقبل كل من يقبل العدل سواء كان مؤمنا بالله واليوم الآخر أو غير مؤمن يقول الله:
- “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون”
ما لم يمارس القتل والتهجير لا يسألون عن عقيدتهم وإيمانهم لهم البر والقسط والمسلم إذا قتل الناس وهجرهم من ديارهم يعامل مثل أي شخص يقتل ويهجر هذا هو المجتمع المسلم.
إن نظرة ابن خلدون إلى العقل كأداة وليس كوظيفة ويمكن أن نقرب إلى الفهم الفرق بينهما مثلاً:
لا يولد طفل في العالم يعرف القراءة ولكنه يولد كل طفل قابلاً أن يتعلم القراءة والكتابة ويمكن أن يترك من غير أن يتعلم القراءة والكتابة ويبقى طول عمره أمياً لا يعرف القراءة والكتابة لأنه لم يتعلم وظيفة الكتابة وكذلك وظيفة العقل لهذا لم يرد كلمة العقل في القرآن إسماً فلا يقول القرآن ليس عنده عقل وإنما يقول لا يعقلون ولا يؤدون وظيفة العقل.
كما يمكن أن يعيش طوال عمره أمياً لا يكتب يعيش طول عمره لا يعقل ولو رجع الإنسان إلى كتب الفقه الإسلامي لوجد شيئاً عجبا من الإجماع الذي لدى كل المذاهب أن المرتد يستتاب فإن لم يتب يقتل ؟؟ مع أن القرآن يقول لا إكراه في الدين لما يقول لا إكراه في الدين معناه لا يمكن أن يصنع الإكراه ديناً , لأن الروح الذي نفخه الله في الإنسان لا يقبل الإكراه لهذا لا قيمة للإكراه لأن الإكراه لا يصنع كفراً ولا إيماناً فهو لغو لو قال بالإكراه آمنت لا يصير مؤمنا ولو قال بالإكراه كفرت لا يصير كافراً إذن الذين يقولون بالإكراه في الدين لا يعقلون.
ومنذ قليل قررنا أن الإنسان لا يسأل عن إيمانه بالله واليوم الآخر أو عدم إيمانه وإنما يطلب منه أن لا يقتل إنساناً أو يهجره من دياره فكل من لم يمارس هذا له البروالقسط
مثال آخر
حق الفيتو يسمى حق وهو باطل ضد حقوق الإنسان وضد الديمقراطية وقدوة لكل الدكتاتورية الصغار وعنصرية ومعيق لنمو العالم, ولا يوجد من يطالب بإلغائه وإنما يوجد من يتمناه أن يصير له هذا الحق فهل هؤلاء يعقلون أم لا يعقلون.
أنا ذكرت في مقالة كتبتها لمجلة “القانون والدين” في أمريكا ونشر هناك ذكرت أنني في القرية التي ولدت فيها أن الناس كانوا يصنعون تعويذة إذا تخلفت دابة عن القطيع حتى لا تتمكن الذئاب من افتراس الدابة المتخلفة وكانوا في الصباح يفكون التعويذة حتى لا تجوع الذئاب أنا لا أعرف هل هذه التعويذه كانت تربط أفواه الذئاب..
ولكن أعرف جيداً أن ما كتبه مثقفوا العالم من تعويذة ربطت أفواه الناس بحيث لا يجرؤ أحد أن يتحدث عن الفساد الذي يترتب عن السكوت عن الخراب الذي ينتج عنه في العالم.
هل نقول أن الناس يعقلون موقفهم هذا أو لا يعقلون.
إن فهمي الخاص للقرآن هو الذي جعلني أعقل وأجرؤ أن أدين هذا الإجماع الجنوني لقوم لا يعقلون
وأليك هذه الفكرة:
في القرآن آية تقول:
- “قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” [العنكبوت : 20]
هذه الآية موجودة في القرآن
ما كان أحد من الخلق بما فيهم محمد الذي نزل عليه هذه الآية من يفهم كيف بدأ الخلق, ولكن نحن الذين نعيش في الأرض ويسيرون فيها تتبعوا الخلق إلى أن وصلوا إلى الانفجار الأعظم اللحظات الأولى من بدء خلق الكون منذ نحو عشرين مليار سنة.
الكون نطق بهذا , وفهم الإنسان نطق الكون وعلم الإنسان أن الكون حين انبثق إلى الوجود كان البدء بالسحب الهيدروجينية وعلم الإنسان أن الذرة الأولى هي الهيدروجين في جدول مندلييف ولم يكن الإنسان موجوداً بعد ثم خلق الله الذرات في جدول مندلييف ومن H2 +O1 ولد أول تركيب كيماوي الذي هو الماء الذي يقول الله عنه أنه من الماء كل شيء حي.
ومن تركيب الماء ولد ما أسميه أنا شيء غير مادي وإن كان مرتبطاً بالمادة لسنا نحن الذين صنعنا من ثلاث ذرات الماء وصفة الماء ليست مادة لم يزد وزنه ولا حجمه وإنما خلق وظيفة جديدة منه كل شيء حي وكل الحياة النباتية والحيوانية من الماء بما فيه الإنسان الذي يسميه الله ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين والله يصف هذا المخلوق بأنه خلق آخر ثم أنشأناه خلقاً آخر ويقول الله أن الكون كله مسخر لهذا الإنسان:
- “وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الجاثية : 13].
ولما كان الله أراد لهذا المخلوق الخلافة في الأرض لما قال الله:
- ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء” [البقرة : 30]. كل الكائنات الحية تخرج من بطون أمهاتها تعلم كيف تسلك في الحياة الإنسان وحده هو الذي يخرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً يقول الله عنه ” وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” [النحل : 78]
المنطق الحيوي الذي في الكون كله , وعلى أساسه تسخر الكون كله للإنسان وأنت صاحب المنطق الحيوي وقمة المنطق الحيوي هو الإنسان حامل الأمانة التي عجزت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وحملها الإنسان
مواضيع القرآن : (الله واليوم الآخر) وهما من عالم الغيب
الله ليس كمثله شيء الله لم يكن له كفواً أحد لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار أفي الله شك فاطر السماوات والأرض , واليوم الآخر مالك يوم الدين
يا أخي رائق: كل الذين يحضرون المعابد من جميع الأديان يؤمنون بالله واليوم الآخر مهما كان شكل إيمانهم ولكن الله يقول عن الناس أن إيمانهم بالله واليوم الآخر يشوبه الأخطاء يقول الله:
- ” وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ” [فصلت : 23]
- ” َظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ” [آل عمران : 154]
يقول الله:
- “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون” آل عمران 64
كل من يقرأ صار أهل كتاب ويستطيع قراءة كل الكتب السماوية وغير السماوية يمكن أن يحصل ما مر في أذهان الناس وكلمة السواء رمزه الرياضي : (=) .
معنى كلمة سواء بيننا وبينكم نضع بيننا وبينكم كلمة (=) نعطي لكم كل ما نعطيه لأنفسنا وإذا أنتم أعطيتم لأنفسكم أكثر من (=) نحن لا نعطي لأنفسنا أكثر من كلمة السواء وإن لم تقبلوا كلمة السواء (=) نحن نقبل كلمة السواء (=) ولا نقبل أن يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله وحق الفيتو باطل الأباطيل وبدون حق الفيتو سننتصر بكلمة السواء (=)
يا أخ نقري: هذه هي البديهة الزلزالية إن فساد العالم من حق الفيتو وهم لا يمثلون إلا 3% من العالم وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل لما يقول الله :
- “لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” [البقرة : 256
يا أخ رائق النقري : الإكراه ضد الروح الحيوي الذي نفخه الله في الإنسان لأن الإكراه لا يمكن أن يؤثر في روح الله في الإنسان الإكراه لا يصنع لا إيماناً ولا كفراً إذن الإكراه ليس له دور على روح الله في الإنسان..
فهذا هو المنطق الحيوي روح الله:
- “وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الجاثية : 13]
شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائماً بالقسط” وأنت من أولى العلم قائماً بالقسط إنك على الحق المبين ولا يستخفنك الذين لا يوقنون هذه هي بديهيات التجديد والتوحيد وكلمة السواء(=) به قامت الأفلاك بالمساواة بين الجذب والطرد قامت السماوات وكل الأجرام وبالمساواة تقوم المجتمعات الإنسانية وكل مجتمع لا مساواة فيه سيهلك :
- “قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ” [هود : 28]
- ” يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” [التوبة : 33]
- “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً” [الفتح : 28]
- ” يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8 ) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ” الْمُشْرِكُونَ [الصف: 8،9]
يا أخ رائق النقري دين كلمة السواء سيظهره على الدين كله هذا علم الله في خليفته في الأرض.
وفي الختام أذكر تعريف القرآن للحق والباطل:
- “أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ” [الرعد : 17].
أول تقنية أمسكها الإنسان النار ولا يمكن أن يتخلى عنها ثم تعلم الإنسان الزراعة وتربية الحيوان ولا يمكن أن يستغنى عنهما وكل من اهتدى إلى شيء ينفع الناس سيمكث في الأرض والديمقراطية ينفع كل الناس أيضاً وقانون الزبد لا يرحم أحد فإذا جاء الأنفع لكل الناس سينسخ الأقل نفعاً وإذا كان عندك شيء ينفع كل الناس سيبقى حتى يأتي آخر بما هو أنفع لكل الناس والعالم لم يبتدئ عندنا ولن ينتهي عندنا
“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ” [المائدة : 69]
والسلام عليكم ورحمة الله
أخوكم جودت سعيد 27-3-2008م
ثالثا: التقرير الرسمي للفيلسوف روجيه غارودي لدعم اطروحة بعنوان: ” المبادئ الحيويه في الفكر الفلسفي والسياسي العربي المعاصر -تطبيقا للقانون الحيوي للدراسات الاجتماعيه” لنيل مؤلفها رائق النقري شهادة دكتوراة دوله من جامعة السوربون وقد تم رفع التقرير رسميا في اواخر 1983 . وتمت المناقشه في
4-1-1984
وشارك مع لجنة المناقشه من ثلاث جامعات ودافع الفيلسوف عن نفسه كما هو واضح في التقرير عن الانتقادت التي تضمنتها الاطروحه أعتقد ان حضوري في لجنة التحكيم مبرراً لأن قسماً كبيراً من كتابك (( ثلثا المجلد الأول )) وجزءاً من المجلد الثاني يختصان بالماركسية . ليس لدي الكثير أقوله عن هذه النقطة وذلك لأن الماركسية التي تنتقدها ليست هي الماركسية الحقيقية بل هي الماركسية الكاريكاتورية التي قدمها السوفيات حول المادية الديالكتيكية وجعلت من الماركسية نظاماً شاملاً تتعلق بالقوانين العامة لتطور الكون – إنك تكرس قرابة 300 صفحة لطرد هذا الشبح .
وإن واضعي هذه الماركسية الكاريكاتورية ( حيث أعرف العديد منهم شخصياً ، عندما دافعت عام 1954 عن أطروحة دكتوراه في أكاديمية العلوم في موسكو وبشكل خاص الكاديمي : كونستانتينوف الذي ترأس لجنة التحكيم ، غلزرمان ، ودنيل الذي سبق لهم وأن نقدوا نقداً شديداً في الاتحاد السوفياتي منذ ثلاثين عاماً من قبل فلاسفة شبان ، لأنهم حولوا الماركسية إلى نقيضها فلسفة للطبيعة وفلسفة للتاريخ .)
إنك تحاول أن تؤيد هذه الترجمة باستادك إلى نصوص لجورج بولينزر المنتزعة من كتاب لم يكتب أبداً (( هي ملاحظاته حول دروسه حررها بعد عشر سنوات مستمع جاهل لا يفقه شيئاً في الفلسفة )) وإنك تستشهد بغارودي في كتاب وحيد (( أطروحتي للدكتوراه في باريس حيث أنني ما نعت عام 1956 ))، أي بعد عام من ظهوره ، إعادة طبعه ، وذلك لأنه تلوث بما اكتنفه من وضعية، وتقدم لنا استشهادين لماركس وانجلز وبدقة ذينيك الاستشهادين اللذين أنكر عليهما الرسالة الى كونراد شميدت ، بسبب عقائديتهما وصفتهما المنقصة . وبوجيز الكلمة فإن الصورة التي تحتفظ بها عن الماركسية ، هي بالضبط تلك التي تقول لماركس (( بصدد ما قاله بول لافارج عن الحتمية الاقتصادية ، وان كانت تلك هي الماركسية ، فأنا ماركس نفسي لست ماركسياً )) .
أعلم جيداً انه في المجلد الثاني من اطروحتك صفحة 259 تقول بأنك تقدم نقداً للماركسية السوفياتية الرسمية في العالم العربي . ولكن حتى ولو ألقيت نظرة من منظورك السياسي ، لا أعتقد أن أسلوبك للتهجم على الماركسية هو الأسلوب الأخصب لمشروعك وانك لواجد في ماركس ما يغذي تفكيرك .
وبالتأكيد لا يكفي لكي تصبح الماركسية معربة كما تقول بمجرد ادماج فرضيات ماركس حول شكل الانتاج الآسيوي ( ص 279 ) وذلك لأن هذا ليس تصحيحاً للنظرية المنهجية للأطوار الخمسة للتطور التاريخي الذي قال فيه ماركس بوضوح ( الايديولوجيا الألمانية ) بأنها ليست فلسفة للتاريخ بل فرضية عمل لا قيمة لها إلا للبلدان الواقعة شمال المتوسط . وان نصوص ماركس حول شكل الانتاج الآسيوي ( الذي للأسف لم تقترب منه ،، لم تهاجمه ،، أكثر من كتابات ماركس الأخرى ، ينزع إلى إقصاء كل محتوى عقائدي للمادية التاريخية .
وحتى في حال قبولي لاهتمامك السياسي ، ومنازلة الماركسية التقليدية لخالد بكداش أو لآخرين . أعتقد بأنك تحرم نفسك عناءات كبرى على المستوى الفكري أو السياسي ، كما يقال بإلقائك الطفل في ماء الحمام ؟! تقول وبعنوان كبير ( صفحة 281 ) إن الماركسية ظهرت لترد على واقع آخر غير الذي يمثله واقع العالم الحالي وهذا أمر صريح وأكيد وغير قابل للنقاش ، فماركسية ماركس ، نشأت من التجارب والعقائد الخاصة بأوربا الألمانية والفرنسية والانكليزية المعاشة في القرن التاسع عشر .
ولكن عوضاً عن مهاجمتها من خلال هذه التشويهات وهذه الكاريكاتورية التي تشير إليها صفحة ( 281 ) والتي تدعمها بحق ( الماركسية الرسمية ) بالمقارنة مع ما تدعوه ، الماركسية التقدية ، لو أنك اتجهت وعالجت ماركس مباشرة وليس بشكل ثانوي كان بامكانك تخليص هذه الماركسية مما لحقها من شوائب بصرف النظر عن ملابساتها التاريخية وولادتها الوربية وانحرافاتها اللاحقة ، وهذا أمر يخص ارث ماركس الكوني واعني ما يظل حياً في الماركسية ليس نهجاً من خلال الادعاء والزعم بأن الماركسية هي منهج لتطور في الطبيعة والتاريخ ، التي لا يتوقف أدعياؤها عن الزعم بها ونسبها لماركس . بل النظر الى الماركسية كمنهج للمبادرة التاريخية أي العلم والفن بآن واحد للتعرف والتمييز و إضاءة التناقضات الخاصة بعصر معين ومجتمع معين وبعد مثل هذا التحليل يمكن إمتشاف المشروع القادر على تذليل تلك التناقضات .
بالنسبة للفكر الإسلامي فإنني سأقتصر على ملاحظتين :
عنوان الأطروحة يشير إلى تطبيق المبادئ الحيوية على مجمل الفكر الفلسفي والسياسي العربي المعاصر . ولكن في مجال الفكر الإسلامي لا تطرح باستثناء باقر الصدر ( الشيعي العراقي ) إلا نماذج سورية و تغييرك للعنوان بحيث يقتصر على النموذج السوري لم يحل دون تضييق آفاق الفكر الإسلامي . وهذا لا يعود فقط إلا أن الفصل المخصص لباقر الصدر لا يفي بالغرض ( وهذا مؤسف لأنه كان واحداً من أعظم محاولات إيلاج الإسلام على المستقبل بالإضافة إلى شريعتي )) بل يعود وبشكل خاص إلى التحديد على الميدان السوري يقودك إلى تضييق الأفق .
على سبيل المثال عندما نتكلم عن التيار الإسلامي المعاصر فإنك تصغره وتقلصه إلى مجرد (( حركة الإخوان المسلمين )) في سوريا . وهذه المحاولة تؤدي إلى إبعاد الممثلين الأفضل تعبيراً عن الفكر الإسلامي المعاصر من مصريين وباكستانيين . بالتأكيد ، كما لا تشير إلى حسن البني كمؤسس . ولكن بالعودة إلى الوجه الأقل تعبيراً في أعماله … كما لا تشير الى موضوع كتابات زميله ( سعيد رمضان ) الذي وضع كتابه الرئيسي عن الشريعة الإسلامية والذي ترجم للإنكليزية . وهو يناقض الصورة الكاريكاتورية التي يجسدها سعيد حوى والذي على الرغم من ذلك تخصص له ستين صفحة ، بينما لا تعطي عصام العطار إلا خمس صفحات مع أنه هو الآخر سوري . ولكنه يعد مثالاً للانفتاح والحوار بالمقارنة مع حوى .
وبكلمة ، فإنك تتابع إلى ما ندعوه بالتيار الإسلامي تماماً كما فعلت بالنسبة للتيار الماركسي . حيث تختار الطرق النقدية الأسهل من خلال اعتماد نصوص هشة كاريكاتورية ، كما هو الحال في كتب الماركسية الرسمية السوفياتية .
ملاحظة بشأن الكلمات :
لا أعلم لماذا لم تسع بما فيه الكفاية لإيضاح عرضك من أجل القراء غير العرب وذلك على الأقل من خلال ترجمة الكلمات الأساسية لدراستك . أنت تقوم بعمل متقن كما نحكم عليه من خلال النص عندما نحافظ على كلمة ( قصور )بأصلها العربي كتعبير عن معنى مقارب ( للأنتروبية ).. ولكن بالنسبة للمصطلح الأساسي Hayawi الذي تحتفظ بلفظه وأصله العربي . فإنني كما أحكم عليه خلال النص يبدو لي وعلى الرغم من أنني لست لغوياً، فإن الحيوية يمكن ترجمتها من خلال (( الإسلام الحي )) أو الإسلام المبدع . لأن مترادفاتها واشتقاقاتها ، كما تقول ، تعني الحياة ، الدينامية المبدعة للحياة . مع العلم بأن بحثك يجد إرتسامه في الأفق الإسلامي .
وهكذا يتضح أن القضية أبعد من أن تكون قضية أبعد من أن تكون قضية كلمات واصطلاحات ، وهذا يعني أن الأمر لا يقتصر على مجرد الكلمات . اسمح لي بمماثلة : فعندما قام المترجمون الفرنسيون للقرآن بالاحتفاظ بكلمة الله Allah بأصلها العربي ، فإنهم تركوا المجال للقراء كي يعتقدوا أن الأمر يتعلق بإله آخر غير إله ابراهيم وموسى وعيسى . وعندما قام ( دينز ماسنيون ) بترجمة كلمة الله ب (Dieu ) فإن كل آفاق الاسلام عادت للظهور على النحو الذي أوضحه النبي ( محمد ) والذي لم يدّعي تأسيس ديانة جديدة ، بل الدعوة والتذكير لكل الناس بإله ابراهيم المتتابع مع موسى وعيسى …
إذاً . لماذا تعطي الانطباع باستعمالك المتكرر لكلمة حيوي ، بأن الأمر يتعلق بنظام جديد ومنهج آخر غير الإسلام …؟ إنني أعتقد بأنني فهمت وبفرح بأنك تبحث أساساً عن استعادة وتنشيط الروح المبدعة لإسلام القرون الأولى والذي تحجّر بعد ذلك لمدة الف عام من التقليد واجترار صيغ مهترئة .. وأنت الآن من جديد تعطي الحياة لهذا الاسلام المشرق ..
إذاً لماذا لا تقول ذلك ؟! لماذا لا تعلنه بوضوح ؟! من خلال الحديث عن الاسلام الحي البدع . . الإسلام الحيوي … إن المجتهدين القدامى ، وجدوا حلولاً مذهلة لقضايا واشكالات عصرهم ، إنما لا يكفي أن نردد صيغهم من أجل حل مشاكلنا . إن احياء عبقرية سالفة لا يكون باجترار صيغهم بل باتباع مناهجهم المبدعة سواء أكانت من أبي حنيفة أم من كارل ماركس .
إنك توضح ذلك بقوة في الصفحة (369 ) من الجزء الأول عندما تشير إلى أن المخلصين للمنهج المحمدي – المحمديين – ليسوا أولئك الذين يجسدونه يتقمصونه في تجاربهم المعاشة عندما يتساءلون عما سيفعله (محمد ) لو كان مكانهم ويعيش نفس ظروفهم .
جان جوريس قال من قبل : (( إن الإخلاص لبيت الأجداد لا يكون من خلال الاحتفاظ بالرماد ولكن بنقل الشعلة )) وهذا بدون شك هو ما نسميه بحيوية جوريس .
ولكن الكلمات لا تهم كثيراً .
ومن بعد نقدي كله أهنئك لكونك أحد الذين يحاولون أن لا يقرأوا العالم والله من خلال أعين الموتى ..
رابعا : تقديرات الأستاذ رينه شيرر :
ينطلق السيد النقري من التأكيد لوجود الأزمة العميقة التي يعاني منها الفكر العربي المعاصر عامة ، والسوري خاصة ، حيث يكابد الفكر السوري على صعيد التعليم الفلسفي ، من غرس بذور الماركسية السوفياتية والدغمائية ، وتترجم هذه الأزمة بتوتر بين أيديولوجيات مختلفة ، قومية ، ماركسية ، دينية تقليدية . تتنافر هذه الأيدولوجيات أو تسعى إلى الاتحاد ، ، وبلا شك أسهمت كل واحدة منها على حدة في بعث ونهضة فكر عربي ،، لكنها ، وهي متأثرة بما تلهمها أرثوذكيتها ، وصلابتها ، اتخذت لذاتها ” نماذج ” غير قابلة للتوفيق ، وأصبحت سبباً في توليد سوء الفهم والنزاع ، الأمر الذي يعبر عن الواقع السياسي .
وتؤكد الأطروحة على العودة إلى الارتقاء إلى مبدأ عام موجه وموحد يسمح بفهم الحركة الاجتماعية في العالم كله وحركة العالم العربي والاسلامي ضمناً .
وتحت اسم الحيوية يعرفنا المؤلف بالقدرة والخبرة المبدعة في كل شئ ، ويجعل من المبدأ الحيوي تصوراً حقيقياً قابلاً للتطبيق على نحو شامل ، وبدون فهمه يظل كل فكر غير فعال ، أو يصبح لا قيمة له ويرتبط هذا الضوء ( المفهوم الحيوي ) وكذلك نتائجه المنطقية أو ما يلزم عنه بالغة العربية وفكرها ، ويبنى هذا الفهوم عليهما ، وذلك في خصوصية وشمولية بآن واحد وفي شرحه وتعميمه الكاملين ، يعمل السيد النقري على تحديد تعريف قانون حقيقي واقعي للكون ، يتصل على نحو فلسفي ، بتحديد الكينونة وفق مقولات خمس أو معالم أساسية . وذلك بمقدار ما تستطيعه الكلمات من تحديده وهي ( الشكل ) ( الحركة ) ( الصيرورة ) ( الاحتمالية ) ( النسبية ) . وهذا المفهوم قبل أي شئ آخر ، ليس جوهرياً بل ومضاداً للجوهر ، ومضاداً للحتمية ، ويستقي صفاته ومزاياه من ديناميكية وحيوية مبدعين …
ويعارض هذا المفهوم بشكل خاص ، تامظهر الجامد للمادية الديالكتيكية ، كما تعمل في البلدان الخاضعة للإتحاد السوفياتي ، وفق وجهة النظر هذه ، ،، يشتمل القسم الأكبر من أطروحة السيد النقري ، على إظهار الماركسية لا تتلازم مع الفكر العربي ، ومع مستقبل العالم العربي ومع مستقبل العالم الاسلامي .
والحيوية تعارض أيضاً التعصب الديني والقومي الذي يخون بحسب رأي المؤلف الدافع الأساسي للإسلام والهامه عبر التاريخ .
أما الاتجاهات التي يبدو أن السيد النقري يقترب منه فهي الصوفية ، والفكر الشيعي دون أن يكون قد تأثر بمدرسة أو مذهب محدد وقائم .
وصف الأطروحة :
تتألف من مقدمة نظرية تعارض مفهومات العالم والتاريخ ، وعلم الإجتماع ذات التوجهات والالهام الغربي والماركسي بشكل خاص (( وفق ما قدمت الماركسية عقب الثورات السياسية في بعض البلدان الاسلامية )) .
هذه المفهومات التي تتعارض بشكل خاص مع المبدأ الحيوي ومع القوى المبدعة التي يمثلها هذا المبدأ والقوى الفاعلة التي يقاومها . وثمة إشارة تعطي المعنى وتحدد المجال للإستعمال الخاص لتطبيق المفاهيم الحيوية
والمصطلحات التي تبقى في شكلها العربي (Hayawi)( لعدم إمكان أو جواز ترجمتها بدقة لما يماثلها في اللغة الفرنسية ) وتستعمل خلال النص كله
ونعرض هذه المقدمة القانون الحيوي بمبادئه الخمسة قبل ادخالها في صلب الموضوع كعملية إجرائية للمعالجة .
أو كما يقول المؤلف كبنيان ” للمنهج ” الشامل للفهم والتفهم . هذا المنهج الحيوي يتضمن بشكل أساسي تقديرات ( المنسوب الحيوي ) لظواهر تتعلق بمكونات الظواهر الاجتماعية أو الفكرية .
يشتمل التطبيق المكرس للفكر العربي المعاصر على سلسة من دراسات السير الذاتية المسهبة والوافية والممنهجة لمفكرين متنوعين ، أو رجال سياسية ظهر تأثيرهم من بداية القرن العشرين حتى الوقت الحاضر هم :
الأرسوزي ، الذي ظهر كمفتتح ” كمدشن ” حقيقي للنهضة الفلسفية لغوية أسهمت في بلورة فكرة المة العربية ، والمؤلف لا يخفي إعجابه بالأرسوزي ، ومع ذلك ينتقده من وجهة النظر الحيوية ، حيث يظهر مفاهيم الأرسوزي لأمة عربية محدودة الحيوية ، بسبب تصورها كأمة وحيدة لا تنازعها أمة في صفاتها الحيوية .
وفي غضون مناقشة مفصلة ، يبدو أن الفكر الحيوي يختلف كلية عن المفاهيم القومية الضيقة ويبدو الفكر الحيوي منفتحاً لحركة العلوم والفنون العالمية . وتتبدى معالمهما في الدراسة الفردية الوافية التالية المكرسة لصدقي اسماعيل حيث موضوعها يدور بشكل نقاش حول ” الأوهام القومية ” أما النقد الموجه إلى الماركسية الحالية والمعارضة بشكل خاص لظروف ظهور وغرس الماركسية في أوربا بالمقارنة مع الظروف المختلفة جداً والخاصة بالمجتمع العربي الاسلامي . هذه الفكرة التي يدعمها المؤلف من خلال دراسته الماركسية السياسية العربية ممثلة على نحو رئيسي بياسين الحافظ حيث نرى أن مشكلة تعريب الماركسية تطرح أيضاً . ويتضح لنا أن هذا التعريب كما تم يقودنا إلى نتيجة منقوضة ، حيث أن التعريب لا يأخذ صفة طبع الماركسية بصفات وخصائص الواقع العربي ، بل تأخذ صفة تجميد التراث والواقع العربي ضمن الماركسية .وذلك لأنه بحسب وجهة النظر الحيوية فإن التراث العربي لغة وفكراً تتضمن فيها نفسها ، كل العناصر النقدية الضرورية من أجل الفهم النقدي الذاتي ، ويتضمن اتجاه الحياة في العام المعاصر .
ولذلك فإن هذه الاتجاهات النقدية مشروطة بالاسلام الذي يتضمن في أسسه وأصوله طرق التقدم وبشكل النموذج الايديولوجي الحقيقي للتقدم والمفهوم الحيوي الذي يقدمه السيد النقري ، يظهر بما لا يقبل الشك أنه تمحيص مدقق يتلاءم مع شرح محدد للإسلام الذي عاشه النبي وخلفاؤه وشكل لديهم تجربة حياة بالغة الحيوية .
وتتمثل الحيوية بامتياز بين مفكري الاسلام الكبار ، حيث يتجلى ابن خلدون كواحد من أكبر ممثلي هذا الاتجاه الحيوي ، وتسمح تحليلاته ( وبشكل خاص الفصل الرابع ) : التصور الحيوي للإسلام بتحديد ما هو حيوي في التجربة الاخلاقية . وفي الحياة التاريخية وفي الوقت ذاته بما له في التجربة الجمالية التي فيها أيضاً جمال الحياة من خلال المحرضات الاجتماعية وهكذا لا تعني الحيوية مجرد أيديولوجية بل تعني وبنفس الوقت قيمة للحياة وقدرة إبداعية خلاقة لا تتحد بإطار أمة محددة ، ولا يمكنها كذلك أن تتحد بإطار دين محدد مغلق ، ويكرس المؤلف فصلاً هاماً لحركة الاخوان المسلمين من خلال ( سعيد حوى ) الذي يقدم لنا من خلال مواجهة نقدية مطولة لهذه الحركة يقدمها لنا المؤلف بشكل يدين هذه الحركة ” الاخوان المسلمين ” لما تتضمن تزويرات وشروحات مضللة للإسلام ، محولة إياه من دين للحياة إلى دين للطقوس المطبوعة بطابع التعصب الأعمى والعنصرية كما يدين المؤلف هذه الحركة من خلال نتائجها العنفية السلبية على المجتمع
وتخلص هذه الدراسات من ( السير الذاتية ) بدراسة مدحية لأعمال وأفكار باقر الصدر الذي أعدم في العراق عام 1980 والذي يعد في في رأي النقري الممثل الأفضل للتعبير عن الاتجاه الحيوي الاسلامي المعاصر ويكفي استشهاد واحد من أقوال باقر الصدر لتوضيح هذه الفكرة : (( وما هو جدير بالتقدير في الاسلام الحديث ليست هي نصوص القرآن والحديث ، وإنما بسيكولوجيا الجماهير التي تقدر الاسلام وتعتبره مجتمع العدالة والحرية ، مجتمع التصحيح المتحضر والكرامة الإنسانية )) .
التقدير الإجمالي :
أطروحة السيد النقري تقدم وتقترح على القارئ الفرنسي اتخاذ موقف جديد من خلال مجمل الفكر العربي الذي هو بآن واحد شخصي ويعبر عن أفكار بعض المجموعة الشبابية العربية المثقفة . هذه الأطروحة تتصف بهذه الحركة المعطاءة الخصبة التي تحييها ، ولذلك فإن هذه الاطروحة مما تعبر عنه من حركة فكرية خصبة يتوجب أن تعطى المجال للتبلور والتكون والانتشار لما تتسمه من تقدير كبير ذو أهمية كبرى .
وفي كل الأحوال يتوجب التوضيح أن هذا العمل لا يزعم بأنه يندرج في تاريخ الفلسفة بل يندرج في فلسفة فعالة في طريقها إلى التحقق وهنا أيضاً يكمن أحد فوائد هذه الأطروحة . إنها تقدم لنا وتقترح نقله وتغيراً في المرجعية الموجهة بل وفي صيغة التفكير نفسها (( قوية بكل ما في الكلمة القوة من معنى )) بالمقارنة مع التقاليد والتوجهات الغربية حتى ولو كان القارئ الفرنسي يمكن أن يكون بالنسبة لبعض وجهات النظر مبلبلاً أو غير مقتنع . والمؤلف النقري هو فاعل وصاحب موقف مسؤول من الصراع الأيديولوجي الذي يعالجه ، ولذلك فإن هذه الأطروحة تستحق أن تدعم ، فالمشكلات التي تعالجها هي في الواقع تلك التي يكمن في مناقشتها وحلها فائدة كبرى للعالم الإسلامي الحالي ومصيره .
خامسا: فرانسوا شاتليه:
ثمة نقاط كثيرة لا أتفق معكم حولها، وأرفض مجرد البحث عن قانون واحد، ووحيد للكون، فنتائج ذلك لن تكون أفضل من النهاية الكارثية المفجعة للماركسية الرسمية.
أنا لا أقول أنه ليس بالمقدور تجاوز المناهج السائدة.. ولكن أخشى أن يكون المنهج الحيوي منهجاً يضاف الى المناهج السائدة، وليس بديلاً عنها. على كل ، كتاباتكم اللاحقة، وإطلاعي اللاحق سيحدد موقفي. ومع ذلك، فإنني سأبقى متحفظاً ضد مجرد السعي إلى بلورة قانون واحد وأُفَضّل النظر الى المبادئ الحيوية كنقاط إقتراب، أكثر منه كحلول .
وبالطبع، فإن ما قمتم به بدا لي مدهشاً. بعد خيبات الأمل في ما علقناه من آمال على الثورة الجزائرية. وعلى الناصرية المضادة للإمبريالية، وقد كان لي كثيرين من المثقفين اليساريين الفرنسيين، مواقف مؤيدة معروفة..
وللأسف فإن هزيمة (1967) لم تكن مفاجئة ، وهذا يعود أولاً، إلى غياب العقلية النقدية الثورية الطويلة النفس، والبعيدة المدى، ولذلك ، بالفعل دهشت عندما تعرفت من خلالكم على ولادة مجموعة بحث شبابية، ثورية، تسير بهذا الاتجاه النقدي الشامل .. وقد سرني جدا أنكم واعون الى أن الصهيونية تقوم بدور المولد والمثبت للإتجاهات العنصرية القومية والدينية في الجانب العربي والإسلامي وتكمل دورها الهدام . لذا رغم اختلافي معكم حول كثير من النقاط . فإن الجانب النقدي للمنهج الحيوي . هو الأهم ، وأنا مستعد لدعمه، ويمكن لكم أن تجدوا كثيراً من المؤيدين والمتعاطفين في أوروبا وبخاصة بين المجموعات الشبابية والطلابية ، يمكنكم أن تبدئوا ذلك بعروض ضمن محاضراتي وطلابي..
ولكن أفضل أن تغيروا أسلوب المقاربة .. فإعطاء الأولوية لنقد الماركسية الرسمية قد يخدم اليمين، ولا يفيد اليسار، لأن أحداً من المثقفين اليساريين لم يعد مخدوعا بمثل هذه الماركسية، التي لا علاقة لها مع المسكين ماركس .. والتي تمثل بالفعل ايديولوجيا رجعية محافظة بل وامبريالية..
ولذلك فأنا أفَضّل تغيير المقاربة، وأنا مستعد للمساعدة، لأن معركتنا ومعرتكم واحدة، مترابطة ، وأنا – اساساً – أحتقر نفسي لكوني فرنسياً.. فقد كانت القومية الفرنسية بمثابة فخ سقطت فيه الثورة الفرنسية ..
إن مجموعة البحث الحيوي التي لم أسمع عنها من قبل، للأسف، وأعرف أن مثل هذه المحاولات ستحاصر … تذكرني بمدرسة فرانكفورت، التي أختلف – أيضاً – معها في كثير من النقاط… وأرى أن ما تقومون به أكثر شمولا وعمقاً، من مجرد محاولة ترقيع وتصحيح للمادية والديالكتيكية المبتذلة…
ترى، هل ما تقومون به يمثل ولادة مدرسة دمشق للفكر النقدي !! ولذلك في حال طبع كتب هذا الاتجاه .. فإنني أقترح في حال عدم وجود ترجمة مناسبة لكلمة ” حيوي” أن تقدم كأعمال لمدرسة دمشق للفكر النقدي والمنهجي.. فكروا في ذلك.. وفكروا أكثر بصيغة الاقتراب من العقلية التي تخاطبونها..
ونحن ننتظر الكثير من العالم الثالث، فقضية الحرية واحدة .. وإذا خاب أملنا في واقع العرب والصين، فهذا لا يعني التوقف عن الأمل والعمل …
فرنسوا شاتليه
سادسا:- ملاحظات الاستاذ أولفييه كاريه من المركز الدولي للأبحاث السياسية – باريس
أستاذ في جامعة السوربون سنسييه
Olivier Caree
هذا البحث الفلسفي ، يعطي القارئ لدى قراءته الأولى شعوراً واضحاً بأصالة البحث واستقامته المبدئية وطموحه المتوثب الفعال .
وهذا الطموح يظهر من كون الأطروحة كلها بحثاً نقدياً من مفكر شاب يساهم بفعالية على الساحة السورية والعربية والإسلامية لنفد التجربة العربية الاسلامية المعاصرة ، كما لو أنه امتداد واختراق للفكر والعمل في مستقبل هذا المجتمع .
ومثل هذا الطموح هو جديد نسبياً ، لأنه يريد الخروج عن السكك الايديولوجية السائدة (( عروبية – ماركسية )) والتي ما تزال هي المعيار السائد في معظم الأحوال .
وثمة أطروحة مماثلة في طموحها وقدمت منذ عشر سنوات من فيلسوف مصري هو حسن حنفي ، حيث لجأ إلى نوع من التلفيق السطحي لأفكار وجودية وشخصانية وماركسية سادت في ذلك الوقت .
وعلى العكس من ذلك فإن أطروحة النقري تنطلق من مبدأية منجزة خاصة يعبر عنها في المفهوم الحيوي – وهذا المفهوم الحيوي هو في حقيقته غير مشتق أو مستنتج من أحد ويلعب دوراً نقدياً للفكر العربي المعاصر وبخاصة في خلفياته وإفرازاته السياسية .
وفائدة المفهوم الحيوي واضحة جداً إلى درجة البداهة …لأنه يعطينا قدرة واضحة وكبيرة على فهم وتحليل ونقد الفكر العربي التقليدي (( الفكر القومي )) والفكر الاسلامي (( حركة الاخوان المسلمين )) والحركة الشيعية المستمدة من باقر الصدر . ويوضح لنا المفهوم الحيوي أيضاً الفكر التقليدي الماركسي . الحديث العهد نسبياً في المجتمع العربي .
هذه الرؤية التقدية الاجمالية المشرقة على الفكر العربي المعاصر ، هي من وجهة النظر النقدية هذه ، تمثل أصالة واستقامة مبدئية حادة ، وتتجنب كل مجاملة .
ومثل هذه العقلية النقدية المبدئية غير المجاملة ، لم نرها سابقاً للأسف في الأطروحات الخاصة بالفكر السياسي .
وفي النهاية فإن هذه الأطروحة الحيوية ، وهي وبسبب عظمة أصالتها المبدأية وقوة فاعليتها النقدية فإنها تجد جذورها في الفكر العربي وبخاصة عند الأرسوزي وايضاً عند عفلق الذي يهمله المؤلف بشئ من السرعة لأسباب تتعلق بالإستقامة المبدأية ، بدون أدنى شك ،، إذ أن عفلق هو أضعف من الناحية الفلسفية بالمقارنة مع الأرسوزي وهذا الأخير تأثر ببعض الفلاسفة الفرنسيين (( برغسون ومونيه )) بشكل خاص ، الألماني فيخته .
من الواضح لو انه توفر للمؤلف الوقت والفرص الملائمة فإنه سيتقدم بنفسه إلى منصة الصدارة ، ليحمل لنا خلال بضع سنوات بأشياء هامة جداً ، ستؤدي في النهاية إلى أن يأخذ هذا البحث الحيوي هذا الاكتشاف موقعه في تاريخ الفلسفة .
29/9/1983
سابعا Thilletبيير تييه:
- جامعة باريس – السوربون – بانتيون (( تاريخ الفلسفة ))
- من لجنة مناقشة الاطروحه.. ومن الداعمين لوصول د. رائق الى مستوى التدريس والبحث في الحلقات الجامعية العليا في جامعة باريس .. وهذا ما حصل حيث درس واشرف على ابحاث.
- ——————–حول اطروحة دكتوراه الدوله——7/11/1983——
البحث الذي يقدمه النقري عنوانه المبادئ الحيوية في الفكر الفلسفي والسياسي العربي المعاصر ، تطبيقاً للقانون الحيوي للدراسات الاجتماعية .
- رئيس قسم الفلسفة في ج
هذا البحث يعطي القارئ عالماً من الأسرار أكثر من كونه يقدم إيضاحات ، والعنوان لا يحل هذا الغموض ،، فالحيوية Hayawi كلمة عربية تعني الدينامية والحيوية والابداعية والتجديدية .
ويجب علينا أن نعرف أن السيد النقري ينتمي إلى مجموعة صغيرة من أصحاب البحث والتفكير التي بدأت من عدة سنوات ، تسعى لإيجاد وبلورة النظرية التي تسمى بـ الحيوية Hayawia والتي ما يزال أعمالها ونصوصها إلى الآن شبه سرية من العسير العثور عليها وتداولها من أجل امتلاك معرفة حقيقية عن مبادئها .
وبدون شك فإنه من العسير العمل على ما هو راهن ومعاصر ومن الأصعب الشروع في إجراء بحث جامعي حوله . ولذلك فإن الهدف الخاص بهذا البحث وهو إجراء الدراسة النقدية لعدة تيارات سياسية معاصرة في العام العربي . والسيد النقري يتوصل بحق وبدون أدنى شك إلى كثير من هذه الصفات النقدية والصدق يطبع أبحاثه …
وبعد وضع الفكر القومي والماركسي موضع البحث والتساؤل فإن السيد التقري يجري دراسة نقدية مطولة للإسلام كأيديولوجيا وكقانون سياسي ، وبعد ذلك يقدم لنا سعيد حوى وباقر الصدر كنماذج من الفكر الاسلامي المعاصر . ويوضح فيها مدى حيويتها .. السيد النقري يرى في التراث الاسلامي مقدمات وإمكانات حل واستقرار مجتمعات هي الآن ممزقة ..
وتتميز هذه الاطروحة بالإطلاع الفائق ، بحيث تظهر لنا بوضوح اختلاف وتعارض الايديولوجيات السياسية في العالم العربي . في نفس الوقت الذي تتفق فيه على ذبح هذا العالم العربي على المستوى السياسي .
وبالنسبة إلى هذه المذاهب السائدة فإن السيد النقري ، يعارضها كلية ، وهنا جدارته ومعارضته تتم من خلال مفهومه الحيوي الخاص ، الذي يظهر لي على المستوى المبدئي ، بمثابة موقف ضميري فلسفي من شروط الحياة في المجتمع . والواجبات السياسية المترتبة عليها . ولكن وجهة النظر هذه ليست مجرد أفق اجتماعي ، بل وليست فلسفة سياسية فقط ، فالسيد النقري ، على سبيل المثال ، يمتلك العناصر اللازمة لنظرية المعرفة ، ونظرية في منطق العلم ونظرية في علم الجمال من خلال المبادئ الحيوية التي تتعلق بالمذهب الذي أسسه النقري شخصياً مع جماعة البحث الحيوي التي ينتمي إليها . وفي المبادئ الحيوية يتوفر موقفاً . وضعاً فلسفياً جديداً . هو موقف لم ينقل ، أو يشف عن أي نموذج غربي . ولهذا فإنه سيكون بدون معنى أن تترجم كلمة Hayawi بـ Vitalisme والحيوية ليست متولدة من تيار ديني لاهوتي . وهذا الوضع الفلسفي الذي تتسم به النظرية الحيوية هو بآن واحد ، جديد … وأضيف بأنه شجاع من قبل سوري .
وبصرف النظر عن أصالة السيد النقري فإنه متمكن جداً من الفكر العربي المعاصر الذي يوجه له ما يستحقه من الانتقادات من عدة جوانب . بشكل يمكن أن تكون موضوعات للتدريس . مع العلم بأنه هنا يملك معرفة عملية مفيدة وأكثر من ذلك فإن السيد النقري يمتلك ثقافة واسعة وفضولية ومحبة للمعرفة متفتحة جداً كما يتمتع بقدرات دينامية رائعة وأعتق بأنه بمقدوره أن يعلّم وأن يجذب جمهوراً عريضاً من الطلاب سواء كانوا من أصل عربي أو عالمي . والسيد النقري قد امتلك فعلاً هذه الخبرة التدريسية .
شهادات
——————-
3/11/1986
أنا الموقع أدناه بيرتييه الأستاذ في تاريخ الفلسفة في السوربون – باريس ، أشهد بأنني اشتركت في اللجنة التحكيمية لأطروحة دكتوراه دوله للسيد رائق النقري ، وبعد ذلك توفرت لي الفرصة أن أعرف بشكل أفضل مؤلفاته .
السيد النقري عنده أفكار جديدة جداً وفي أطروحته يعالج موضوعات ومشكلات تثقل اليوم على الضمير العربي والإسلامي مع كثير من الوضوح والصراحة والجرأة والخصب ، وبسبب هذا المذهب الذي أبدعه ، فإنه غادر بلده الأصلي سوريا . والسيد النقري لديه معرفة قوية متمكنة من تاريخ الفلسفة حيث يعالج وينقد مذاهبها من خلال نصوصها ، وهو أصلاً يخضع المدارس الفلسفية إلى امتحان نقدي من خلال مذهبه الفلسفي الخاص ، الذي ألفه مع جماعة البحث الحيوي ، وهذا يشكل جزءاً من موضوع أطروحته .
وهو منذ نيله شهادة الدكتوراه يمارس وظيفة التدريس . المفيد في السيد النقري هو في امتلاكه للمنهج وبمعرفته في منطق العلم ونظرية المعرفة ، ففي هذا الميدان فإنه قادر على أن يأخذ وبنجاح دوراً تربوياً ، ويؤدي خدمة كبرى في مستوى الدراسات العليا .
وفي النهاية فإن السيد النقري بوصفه فناناً يرسم ويمارس النقد الفني من خلال مذهبه الخاص في علم الجمال (( علم الجمال الحيوي )) فإنه يستطيع وبشكل عملي مفيد أن يساهم في تكوين وتثقيف الطلبة في فلسفة الفن .
27/5/1987
إن السيد النقري دكتور دولة ، مع أطروحة مخصصة للمبادئ الحيوية ، في الفكر الفلسفي والسياسي العربي المعاصر ، وهي أطروحة أصيلة جداً . تتميز بتفسير مبدأ منهجي يدعوه السيد النقري بالحيوية ( وهي تسمية مشتقة من الحياة ) وهذا المبدأ المنهجي يقود المؤلف بطريقة جديدة ،جداً ، إلى نقد أسس المذاهب القديمة والحديثة ( وبشكل خاص الميتافيزيقا الارسطية وثنائية المادة والصورة ، والكانطية والماركسية ). وبما أن مصير الشعوب مطبوع بتأثير فلاسفتها ، فإن أحداً لا يستطيع أن ينكر أهمية هذا الاسهام …. بالنسبة للشعب العربي … حيث يطبق السيد النقري مبادئه لدراسة تاريخ الشعوب العربية وحركاتها الاجتماعية، السياسية المعاصرة … محاولاً أن يكتشف أسباب الهزائم والأزمات الملحوظة …. ويظهر لنا على درجه كبيرة من الأهمية، الذي يقترحه ، لأن الأهمية النظرية تتأكد بقدرتها على التطبيق العملي … وبآن واحد … العلاج الذي يقدمه … والقدرة على استثمار النظرية التي يملكها … للإنفتاح على تطبيقات مهمه . وأنا على يقين بأن السيد النقري ، مفكر من طراز رفيع . يتميز بثقافة ومبدئية ، وشغف بالبحث جديرة بالانتباه … فهو في وضع يمكنه من أن ينشر منهجه وحماسته على مجموعة للبحث … وقد سبق له الخبرة في هذا الميدان … وإنه لشرف لفرنسا … استقباله ….
29/9/1989
ثامنا:- الفلسفة العربية تعود إلى الظهور من خلال المنطق الحيوي
الدكتور حافظ الجمالي
رئيس انحاد الكتاب العرب
لست أدري لما يقوم طلابنا في الغرب والشرق على السواء بتقديم أطروحات ، ينالون عليها شهادة دكتوراه ، رفيعة المستوى عادة . ثم لا يعودون إليها قط ، فيما يلي من أيام حياتهم ، ولا يتذكرونها بالخير ، ولا بالشر . والعادة أن الإنسان حتى إذا لم يكتب إلا مقالاً واحداً . يلاحق الناس ، ويسألهم عما إذا اطلعوا عليه، أو سمعوا شيئاً عنه . ومن الغريب حقاً أن نقدم في باريس أو لندن ، أو هافارد، أو كمبردج , أطروحات عظيمة ، ثم تبقى هذه ” في طي النسيان ” أو مطروحة في زاوية ما ، من زوايا النسيان ، كما لو أن أصحابها خجلون بما كتبوا ، أو ضنينون بصنيعهم الثقافي العظيم ، على أبناء أمتهم ، لأنهم مثلاً ” متخلفون ” أو غير قادرين على فهم أقوال أو نظريات “رفيعة المستوى ” صعبة لا تستوعبها عقولهم . وفيما أعلم ، فإنه ليس هنالك إلا أطروحتان فقط لمواطنين سوريين ، رأيت من يشير إليهما في الأوساط الثقافية العالمية ، أولهما الدكتور أمجد الطرابلسي ، حول النقد في الأدب العربي ، منذ البدية حتى القرن الخامس الهجري، والثانية للدكتور بديع الكسم ، عنوانها ” فكرة البرهان في الميتا فيزياء”
****
وفي هذه المرة أجد رسالة لضابط سابق في الجيش السوري وعندما عرفته عام 1975ـ1976 ، كان شاباً في مقتبل العمر أما الآن فإنه لا يزيد عن الثانية والأربعين عمراً ، وعندي ، مهما يقل في الرجل , أنه يوضع بسهولة في قائمة اللامعين من رجال الثقافة السوريين .
وقد سرني جدا ان الاطروحه وجدت صدى غير مسبوق من اساتذة السوربون حيث كتب أحد أعضاء اللجنة التي ناقشت هذه الأطروحة “ما يلفت النظر إليها بشكل صريح جداً ” أذ يقول : إنه لشرف لفرنسا … استقبال صاحبها ، بل إن أعضاء اللجنة كلهم حتى روجيه غارودي ، لم يقصّروا في الثناء عليه ، على الرغم من أن الرسالة تهاجم غارودي نفسه مهاجمة شديدة . ترى كيف يُثنى على هذا العمل ، كل هذا الثناء ، ثم لانرى من الجانب العربي من يشير اليها الا ماندر؟؟
و الاطروحه نشرت في اربع اجزاء في باريس ـ1987 ـ.. أما عدد الصفحات فيبلغ 1271 صفحة . وبما كان يكفي أي منها لنيل شهادة الدكتوراه . وفيما أعلم فإن صاحب هذا العمل كلف بإلقاء بعض المحاضرات في أحدى جامعات باريس نفسها ، كما كلف بالإشراف على بعض الرسائل التي يقدمها طلاب عرب .
****
ولئن انتهيت من التعريف بصاحب الرسالة ومن التنويه بعمله . فإني أنتقل الآن إلى الرسالة ، لا لأعرض صورة عنها ، ولكن لأشير إلى نقاط خاصة فيها ، إحداها تتعلق بالحافز الأساسي لهذا العمل ، والثانية بجوهر النظرية التي يضعها والثالثة بالهدف الذي يرمي إليه المؤلف من عمله هذا . وبما اتسع المجال لبضع ملاحظات أخرى ، تتعلق بأسلوب الكتابة ، وطريقة العرض ، ومزاج المؤلف .
أما حول النقطة الأولى ، فلا أجد خيراً من فقرة وردت في مقدمة المؤلف ، لكي أقدم تعريفاً للحافز الذي جعله يقدم على عمله هذا . وإليكم الآن هذا النص ، وهو تساؤل مشروع . وأظن أن وراء أية فلسفة في هذه الدنيا ، تساؤلاً ما ، لا توجد ، أو لم تكن موجودة بدونه . ويقول المؤلف : ” لماذا نحن في وضع منحط ؟ لماذا العالم من حولنا ، وبخاصة في الغرب الرأسمالي ، والاشتراكي ، متقدم علينا ؟ ولما استطاع العرب والمسلمون في الماضي تحقيق حضارة كبرى فريدة ؟ كيف يمكننا أن نستعيد تلك المبادرة الحضارية ؟ ولماذا تخفق معظم جهودنا ونتأخر في كل المجالات ؟ وهل العرب والمسلمون عقيمون ؟ وهل يعود ذلك إلى أن العرب يفتقرون بتكوينهم إلى القدرة الإبداعية ؟ وهل كل الظواهر الإبداعية في تاريخنا جاءتنا من الخارج؟ كما يدعي البعض . ويجعلها قضيته وأطروحته ، التي تجد من يؤيدها ويشجعها ويمولها ؟ أم أن العرب كغيرهم من الناس . وعلى مر التاريخ ، يمكنهم أن يتقدموا ، ويمكنهم أن يتدهورا بحسب أعمالهم ؟
لا ريب إذاً أن الحافز قومي بالدرجة الأولى ، أي أنه يصدر عن وجدان فردي صيغ على صورة الوجدان القومي ، وكما هي مع مطالبه وحاجاته ، ولاسيما تلك الأكثر إلحاحاً ، أي مع الشعور العام بأن السبب الأول في كوارثنا ، ومشكلاتنا ، وتبعيتنا ، ووضعنا ، وهشاشة بنيتنا الوطنية ، والقومية والثقافية والتقنية ، إنما هو تخلفنا على مختلف المستويات . ويخيل إلى أن هذا الحافز كان ينبغي أن يكتمل ، بسؤال آخر ، أجد الآن أنه الأشد إلحاحاً . إذ ما فتئ العرب منذ قرنين تقريباً ” والسلطة العثمانية ، وحليفتها تركيا الكمالية بعدها ” يعملون للقضاء على التخلف ، ويضعون ذلك في المقام الأول من جهودهم ، ويخططون بألف صورة وصورة للوصول إلى وضع آخر لا يقال معه أنهم في ذيل المتخلفين ومع ذلك فإنهم لا يلقون إلا الإحباط ، وعلى مساحة اثنين وعشرون دولة عربية ، غنية تارة أو فقيرة تارة أخرى أو غنية جداً في بعض الأحيان . وهذا الحافز هو الذي ناله التصعيد والتسامي وانقلبت إلى فلسفة ، لم يكن حافزها الأول البحث عن كنه الوجود ، ولا عن مبدأ أول للأخلاق . وألاحظ ولأول مرة أن عملية التصعيد هذه كانت ناجحة فعلاً ، لا لأنها طوت المشكلة الأساسية ـ أي التخلف ـ في الإطار الأكثر شمولاً ، أي الفلسفة ، بل لأنها طوت مشكلات كثيرة عربية وعالمية بين جناحيها . وأحب من هذه الناحية أن أشير بالدرجة الأولى إلى هذا الإطلال على النظريات الفلسفية الكبرى ، ونقدها بما تستحق ولاسيما الفلسفة الماركسية ،
****
والآن ما هي هذه المبادئ التي سما إليها الدكتور النقري . بدءاً من التفكير في القضايا العربية القومية ؟ إنها خمسة :
أولها يقرر أن الكينونة شكل. وأن كل ما في الكون ليس إلا صورة وجود ، من غير أن يكون هنالك أي وجود جوهري عيني ثابت مستقل في الكون، بدءً من أصغر ذرة وانتهاءً بوجود الإنسان . بما له من عقل ووجدان وبكل ما يلاحظ فيه من تقيد . فلا مادة ولا روح ، ولا كتلة ولا طاقة . بل إن هنالك صور وجود ذلك أن العلم الحديث أثبت أن المادة تتحول إلى طاقة . والطاقة تتحول إلى كتلة . وأن عملية التحول هذه لا تنقطع أبداً . وأن اكتشاف الفيروسات ، وتبضع الكثير من المواد العضوية . قد أزال الهوة بين الجماد والعضويات . ولم يعد العلم ينظر لظاهرة التعضي كظاهرة متميزية جوهرياً عن الجماد . وإذاً فليس في الكون جوهر عيني ثابت مستقل . بل هنالك أشكال كونية متباينة بتباين معماريتها (ص171 الجزء الأول )
اما المبدأ الثاني فهو الذي يقرر أن الكينونة حركة ذات أقسام متعددة بتعدد أبعاد الكينونة ، وذلك كتعبير عن فرق الجهد بين المنسوب الحيوي لإنسان كائن وبين المنسوب الحيوي لنسق الحياة وهو فرق يعمل لصالح نسق الحياة باستمرار كون هذه تمثل كلية حية لا نهائية الحيوية ، تتجلى في قدرتها على الخلق والتجدد أي أنساق تكون مستمرة حية . ولما كانت الكينونة حركة بدلالة فرق الجهد الحيوي . فهذا يعني أنه ليس للكون محرك من خارجه . بل هو المتحرك والمحرك في آن واحد ، وكل كائن يملك في آن واحد صفة المحرك ، وفي آن آخر صفة المتحرك دون أن يكون المحرك بذاته كياناً جوهرياً ، متميزاً من الحركة ( ص 69 ج 1 )
ويأتي المبدأ الثالث فيقرر أن الكينونة صيرورة حيوية . وهنا نجد قفزة فلسفية تضاف إلى المبدأ كأنها جزء مضمر فيه . ذلك أنه أن أنساق التكون يؤثر بعضها في بعض . وفقاً للضرورة الحيوية التي تشحن تفاعلها الكلي وتغذيه باتجاه التجلي . في وقائع وظواهر كونية شخصية تدعم باستمرار التفاعل الكلي الحيوي لأنساق وجودها . وتدعم استمرار كليتها الحيوية . حية متجددة باستمرار . ( ص 71 ج1 )
أما المبدأ الرابع : فإنه يقرر أن الكينونة صيرورة احتمالية ، بدلالة التفاعل الكلي الحيوي لأنساقها . وهذا يعني أن حيوية الكينونة ليست تحصيل حاصل . بل هي رهن بقدرتها على أنساق التفاعل الكل الحيوي لأنساق تكونها مع نسق الحياة… ونسق الحياة هذا هو الذي يسميه الدكتور النقري باسم إرادة الحياة المقابلة لإرادة القصور والتي تهدد بإعطاء الشحن الحيوي لاستمرار التفاعل الكلي لأنساق الكينونة .
وأخيراً نجد أنفسنا أمام المبدأ الخامس القائل بأن الكينونة صيرورة نسبية . بمعنى أن صيرورة ” الكينونة ” ليست محدودة الصيغ والقيم الحيوية تبلغها حتماً وبصورة محدودة سلفاً . لا بديل لها بل إن هنالك صيغاً وبدائل متعددة بتعدد أبجدية صيغ التعبير عن حيوية التفاعل الكوني . ( ص76 ج1 )
****
ولئن أتينا على ذكر المبادئ الخمسة التي تقوم عليها هذه الفلسفة التي لا تطمع بمناقشتها . في مقال فإنه مجرد التعريف ” بالفلسفة الحيوية ” التي صدرت عن عمل جماعي لرفاق كثيرون عملوا طوال سنين كثيرة ، لإنصاف هذا العمل الفلسفي . وقاسوا وعانوا الكثير من أجله فذلك لكي نقدم لمحة مبسطة جداً عن هذا العمل ولنقول : ما من فهم ممكن لهذه الفلسفة إلا بقراءتها عن كتابها الأصلي . والعودة إليه باستمرار ولا شك أنه سيثير نقاشاً طويلاً لو أتيحت فرصة مات . لوضع الكتاب بين يدي القراء .
****
وربما لا نكون قد أنصفنا هذه الدراسة . إذا اكتفينا بالقول أنها فلسفة من الفلسفات . تستعير مبادئها أحياناً . حتى من عدوتها الماركسية . وكلن بإطار صياغة جديدة نسبياً . بل إن الأعماق المحركة لهذه الفلسفة هي أولاً وأخيراً محاولة جدية للقفز من واقع المتخلف , والوصول إلى مستوى أعلى منه . ثم أعلى فأعلى لقلب القصور الحيوي..إلى حركة مشحونة أبداً يجب تنييره بطاقة جديدة وكينونة أعلى من كينونته
وكما أن هذه الفلسفة جماعية الإنشاء والتكوين . فإنها ستكون كذلك جماعية التنفيذ ، أو قل أنها مدرسة جديدة تريد كسب المتطوعين عن قناعة ، للقيام بعمل أصيل لخدمة التطلعات العربية القومية . ونحن نؤمن أـن فيها من الغني والقوة واليقين ما يؤهلها لتحقيق شعارها الحيوي :اراده الحياة الحريه
تاسعا : الموقف الادبي_ دمشق اتحاد الكتاب العرب: 1974 العدد:
حول ” الأيديولوجية الحيوية “
الدليل النظري والمسائل التطبيقية .
بقلم : جلال فاروق الشريف
نشر رائق النقري الجزء الثاني من الدليل النظري لما أسماه ” الأيديولوجية الحيوية ” تحت عنوان ” الإنسان شكل ” وكان الجزء الأول من الدليل النظري قد صدر قبل أربع سنوات (1970) وخلال هذه السنوات الأربع وبين الجزئين الأول والثاني من الدليل النظري أصدر كتابين حول ” المفهوم الحيوي للمسألة القومية ” تناول في أحدها ” هوية القومية العربية ” (1971) وفي الآخر ” هوية القومية الصهيونية ” (1972) وفي الجزء الثاني الجديد من الدليل النظري للأيديولوجية الحيوية يعلق رائق النقري عن كتاب تحت الطبع أسماه ” دحض المادية الديالكتيكية من خلال القانون الحيوي للكون ” . ومشروعات رائق النقري الخمسة بما فيها ما هو تحت الطبع يصح بأن توصف بأنها مغامرة فكرية جريئة ، ويكفي مجرد الإطلاع على عناوين هذه المشروعات ليحكم عليها أي قارئ مثل هذا الحكم . بل قد يذهب القارئ إلى أن يحكم عليها بما هو أكثر من ذلك . وأقل ما في هذا الحكم ، أنه لا يحمل هذه المشروعات على محمل الجد . فالمغامرات الفكرية الصرف في الانتاج عندنا ، معدومة أو شبه معدومة والنتاج الفكري المحض لا وجود له تقريباً . ولا يقرر أحداً شيئاً جديداً إذا قال أن الفكر العربي المعاصر كان وما يزال فكراً سياسياً يخلو من محاولات التنظير الأصلية الجادة ، وإن أية محاولة من هذا النوع لا تتوقع عادة من كاتب ناشئ وأن المغامرة المفضلة عند الكتاب الناشئين وغير الناشئين هي في مجال الشعر والقصة . ولئن كان مبرراً في أزمنة القلق الاجتماعي أن يغدو حديث الانفعال والحيرة والتمزق والضياع هو الحديث المحبب إلى الكاتب والقارئ ، على حد سواء ، إلا أن الفكر الرصين القادر على التحليل والتنظير يظل هو المرساة الأخيرة لا لتهدئة الانفعال وحسب وإنما لشق الطريق للعمل والتغيير .
من هذا المنظور تبدو مغامرة رائق النقري في ” الأيديولوجية الحيوية” مغامرة جريئة بالفعل، يغتفر أن لا تحتمل على محمل الجد . إلا أن الإصرار على القيام بها والتصميم على الاستمرار فيها ، خلال أربع سنوات لا يمكن إلا أن يلفت النظر إليها ويفرض التوقف عندها . إنها تظل جديرة بالإطلاع وبمحاولات المناقشة ، على الأقل كما يطلع زيادة على مؤلف أدبي وكما تناقش أية دراسة أو رواية أو مجموعة قصصية أو شعرية . فما هي هذه “الأيديولوجية الحيوية .. ؟ ” .
سؤال قد لا يكون المؤلف نفسه قد انتهى من تحديده واستكمل شروط الإجابة عنه ، ما دام هو نفسه يعلن أن ثمة مشروعات أخرى حول هذه ” الأيديولوجية ” في طريقها إلى الظهور ، ولكن المشروعات الأربعة التي ظهرت تكفي لاستخلاص بعض الخطوط العامة .
ما هي ” الأيديولوجية الحيوية ” ؟
يهدي رائق النقري ” الأيديولوجية الحيوية ” إلى كل إنسان يعيش مرارة السؤال عن معنى وأبعاد وجوده ” ويعد ما يقدمه نظرية ” لتكون دليلاً متواضعاً للحرية ” فالمغامرة إذن جريئة حقاً لأنها مشروع رؤية الوجود كله ( الطبيعة ، الإنسان ، المجتمع ) وبتعبير آخر هي مشروع فلسفة . بل ما هو أكثر من ذلك ” فلسفة علمية ” لأن رائق النقري ينطلق من مجموعة قراءاته العلمية ، لاسيما آخر المكتشفات والمحاولات في نطاق العلم لتفسير الكون . إنه في الصفحات الأولى ينطلق من ( أنشتاين ) ومن أستاذه ( مينكوسكي ) ومن العالم البيولوجي (فون يوكسكل) . ويكثر رائق النقري من الاستشهاد بأسماء علماء في الرياضيات والعلوم الفيزيائية والطبيعية لا يعرفها إلا المختصون حتى ليعجب القارئ من أين استطاع أن يحشد هذه الأسماء كلها .
فما هي هذه الفلسفة ؟ وهل هي علمية حقاً ؟ وعلى الأصح ما هي هذه الأيديولوجية ؟ ( يحرص المؤلف على كلمة أيديولوجية لأنه يقصد عقيدة للعمل ) .
ينطلق المؤلف من التساؤل الأساسي : لماذا نعيش ؟ فالحياة بحاجة إلى تفسير وتبرير . ويستبعد المؤلف نوعين من الإجابة الجاهزة كما يقول . النظرية الدينية التقليدية والنظرية اللادينية . فالأيديولوجية الحيوية شيء غير هذين الأثنين ، وعلى الأصح هي بديل لهما . إنها بديل للفكر الغيبي السائد وللفكر العلمي المعروف على حد سواء . وهذا ما تطمح إليه “الأيديولوجية الحيوية ” فما هي هذه النظرة أو هذه النظرية الجديدة ؟
الحياة لا تفنى وإنما تتحول من شكل إلى آخر … كتلة المادة إلى طاقة والطاقة إلى مادة “والخاصية التي نسميها كتلة ما هي إلا طاقة مركزة” (أينشتاين ) والحياة ليست ” كائناً وإنما هي وصف لعملية هي الخلق وتتجلى الحياة في جميع الكائنات ” وليست هذه الكائنات هي الكائنات الحية وحسب بل تشمل الكائن غير الحي ” فإذا قبلنا بكلمة كائنات حية وكانت صفاتها التنبه والانفعال والتحرك والتجدد والتكاثر ، فإننا نجد هذه الصفات لدى ما يسمى الجمادات …” والكائنات كلها شكل من أشكال إرادة الحياة . ولكل شكل أو نوع قانون خاص أرادته الحياة ، أو طريقة لوجوده وحركته . ما هي إرادة الحياة ؟ ” ببساطة أن إرادة الحياة هي الحياة .. ” وجدت الكائنات لكي تحيا . ويحقق الوجود حياته بتنفيذه إرادة الحياة وإرادة الحياة للكائنات هي الحرية ” إنها شرط تحقيق وجود الكائن وهي التي تصله بجوهر كينونته ، بالحياة ، الحرية ” وما هي الحرية ؟ إنها ليست صفة للإرادة . إنها تمام عمل الكائن . فحياة الكائن تتحقق بتمام شرط وجوده . الحرية . والحرية دعوة إلى مزيد من الالتصاق بشرط وجود الكائن ( محيطه ) والعبودية هي عدم توافر شرط وجود الكائن . وهي مفهوم نمطي . ويقصد بالنمطية ” أنسنة الأشياء وإرجاع المظاهر المختلفة كافة إلى قانون واحد ” والتأثير النمطي هو انعكاس وعي الإنسان لوجوده .. وكلما ازدادت وتعمقت تجربة الإنسان خف تأثير الأنماط وبدأ تأثير العلم . ولما كان العقل الإنساني جزءاً من الحياة وليس كلاً ، ولهذا فإن الجزء ليس بمقدوره أن يضع نفسه مكان الكل إنما يمكنه الكشف حسب قدرته على وعي أحداث الكل وإن أية محاولة لحشر العقل في قضايا ثي أكبر من أبعاد وجوده تعتبر لاغية . فالعقل الإنساني جزء من الحياة وليس كل الحياة ، ويمكنه بإمكانياته الكشف عن أحداث الحياة ويطالبنا المؤلف بأن ” لا نحشر عقلنا في أمور ليست من مهامه .. ؟؟
هكذا تنطلق “الأيديولوجية الحيوية ” .. من المعطيات العلمية لتستخلص مقولة ” الحياة ” ولتضع هذه المقولة في أبعاد تتجاوز “العقل ” و ” المادية الديالكتيكية ” في آن واحد . فالعقل قاصر على فهم الحياة لأنه جزء منها . والديالكتيك في الطبيعة ” غير شامل ” والتناقض في الأصل لا يحدث إلا في الكائنات التي تعي معنى التناقض كالبشر وبعض الحيوانات الراقية ، ويحدث الصراع نتيجة وعي لهذه التناقضات … فالسالب والموجب داخل الذرة ليسا في حالة صراع وما بينهما ليس تناقضاً وإنما اختلاف في التكوين وفي الوظيفة والذرة مؤلفة منهما معاً ، ولا يمكن وجودها بدون أحدهما وليس من الضرورة أن يكون في كائن آخر غير الذرة أشياء متضادة … ” وتذهب الأيديولوجية الحيوية إلى نقض الداروينية ” فالتنازع ليس ضرورة وإنما حالة .. وحركة الكائنات العامة تتم وفق القانون الحيوي للكائنات ” وهو أن كل كائن يتحرك وأن الحركة تغير تركيبه والتركيب يؤدي إلى تغير الحركة ” فكل كائن يتحرك إلى الحرية أو العبودية حسب قوانينه الخاصة التي أرادتها الحياة وحركته تتناسب مع عمرانه ( بنيته ) الذي يتغير هو الآخر بتأثير حركته وكلما ازدادت هذه الحركة تقلصت مدة التركيب ليتحول إلى تركيب آخر إما باتجاه الحرية أو العبودية . وكلما أبطأت الحركة ازدادت المدة بين تحول التركيب إلى تركيب آخر … ” فالكون حركة . ولا انفصال بين الكائن والحركة . وليست لهذا الكون صفة جوهرية مستقلة ثابتة سواء أكانت مادية أو روحية . كما أن الكون ليس بحاجة إلى محرك لأنه عندما لا توجد حركة لا توجد كينونة . والديالكتيك الهيغلي المثالي والماركسي المادي هما ” تزوير للكون وافتراء على التاريخ “!!
فالكون ليس حتمي الاتجاه في مسيرة وليس مطلق القيمة في أبعاده . والكائن لا يتمتع بوجود جوهري وإنما هو حالة حيوية حركية . وما ينطبق على الكون ينطبق على المجتمع فليس للتاريخ أدوار كما هو الأمر عند ماركس وهيغل واشينغلر وتوينبي وابن خلدون . (نقض المادية التاريخية ) . والمجتمع حركة . لذلك فهو متغير التركيب . وهذا التغير يتم حسب تأثير المجتمع وتأثره بكافة شروط صيرورته الحيوية وهي ثلاثة : الشرط العضوي ( الزمن ، الأرض ، السكان ) الشرط التنظيمي ( العمل ـ العلم ) الشرط الإبداعي : (العقيدة ، الإدارة ، القائد ) وهذه الشروط تؤلف المجال الحيوي الاجتماعي وكل بند من بنوده محصلة لكافة البنود الأخرى .
ما هو الإنسان إذن ؟
الكائن منطق . والحياة منطق . والإنسان منطق المنطق . شكل .
ما معنى هذا الكلام ؟
الكائن منطق بمعنى أنه لما كان الكون طاقة ، حركة . فلا وجود لزمان مطلق أو مكان مطلق لأنهما من نوعية واحدة ، لذلك فإن كل كائن له أبعاده التي تختلف عن أبعاد الكائن الآخر ، أي أن له طريقة في التشكل خاصة به . وهذا ما يسمى ” منطق ” أو معايشة أو شكل ، والحياة نوع من تفرد الوجود أي إبداع معين . والموت هو توقف هذا التفرد أو هذا الإبداع، أي انعدام الوجود على هذا الشكل وليس على أي شكل آخر . ومنطق الحياة هو منطق التجدد . والتجدد لا يكون تجدداً إذا كان تكراراً . والإبداع هو الذي يحدث أول مرة أي أنه تفرد . فمنطق الحياة هو منطق تفرد الوجود . والكائن الإنساني هو الكائن الحي ولا تطلق الصفة الإنسانية على كافة أشكال تواجدنا . إنما على الوجود المبدع منها فقط لأن منطق الحياة هو منطق تفرد . والتفرد لا يتم إلا من خلال الإبداع . وتنتهي حالة التفرد بانتهاء الإبداع . وتنتهي الحياة عندما ينتهي الإبداع . إن حالة المبدع ليست حالة قائمة حتمية وإنما هي حالة احتمالية . والذي لا يصل إلى مرحلة الإبداع مرحلة التفرد لا يكون إنساناً حياً ، فرداً وعندما يصبح أحدنا إنساناً فإنه يصبح فرداً . والتفرد هو تحقيق شرط الوجود . التصاق بالمحيط بالفلك الإنساني عامة ، فلك الحياة ومن لا يصل إلى مرحلة التفرد لا يصل إلى مرحلة الحياة ويبقى نقطة تافهة على الهامش إذ عندما لا يكون بيننا اختلاف فمعنى ذلك أننا تكرار لنسخة واحدة . غير أن اعترافنا بالفرد لا يتناقض مع نفي وجود ذات جوهرية . فالإنسان الفرد ليس صيغة ثابتة . ليس وجوداً عينياً . إنه منطق . طريقة . وعظمة الحياة في أنها حركة، خلق ، إبداع دائم . والكائن أو المنطق هو تمثيل لدرجة إبداعية معينة . فالدرجة الإنسانية هي المنطق . وتميز “الأيديولوجية الحيوية ” بين الشخص وبين الفرد . فالشخص هو معايشة تشخص التراث الاجتماعي . وهذا التشخص يحدث حسب درجة إنسانية المعايشة وكلما كانت المعايشة أكثر تفرداً فإن الشخص يصبح أقرب إلى أن يكون فرداً . فالشخص هو مشروع تفرد قد يتحقق أو لا يتحقق . والتشخيص يمثل القصور الضياع في حين يمثل التفرد الإبداع والعطاء .
ماذا نستطيع أن نستخلص من هذا كله ؟
- على الرغم من أن الأيديولوجية الحيوية تنكر وجود ” ذات جوهرية ” إلا أنها مع ذلك فلسفة فردية . فالحياة تتجدد عن طريق الأفراد المتميزين أو المتفردين الذين يمثلون أعلى أشكال ” منطق الحياة ” أو ” معايشة الحياة ” والتشخص هو “التماثل” أي وجود أشخاص غير متميزين . إنها إذن تضع الفرد في قمة ” الحياة ” وتعده قائد”الإبداع ” أي أنها في النهاية تطرح مبدأ ” النخبة ” الذي ينطلق من الفرد ، وليس مبدأ ” الطليعة ” الاشتراكي الذي ينطلق من الجماهير ومن الطبقة .
- تنفي “الأيديولوجية الحيوية ” التقدم الإنساني كحركة تطور اجتماعي صاعدة إلى الأمام لأنها تنفي وجود ” غائية ” في الحياة . وتعد التقدم نتيجة لقدرة فردية ” القائد” ” الفرد” على معايشة الحياة والالتصاق بقوانينها الحيوية . وهذا الفرد أو مجموعة أفراد هم الذين يقودون تطور المجتمع . ولا تقدم “الأيديولوجية الحيوية ” أي تفسير للتقدم الإنساني إلا على هذا الشكل الفردي على الرغم من اعترافها بوجود المجتمع كسابق على وجود الفرد وعلى الرغم من اعترافها بأن الفرد هو حصيلة معايشة القوانين الحيوية للمجتمع .
- لا تفسر “الأيديولوجية الحيوية ” أسباب ظهور الأفراد المتميزين إلا بالقول أنهم أقدر على معايشة القوانين الحيوية . أما كيف تتم هذه المعايشة والالتصاق بالمحيط الاجتماعي والإنساني أو كيف يبرز هؤلاء الأفراد فلا يمكن اعتبار ما تقدمه “الأيديولوجية الحيوية ” في هذا الصدد سوى أنه نتيجة لدفقة الحياة نفسها ، هذه الدفقة المجهولة التي لا يعلم أحد كيف تتحقق و متى تتحقق ؟
- على الرغم من اعتراف “الأيديولوجية الحيوية ” بقيمة العقل ودوره إلا أنها تعده جزءاً من كل ولا تسمح له كجزء بالتدخل في الكل أي في محاولة فهم الحياة وتفسيرها . أي أنها تطالب العقل بالتزام حدود معينة وتعترف بوجود مناطق محرمة عليه . فهي إذن تقر بوجود ما وراء الطبيعة على الرغم من إنكارها للتقسيم التقليدي ” مادة ” و ” روح ” وعلى الرغم كذلك من منطلقاتها العلمية بخاصة النظرية النسبية وآخر منجزات العلوم الطبيعية .
- تؤله “الأيديولوجية الحيوية ” الحياة والفرد المتميز كأعلى أشكال هذه الحياة . وهي على هذا الأساس تتلاقى مع فلسفة ” نيتشه ” ومجمل الاتجاهات الحيوية في الفلسفة بخاصة ” البرغسونية ” وتحاول تخطي هذه الاتجاهات عن طريق إعطاء الحياة مفهوماً أكثر شمولاً وأكثر علمية .
المفهوم الحيوي للمسألة القومية
تحت هذا العنوان تحاول “الأيديولوجية الحيوية ” تقديم تفسير للمسألة القومية وتتناول هويتين الأولى هي ” القومية العربية ” والثانية هي ” القومية الصهيونية ” فما هوية القومية العربية من وجهة نظر “الأيديولوجية الحيوية ” ؟
تنطلق “الأيديولوجية الحيوية ” من أولوية الوجود الاجتماعي على الوجود الفردي ، ومن وجود أشكال اجتماعية متميزة تؤلف القومية العربية أحد هذه الأشكال وتحاول أن تقدم تفسيراً لهذه القومية العربية . فما هو هذا التفسير ؟
- ترفض “الأيديولوجية الحيوية ” التفسيرات التي قدمها للقومية العربية كل من زكي الأرسوزي وميشيل عفلق وساطع الحصري وتعد ” كل ما فعلوه هو تطبيق النظريات القومية الألمانية الفرنسية “.
- القومية هي هوية المجتمع الذي تميزه عن غيره وتقابل ” الأنا ” لدى الفرد . إنها كائن يتحرك لأنها ظاهرة اجتماعية . فهي إذن ليست هوية جاهزة ولدت دفعة واحدة واستقرت في صفة مطلقة . إنما تبدأ مرحلة المخاض كأية ظاهرة اجتماعية والمخاض حالة مستمرة تحرك الهوية القومية وتؤدي إلى تغيرها وهذا التغيير يؤدي إلى تغير تركيبها . والهوية العامة للقومية العربية بدأت تتضح منذ الألف الأول قبل الميلاد . وهذا التغير في الحركة نحو الشمول كان أيضاً باتجاه الحرية لأنه استطاع أن يخلق قاعدة انطلقت منها أهم الحركات العقائدية والحضارية في العالم كله .
- مخاض القومية العربية أخذ في البدء ” هويات جزئية ” كالفرعونية والفينيقية والبابلية والآشورية ألخ ، حاولت التبلور في مشاريع عقائد ، وقد أخفقت اليهودية في أن تكون مضموناً لهوية القومية العربية لتعصبها وتقوقعها . وكانت المسيحية رد فعل عليها فظلت العقيدتان بعيدتين عن احتواء هوية القومية العربية. ونجح الإسلام في ذلك . ثم تفتت هذه الهوية بسبب تشعبها إلى اتجاهات ومذاهب .
- لم تستطع التجارب الراهنة المعاصرة التي تتمثل في مجموع الحركات السياسية أن تتوصل إلى استيعاب هوية القومية العربية في مخاضها الإتساعي لأنها لم تستطع صياغة دليلها النظري والتطبيقي ويرجع هذا العجز إلى أنها “ليست وليدة تفاعل حيوي ذاتي في المجتمع العربي فهي حتى الآن لم تتجاوز كونها ردة فعل أنجبت مشروعاً سياسياً لتوحيد أجزاء القارة العربية كتب بلغة مجازية شاعرية ومشروعاً لإزالة سيطرة الأجنبي والتخلف … وقد خلا المشروع من إجابة واضحة لشكل المخاض الاجتماعي الذي سيغير بنية المجتمع العربي … ”
- المطروح الآن هو ضرورة وجود أيديولوجيا توضح الهوية الفكرية والسلوكية للقومية العربية وتحدد أبعاد حركة المجتمع الإنساني بشكل علمي يجعلنا قادرين على توجيه حركة مجتمعنا باتجاه إرادة الحياة تسهم في تحرير العالم . والأيديولوجية الحيوية هي بداية حوار مسؤول يقود إلى الوضوح والتبلور .
ويمكن بصدد هوية القومية العربية كما طرحتها الأيديولوجية الحيوية تسجيل الملاحظات التالية :
- إن تحليل ظاهرة نشوء القومية العربية لا يحتاج إلى عودة معمقة إلى التاريخ القديم للمشرق العربي وحسب وهو ما لم يتحقق حتى الآن ، وإنما يحتاج أيضاً إلى منهج علمي تاريخي بالدرجة الأولى . والصفحات التي قدمتها ” هوية القومية العربية ” غير كافية .
- على الرغم من رفض الأيديولوجية الحيوية لنظرية اشنبغلر في دوائر الحضارة ولآراء توينيبي إلا أنها تلتقي معها في أكثر من نقطة ، بخاصة توسيع إطار القومية العربية لتشمل حضارات المشرق العربي القديمة كلها .
- على الرغم من أن حركة القومية العربية المعاصرة لم تتبلور في أيديولوجية محددة تماماً إلا أن الفكر العربي المعاصر التقدمي استطاع أن يطرح مقولات الوحدة العربية والحرية والاشتراكية كمضمون أساسي لنظرية ثورية يتم على أساسها تحديث المجتمعات العربية .
أما هوية القومية الصهيونية فتتبع الأيديولوجية الحيوية في تحليلها المنهج نفسه الذي استخدمته في تحليل هوية القومية العربية معتمدة على ” القانون الحيوي للمجتمع الإنساني ” وتحاول العودة إلى الجذور التاريخية لهوية الصهيونية التي هي ” هوية عقائدية قبل أن تكون هوية قومية ” وتعتبر كتاب هرتزل عن ” الدولة اليهودية ” هو الأيديولوجيا الأساسية لحركة الهوية الصهيونية في حين لا تتوافر للقومية العربية أيديولوجيا مماثلة .
ومن هذه المقارنة يستخلص رائق النقري النتائج التالية :
- إن ما نحتاج إليه هو إيجاد أيديولوجية علمية تستوعب جميع نشاطاتنا وتنهج الطرق أمامها … أيديولوجية لها من العمق والقوة بحيث تستطيع أن تقف في وجه الأيديولوجية الصهيونية ….
- ” أهم متطلبات ولادة الأيديولوجية هذه هو وعي ضرورتها … ويمكن مع الثقة بالذات العربية وقدرتها على الإبداع أن تخلق هذه الأيديولوجية ….
- إن أهداف الوحدة والحرية لا تعدو أن تكون منطلقات وطنية وليست أيديولوجيا والاشتراكية ليست مذهباً يؤمن به جميع العرب والفئات التي تنادي به كهدف مع الوحدة والحرية لا تأخذ الاشتراكية لديها قيمة أكثر من كونها طريقة أكثر نجوعاً لتنظيم الاقتصاد وتقويته وتشيح النظر إن لم تحارب الجانب الفلسفي المادي الديالكتيكي والتاريخ لهـــا ….
إن هذه النتائج الثلاث تطرح مسألة أساسية هي الأيديولوجية ووعي هذه الضرورة . وبهذا الصدد يمكن تسجيل الملاحظات التالية :
- من المسلم به أن الأيديولوجيا ضرورة لا حركة ثورية على أن يفهم من هذه الأيديولوجيا النظرية التي تكون بمثابة مرشد ودليل للعمل الثوري .
- تستخلص الأيديولوجيا من استقراء حركة الواقع للمجتمع القومي والإنساني ولا يمكن أن تفرض عليه من فوق ، أنها في هذه الحالة تفقد صفتها العلمية وتصبح عقيدة فلسفية أو مسلمات يقينية .
- مع الاعتراف بأن حركة القومية العربية لم تصبح له أيديولوجيا متكاملة إلا أن مقومات الوحدة العربية والحرية والاشتراكية هي حصيلة تحليل علمي لواقع المجتمعات العربية وكل تطور باتجاه ظهور أيديولوجيا متكاملة يجب أن ينطلق من هذه المقولات .
- تطرح “الأيديولوجية الحيوية ” نفسها كأيديولوجيا للقومية العربية متجاهلة الإنجاز الأساسي لحركة القومية العربية المتمثلة في مقولات الوحدة والحرية والاشتراكية وبخاصة مقولة الاشتراكية ، هذه المقولات العلمية والثورية التي يفترض أن تنطلق منها جميع محاولات بناء أيديولوجيا لقضية الثورة العربية . وفي هذه النقطة بالذات تتجلى خطورة الأيديولوجية الحيوية أنها لا تعترف بالإنجاز الأيديولوجي الهام المتمثل في هذه المقولات بالذات وتضع في مواجهتها مقولتان هما : إرادة الحياة والحرية .
*****
جاء في تعريف “الأيديولوجية الحيوية ” أنها تمثل “تحدياً مفاجئاً لكافة الفلسفات التي أعطت تفسيراتها للإنسان ” ( الإنسان شكل )
وبصدد ” هوية القومية العربية ” تقول “الأيديولوجية الحيوية ” : ” لا يوجد أي تنظير علمي للمسألة القومية … ويأتي هذا الكتاب ليوضح من خلال منظار الأيديولوجية الحيوية العلمي هوية القومية العربية أملاً في تعميق مسيرة الثورة العربية لتحقيق إرادة الحياة .. الحرية ..
أما كتاب ” هوية القومية الصهيونية ” فيقول عن نفسه أنه ” يشكل انعطافاً أساسياً في تنظير المسألة القومية وذلك من خلال تفسير حيوي علمي لهوية القومية الصهيونية … ويتضمن اقتراح صيغة ممكنة تعمق نضال طلائع الثورة العربية لتحقيق إرادة الحياة … الحرية …
ألا يمكن إذن أن نصف الأيديولوجية الحيوية استناداً إلى ما تقدم أنها محاولة جريئة ما دامت تمثل تحدياً لكافة الفلسفات ألا يمكن إذن أن نصفها بأنها طموحة ما دامت تهدف إلى أن تكون أيديولوجية للثورة العربية ، تسقط مقولات الوحدة والحرية والاشتراكية وتستعيض عنها بمقولتي ” إرادة الحياة والحرية “.
أليست مغامرة فكرية حقيقية محاولة تحدي العقائد والفلسفات والأيديولوجيات الثورية وغير الثورية والنظريات العلمية وغير العلمية ؟
إنها مغامرة طموحة . هذا هو الانطباع الأساسي الذي يخرج منه قارئ الأيديولوجية الحيوية في مصادرها الأربعة الرئيسية : (الأيديولوجية الحيوية ، هوية القومية الصهيونية ، هوية القومية العربية ، الإنسان شكل ) . وليس ثمة ريب في أن الكتاب الأخير أكثر نضجاً . إنه مؤشر على تقدم حقيقي خلال أربع سنوات . إنه رؤية للإنسان والحياة تنضح شاعرية . إنها رؤية فنان للإنسان وللحياة . ولو أنها جاءت في إطار ملحمة شعرية أو أدب الرواية لقدمت للشعر شاعراً حقيقياً وللرواية كاتباً ملهماً . مع ذلك فإن هذا لا ينقص من جدارتها كمحاولة فكرية خالصة . وكل هذه الجدارة في أنها مغامرة جريئة وطموحة بالفعل ، تستحق أن يتوقف القارئ عندها . إنها تمثل الطموح الجدي الذي يساور جميع المناضلين الصادقين الطامحين إلى أن تكون للقضية العربية أيديولوجية ثورية متكاملة تقود كفاح الجماهير العربية لا من أجل إرادة الحياة والحرية وحسب وإنما من أجل الاشتراكية أيضاً .
مربع المصالح من الشكل الإلكتروني إلى الشكل القرآني
مربع المصالح هو مربع الشكل الحيوي هو خوازرمية رياضية قابل للاستنساخ بأشكال متنوعة بتنوع المصالح القابلة للقياس بمقاددير كمية أو كيفية , ولذلك يمكن أن نتحدث عن مربع مصالح تلفزيون , مربع مصالح نبتة, مربع مصالح سوق، و مربع مصالح عقيدة , مربع مصالح فيلم ..حيث يعاد انتاج القيم الرياضية الحيوية للمربع المصالح بحسب معايير إمتداد وإيقاع المصالح المراد تربيعها ببساطة وسهولة العد 1 و2 و3 و4 ..
و من خلال ذلك يتم التقيد بصيغ مختلفة، تحافظ على الجذور الرياضية لمربع المصالح , ولكن بصلاحيات قياسية متعددة , وقد تم خلال التسعينات من القرن الماضي تجريب الكثير من مربعات المصالح في مجالات واختصاصات متعددة، من المصالح القرآنية إلى المصالح الإلكترونية, حيث تم التجريب فيها حتى ولو لم يكن خبيرا بالدارت الالكترونية، وحسبنا هنا وضع 3 صفحات من بحث قامت به ” د. مارغريت بغي” تحت إشراف الدكتور رائق النقري والتي ترجمها للعربية الدكتور عاطف النقري المختص في الهندسة الكترونية والأستاذ في جامعات فرنسية , ليتضح للقارئ بعض الآفاق التي يفتحها المنطق الحيوي ..
وبالطبع لا يتوقع من القارئ غير المختص أن يفهم تماما أهمية الموضوع , ولذلك يمكنه ان يقفز عن الموضوع ويكتفي بأخذ فكرة بصرية لمن يرغب الإطلاع عليها , وسيفهم اهميتها حتى ولو كان لا يجيد اللغة الإنكليزية, لكونه سيفهم بصريا على الأقل , كيف يستخدم مربع المصالح، في مصالح التواصل غير البشري . سنضع في الملحق صفحات مترجمة للدكتور عاطف النقري , وملخص بصفحات للمفكر العربي صائب وضاح وهو يحمل ماجستير في الهدسة الكهربائية من الولايات المتحدة الأمريكية :
عنوان البحث :
تطبيق المنطق الحيوي لاكتشاف الاخطاء100% في الدارات الألكترونية – باستخدام تقنية وحدة مربع المصالح (ISU)
Hayawic Logic Application to Test Pattern Generation Using the Interest Square Unity (ISU) Technique
إعداد الباحثة الامريكية : مارغريت بالمر : Marguerite “Peggy” J. Palmer
كجزء من متطلبات دروس الدكتور رائق ألنقري لحلقة الدكتوراى في الذكاء الإصطناعي
INFT 858 Class Project
Professor Alnakari
Spring 1998
George Mason University
Fairfax, VA
تطبيق المنطق الحيوي لاكتشاف الأخطاء في الدارات الالكترونية 100%% باستخدام تقنية مربع المصالح isu
Hayawic Logic Application to Test Pattern Generation Using the Interest Square Unity (ISU) Technique
إعداد الباحثة الامريكية : مارغريت بالمر : Marguerite “Peggy” J. Palmer
من متطلبات رسالة دكتوراة في الذكاء الإصطناعي
INFT 858 Class Project
Professor Raiek ANAKARI
Spring 1998
George Mason University
Fairfax, VA
ترجمة الدكتور عاطف النقري
استاذ الهندسة الالكترونية من جامعات فرنسا
تدقيق المهندس وضاح صائب
ماجستير في الهندسية الإلكترونية من الولايات المتحدة
مفكر وناشر كتابي “قتل الإسلام ونجاة الجناة ” و”وأد الأنثى”
Table of Contents
i. Abstract
ii. Preface
I. Introduction
II. Overview
- Problem Statement
- Objective
- Methodology
- Justification
- Expected Results
III. ISU and Unilogic Form Application
- Overall Problem
- Four existing methodologies
- Approach 1 – B-Algorithm: A Behavioral Test Generation Algorithm
- Approach 2 – System Level Fault Simulation
- Approach 3 – Behavioral Test Generation using Mixed Integer Non-linear Programming
- Approach 4 – Test Synthesis in the Behavioral Domain
- Conclusion
- Overview of State of the Art in Commercial Design for Test Tools
- Use of ISU and Unilogic Form to Solve Problem Using a New Holistic Approach
- Application of Interest Charge Elements (ICE) to Fault Detection
- Abstract Test Generation Case Analysis
- Approach 1 ISU Analysis
- Approach 2 ISU Analysis
- Approach 3 ISU Analysis
- Approach 4 ISU Analysis
- Results
- Direction for New Holistic Approach
IV. Conclusion
Appendix A – Key Concepts and Terms
Appendix B – Description of Recent Design for Test Tool Implementation
Appendix C – Bibliography of Design for Test Research Papers
Appendix D – List of Sources Contacted and Information Provided for this Project
تمهيد :
لمحة عن الباحثة الرائد مارغريت بالمر : Palmer Marguerite Jr
حول الباحثة: مارغريت بالمر، تعمل حالياً(1998) برتبة رائد في القوات الجوية الأمريكية، كمديرة لقسم ” طيف الترددات الرادارية” في مجلس الاتصالات الاليكترونية العسكرية ، للقيادة والتنظيم والاتصالات والاجهزة الحاسبة C4 )) ، مديرية تابعة لأركان الجيوش في البنتاغون، واشنطن العاصمة … وقد خدمت:
- مساعدة رئيس قسم في مكتب برنامج التشويش الاستخباري، ومسؤولة برنامج الارتباط التشريعي، وبرامج التشغيل والالكترونايات الدقيقة لهيئة صواريخ الدفاع البالستية (BMDO)وكمهندسة أول في برنامج أنظمة الانذار المبكر للأقمار الصناعية.
- ضابط توجيه في مكتب برنامج الاتصالات المتقدمة .
- تعمل حالياً ( حين تقديم هذه الدراسة ) على اعداد شهادة دكتوراة ، وهي تحمل :
- شهادة MEEE ماجستير من جامعة فرجينيا.
- ماجستير من جامعة تشامبان.
- بكالوريوس من معهد رينسلاير بوليتيكنيك.[5]
قبل العرض
تم تحضير هذه الدراسة , في السنة الأخيرة من مرحلة تقديم أطروحة دكتوراة في كلية تقنية المعلومات من ضمن متطلبات درس ECE858 الذي درسه الدكتور رائق النقري في ربيع عام 1989 في جامعة جورج ميسون الامريكية – منطقة واشنطن العاصمة , والدرس خاص بالذكاء الإصطناعي , بتطبيق المنطق الحيوي , لنمذجة الأغراض الموجهة .
ولقد تم الاتصال مع العديد من أصحاب مراكز المعلومات المستجدة , والمتعلقة مع هذا البحث , ويوجد في الملحق Dقائمة عن هذه الاتصالات ..
ولابأس بالتنويه أنه يلزم المزيد من الدراسات التفصيلية المعمقة لاستكمال هذا البحث
- الغاية من مشروع البحث المقدم هو : تطبيق مقاربة المنطق الحيوي في مجال الكشف عال المستوى لأخطاء الدارات الرقمية المتكاملة
مرة أخرى , لقد تم الوصول إلى نتائج أولية في هذا العمل , ويلزم مزيد من الابحاث الاضافية للاستفادة الكلية من طريقة المنطق الحيوي في استنتاج حلول أطثر عمقا ودقة
وأشكر الدكتور رائق النقري لتزويدي بالإرشادات .. والتوجيهات ..لإتمام هذا المشروع
· التّجريد( فكرة مختصرة عن البحث”
تقوم هذه الدراسة بفحص مسائل متنوعة مرتبطة بمنهجية المستوى السلوكي للوصول إلى كشف (تغطية للأخطاء بنسبة 100% في الدارات الكهربائية المتكاملة و أنصاف النواقل من نوع :
أولاً : سنقوم باستعراض الأبحاث على نماذج الأخطاء وإمكانية تطبيقها على دارات COMS وهذا سيقودنا إلى الأساسيات اللازمة لتحديد كشف الأخطاء .
ثانياً : سنقوم بتقييم عدة تقنيات توليد اختبار سلوكي من حيث قدرتها على كشف الأخطاء والوصول إلى تغطية ( كشف الأخطاء بنسبة 100% ) .
النتيجة ( الخلاصة ) تشير للحاجة إلى أبحاث أعمق على المستوى السلوكي للوصول إلى تغطية للخطأ بنسبة 100% في دارات CMOS .
تم تطوير “وحدة مربع المصالح”والمنطق الموحد في مدرسة دمشق للمنطق الحيوي والذي يقدم طريقة منهجية للاختبار وتحليل وحل أي مسألة . يمكن إظهار “وحدة مربع المصالح” بيانياً ليحتوي أربع حالات أساسية , مع كل حالة يمكن تمثيل التوضعات الممكنة للكينونة ووجودها . تمثل “وحدة مربع المصالح” انتقالات الحالة من حالة لأخرى حيث يمكن أن يستخدم كأداة تحليل لأن كل حالة تمثل عوامل أو منظور للمسألة .
يمكن استخدام “وحدة مربع المصالح” في التحليل والتصميم لتحقيق نماذج للأخطاء , تغطية (كشف) للخطأ عنونة مناطق توليد نموذج الاختبار حيث أن أدوات (تصميم الاختبار DFT) الموجود حالياً غير كافية لذلك ستركز هذه الدراسة على تحليل طرق توليد اختبار المستوى السلوكي الأربعة حيث أنهم يمثلون طيف من التقنيات التي تدعم تصميم قابلية الاختبار ، وبسبب وجود أبحاث كثيرة في هذا المجال ستستخدم الطرق الأربعة كحالات تمثيلية لتبين آلية تحليل “وحدة مربع المصالح” لهذه الطرق .
بما أن “وحدة مربع المصالح” ونموذج المنطق الموحد مطبق على مسألة توليد الاختبار , سيعطي هذا عدة حلول لحل مسائل المستوى السلوكي للوصول إلى تغطية للخطأ بنسبة 100% في دارات الـ CMOS , عندها يمكن تطبيق مربع وحدة المصالح والمنطق الموحد على كل من تقنيات توليد الاختبار الأربعة المشروحة والمختلفة ، سيقيم هذا إمكانياتها لكشف الأخطاء والوصول إلى تغطية للخطأ بنسبة 100% والمعرفة أين توجد هذه الأخطاء في محيط توليد الاختبار .
أخيراً فإن “وحدة مربع المصالح” تساعد على عنونة (تعريف) المسألة وتطوير اتجاه عمل لحل هذه المسألة .
لن تحل ““وحدة مربع المصالح”المسألة لكنها ستقدم أداة تحليل تعطي رؤية أعمق لإبعاد وديناميكية المسألة والنتيجة ستكون اتجاه عمل جديد يتم من خلاله الحل .
هدفنا هو تحديد نموذج المنطق الموحد الذي سيساعد على توجيه الأبحاث والجهود في اتجاه بديل للوصول إلى طريقة اختبار شمولية .
سنوصف الاختلافات في هذه الطريقة مقارنة بالطرق الأربعة الأخرى و سنبين كيف أن هذه الطريقة الشمولية الجديدة يمكن أن تستخدم لتحليل و اكتشاف أنماط مختلفة من الأخطاء في دارات الـ CMOS .
أخيراً سنناقش النتائج المتوقعة من هذه الطريقة فيما لو اعتمدت و إذا كان بالإمكان تطبيق هذه الطريقة الشمولية الجديدة وما هي المتطلبات .
سنوصف أيضاً الخاصية التي يجب أن تستخدم لاختبار مردود وكفاءة هذه الطريقة الشمولية الجديدة والقائمة على “وحدة مربع المصالح” .
[1] http://www.ahl-alquran.com/arabic/printpage.php?doc_type=1&doc_id=6792
([2]) جودت سعيد: مفكر إسلامي معروف جيداً في مختلف الأوساط العربية والعالمية المهتمة بشؤون الفكر الإسلامي وهو نشيط رغم سنواته السبعين.. ويشارك في كل المؤتمرات التي يدعى إليها في أركان الأرض للتبشير بإسلام بلا عنف، إسلام بلا طوائف.. والذي عبر عنه في كتاب (مذهب ابن آدم الأول) 1966 –دار الفكر المعاصر، بيروت. وكتاب (كن كابن آدم) 1997 عن الدار نفسها، وكما يلاحظ القارئ فإن التعقيب أرسل في صيغة رسالة عادية تتضمن بعض المعلومات التي قد لا تهم القارئ ولكنا فضلنا نشرها كما هي كإضافة على طريق الحيوية الإسلامية.
([3]) أبو عقبة: هو الباحث الحيوي علي علي، أحد مؤسسي مدرسة دمشق للمنطق الحيوي.
[4]الفقيه جودت سعيد في الثمانينات من العمر- تولد 1931 خريج الأزهر عام 1957 له حضور واسع في العالم العربي, والإسلامي , وشارك في أهم المؤتمرات الدولية .. ويتسم فقهه بحيوية, وأصالة قل نظيرها.. ومن مؤلفاته :” مذهب ابن آدم” , الذي صدرت اول طبعة له عام 1966 وأعيد طبعه عدة مرات في عواصم عربية مختلفة وله أيضا كتاب “كن كابن آدم “ .
[5] ABOUT THE AUTHOR: Marguerite J. Palmer is currently a Major in the U.S. Air Force and is assigned as the Radio Frequency Spectrum Manager for the Military Communications-Electronics Board for the Command, Control, Communications, and Computers (C4) Directorate of the Joint Staff in the Pentagon, Washington, DC. She has served as a
- Deputy Division Chief for an Intelligence Dissemination System Program Office; Legislative Liaison and Program Manager, On-board Processing and Microelectronics Programs for the Ballistic Missile Defense Organization (BMDO); Lead Engineer for an Early Warning Satellite System Program Office; and a
- Program Control Officer for an Advanced Communications Program Office.
- Maj Palmer is currently working on a PhD and holds a
- MEEE from the University of Virginia, an
- MBA from Chapman University, and a
- BS from Rensselaer Polytechnic Institute.