تصوّف وعرفان نظري

الصوفية.. “ثروة روحية” في القدس*

الصوفية.. “ثروة روحية” في القدس*

   نسرين عيسى                   

طقوس صوفية في القدس

 

“والله ما طلعت شمس ولا غربت الا وحبك مقرون بأنفاسي ولا ذكرتك محزونًا ولا فرحا الا وانت بقلبي بين وسواسي ولا هممت بشرب الماء من عطش الا رأيت خيالا منك في الكآس”، بهذا الشعر الصوفي القديم يتغنى الدرويش احمد وهو يتمايل بعباءته البيضاء وقبعته الطويلة “الطربوش” مغمضا عينيه وسط أصوات الطبول وموسيقى العود، في باب الزاوية، احد أبواب المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة.

هكذا يفعل الدرويش ليحتفل بمولد النبي محمد عند باب الزاوية في القدس.

يمثل الدرويش احمد الكثير من الصوفين في القدس الذين ما زالوا يمارسون طقوسهم التي يرون فيها طريقة للزهد والإبتعاد عن الترف الحضاري.

نشأة الصوفية في القدس

يقول المرشد السياحي المختص في الدراسات الاسلامية في القدس اسلام يونس إن دخول الصوفية لمدينة القدس المحتلة كان عن طريق استقبالها لمعظم الصوفيين القادمين من العالم العربي والإسلامي، والذين أقاموا زوايا صوفية أعطت للمدينة المقدسة طابعا وشكلا خاصا.

تاريخيا، يقول يونس إن بداية الصوفية كانت منذ آواخر العصر الآيوبي وبداية العصر المملوكي في الجزء الشرقي من العالم الاسلامي، في بلاد الهند وأفغانستان وإيران والعراق، ثم وصلت لبلاد الشام في تلك الفترة وخاصة القدس وأكثر هذه الطرق الصوفية القادمة مِن الجز الشرقي شيوعاً هي الطريقة القادرية التي أسسها المتصوف المشهور عبد القادر الجيلاني ، كذلك الطريقة النقشبندية.

أما الجزء الاخر من الصوفية جاء للقدس من بلاد شمال افريقيا، مثل الزاوية اليونيسية وطريقة الدراويش.

والجزء الثالث الذي وصل للقدس متأخراً من “تركيا”، وأشهر طرقها هي الطريقة “المولوية” التي أسسها شاعر التصوف الكبير في القرن الثاني عشر الميلادي جلال الدين الرومي.

وجاءت أيضاً من مصر عدة طرق صوفية سميت جميعها بطرق الدراويش مثل الدسوقية، الكيلانية.

ويُبين المرشد ان اكثر الطرق الصوفية التي حافظت على بقاءها اليوم في القدس هي الطريقة القادرية ويعود ذلك لثقة الناس بمؤسسها “عبد القادر الجيلاني” بسبب مكانته العلمية والدينية القوية فهو ملم بخمسة علوم دينية ومعروف بعلمه وكتبه بين أهل العلم وكان مفتيا في القدس ويقدم الفتاوى الفقهية لأربعة مذاهب مختلفة.

 

“مدينة المتصوفين”

يرجع السبب في اختيار الصوفية للقدس مكانا لتجمعهم للقيمة الروحانية للقدس كما يعتقدون في الصوفية، وأنها مدينة مقدسة، وفقا لإسلام يونس.

اتخذ الصوفيون عدة أماكن في المدينة المقدسة، اطلقوا عليها أسماء عدة، منها الأربطة والخوانق والزوايا.

تقع بعض هذه الزوايا داخل أسوار القدس “البلدة القديمة” مثل الزاوية الهندية، والزاوية الوفائية، والأفغانية والزاوية البخارية، والبعض الاخر خارج آسوار المدينة، كما زاوية الشيخ جراح.

وتتميز الصوفية في القدس بنشاطاتها المختلفة فيحتفل الصوفيون بمناسبات عدة منها ذكرى الإسراء والمعراج، والمولد النبوي، والعيدين الأضحى والمبارك بطقوس مختلفة منها الرقص والغناء وتوزيع الحلوى، وحلقات الذكر والتجويد وتحسين الصوت، واستخدام الطبول والعود.

____________________

*نقلًا عن موقع ” شبكة راية الإعلامية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى