دراسات وبحوث معمقة

معراج الإرتقاء من دولة العشق إلی دولة الوجود

 

معراج الإرتقاء

من دولة العشق إلی دولة الوجود

 

 

سيد علي الموسوي

 

تمهيد:

المجتمع الإنسانيُّ هو نظير مملكة النفس إذ يشهد تنازعاً بین قواه المختلفة. وأطروحة كأطروحة المدینة الفاضلة على سبيل المثال، قد جرى إدخالها تحت الصراع المنحكم إلى سلطة العقل في هيمنته علی القوی الأخری. فهذه المدینة التی یزعمها الفلاسفة راحت تتحوَّل بسبب من هذا التنازع إلی مدینة أسيرة للعقل والهوی، وبسببها تحوَّلت الحضارة الحدیثة وکثیر من الحضارات السابقة إلی مدنٍ ضالَّة وجاهلة.

إنَّ دولة العقل لیست راسخة كدولة العشق، فهذه الأخيرة تعبير عن رسوخ حكم العشق فيها على نحو لا ينازعه منازع. وهذا الحكم لا يترك مجالاً للعقل ولا لدنیاه. وعليه، فإنَّ دولة العشق- بمعنی غلبة العشق علی العقل والدنیا- هي أیضاً ليست راسخة، لأنَّ الإنسان- وبسبب وجوده المادِّيِّ وهويَّته الفكريَّة- غير قادر على مغادرة الدنیا والعقل المادِّيّْ. أمَّا الطريقة الوحيدة للدولة الراسخة، فإنَّما هي  دولة الوجود التي تعني رسوخ العشق عبر فناء المحبوب والانفصال عن العالم. وفي مرحلة البقاء بعد الفناء، يخطو الصوفيُّ في معراجه لينتقل من طور الوجود المطلق، إلى مطلق الوجود.

_____________________________________________________

*أستاذ تعليم عالٍ في الفلسفة ومدير معهد دراسات الحضارة التوحيديَّة – إيران.

هكذا تتشكَّل دولة الوجود، وينتقل الصراع نحو التعاون الكامل بين العقل والدنیا تحت ظلال العشق بدلاً من السلام بین العشق من جهة والعقل والدنیا من جهة أخری. وهنا تكون بداية التمهيد للحضارة العالميَّة المقبلة.

مفردات مفتاحيَّة: دولة العشق، وحدة الوجود، البقاء بعد الفناء، المدینة الفاضلة، الحضارة، العرفان.

*     *     *

مقدِّمة:

“دولة العشق” من المصطلحات الأكثر تداولاً واستخداماً في الأدب الصوفيِّ الفارسيِّ. وهو مصطلح يشير إلى معجزة العشق التي تحدث مع البشر ومصدرها الزاوية القصيَّة التي تشعل كينونة الإنسان وتغمره بلطفها.

هذا ما نقرأه فی دیوان شمس التبریزي(1185-1248 م)  لمولانا جلال الدين الرومي البلخي (1207 -1273م)[1]* حيث تحتل قصيدة “دولة العشق” منزلة مركزيَّة فيه كونها مليئة بالإثارة، ومركز الجاذبيَّة في هذه القصائد الغنائيَّة هو التبريزي نفسه ولهذا عُرِفت باسمه.

هذه القصيدة تروي حكاية التغيير العميق، وتمظهرت في صورة محادثة بين الروميِّ والتبريزيِّ. والمقطع التالي هو خلاصة هذا المنعطف الذي حدث بين المريد وشيخه:

كنتُ ميتاً فأصبحتُ حيَّاً، كنتُ باكياً فأصبحت ضاحكاً. لقد حلَّت دولة العشق، وصرتُ دولة راسخة1

ثمَّ تمضي القصيدة لتعكس حقيقة التفاعلات الوجدانيَّة بين الروميِّ وشمس:

قال[2]: لست مجنوناً… ولست جديراً بهذه الدار؟     فذهبت وصرت مجنوناً مقيَّداً بالسلاسل .

قال : لقد صرتُ شمعاً.. وقبلةً لهذا الجمع،     ولا أنا بالشمع، ولا أنا بالجمع، بل دخان متفرِّق .

قال: أنت شيخٌ وإمامٌ وزعيمٌ ومرشدٌ،      لستَ إماماً.. لستَ شيخاً.. بل أنا عبد لأمرك.

قال: لك جناح وقوادم.. لا أعطيك جناحاً وقوادم،   وحبَّاً في جناحه وقوادمه قطعت جناحي .

وفي مقطع آخر يقول:

وجد قلبي شعاع الروح فانفتح قلبي وانشقَّ ووجد قلبي أطلساً جديداً فصرتُ عدوَّاً لهذه الخرقة.

یشكر التراب الظلوم للفلك المنحنى…  فمن نظره ودورانه صرتُ قابلاً للنور .

يشكر العارف بالحقِّ …إنَّنا قد سبقنا الجميع… وفوق الطباق السبع صرت كوكباً مضيئاً.

كلُّ هذه الإلماحات تصف دولة العشق. حيث ينشد العارف النقاء. وهذا يعني الدخول في تضحية رومانسيَّة كبرى يفقد العاشق معها كلَّ محمولاته من أجل معشوقه. فدولة العشق هنا هي الهيام المنقطع النظير في العشق.

يقول مولانا في غنائيَّة أخرى من دیوان شمس التبریزيِّ:

طوبی للمقامر الذی فَقَدَ کلَّ ما لديه   ولم یبقَ له سوی الرَّغبة في مقامرة أخری.

أنت في الموت والحياة، ألا لا تعرفُ شيئًا غيره  ليس كغانية مع صديق آخر كلَّ ليلة.[3]

هذا المقطع يختزن دلالة عميقة مفادها أنَّ العشق يريد وجود العاشق کلِّه، لا جزءاً منه، ولا يترك مجالاً للآخرين. وما ذلك إلاَّ لأنَّ هيمنة العشق هو مقام مفارق يختلف عن دنيا الشهوة والغضب أو حساب العقل المادِّي. ولذا، فلا يقبل العاشق أيَّ منافس.

 

2-  جدليَّة العقل والعشق:

الرُّوح مثل الكيان الحضاريِّ، وهي تظهر على شاكلة ساكنيه ومن سيحكم هذا الكيان. وعليه، فإنَّ مملكة الهوی والعقل والحبِّ والوجود هي كذلك.

غير أنَّ الرابط الأوَّل والوطيد بين الدولة والرُّوح في تاريخ الحكمة الإسلاميَّة يوجد خلاف هذا القياس. ولهذا الداعي كيف جرى تقسيم الحكمة العملیَّة إلی ثلاثة علوم؛ علم الأخلاق (في تدبیر النفس)، علم تدبیر المنزل (أي تدبیر الأسرة)، وعلم سیاسة المدن (نفس علم السیاسة في تدبیر الحكم). والغرض النهائيُّ من الحكمة العملیَّة هو تأسیس حضارة أخلاقیَّة إنسانیَّة وعقلانیَّة.

في كتابه “آراء أهل المدينة الفاضلة” يُشبِّه الفارابي المدينة بالرُّوح البشريَّة. وما ذاك إلاَّ لحقيقة كون الحضارات الإنسانيَّة المختلفة تتشكَّل اعتماداً على القوَّة النفسيَّة التي تحكم المدينة. وتأسيساً على تقسيماته تعدَّدت وتنوَّعت أجناس المدن الحضاريَّة على النحو الذي ورد في كتابه الآنف الذكر. ومن هذا النحو بدت هذه المدن على صورة أهلها وحاكميها: مدينة الجهل والضرورة (السعي لتلبية الحاجات الأساسيَّة للحياة المادِّيَّة)، مدينة البدالة (تراكم الثروة)، مدينة البؤس أو القسوة (الشهوة واللذَّة الحسِّيَّة والأكل: الأبيقوريَّة)، مدينة الكرامة: أهل الرفاهية والسيادة، مدينة الهيمنة أو الفتح (الغضب، الشهوة، القوَّة، الماكرة، القرب)، مدينة جماعیَّة (فوضى الأناركيَّة المتطرِّفة)، مدينة الإذلال، وهي مستودع (المذهب التجاريِّ، حيث يبحث الجميع عن الذَّهب والفضَّة)، مدينة الفساد (أهلها يعرفون السعادة، لكن سلوكهم كسلوك أهل مدينة الجهل)، المدينة الضالَّة (بعض المفاهيم الخاطئة هي مصدر سلوكهم)، ثم المدينة المتبدِّلة وهي (المدينة التي كانت فاضلة ثمَّ تغيَّرت بفعل الفساد الأخلاقيِّ للطبقة الحاكمة)[4].

علی أساس رؤیة الفارابي في الحكمة العملیَّة، نجد في مقابل هذة المدن الضالَّة الجاهلة، التي تتنازع فيها قوی النفس، مدینة واحدة هي المدینة الفاضلة. والفارابي هنا یعطي الدور الملكيَّ إلى العقل. وعليه سيعتبر أنَّ الدولة الراسخة هي دولة العقل. أي سلطة قوَّة العقل علی کلِّ ما عداها من القوى.

أمَّا دولة العشق فهي على نشأة أخرى. فيها يصل العشق إلى مرتبة امتلاك الهيمنة مملكة الرُّوح. ذلك بأنَّ “ملك العشق هو الذي يحرز هيمنة كليَّة على تلك المملكة، فلا ينازعها منازع. في هذا المنفسح عندما یقول مولانا جلال الدين: صرتُ دولة راسخة، معنى هذا أنَّ «مملكة نفسي كانت مملكة منازعةٍ ووهنٍ، ولكن من بعدما تحقَّقتُ بالعشق صارت نفسي دولة محكومة بسلطانه الوحيد. ذلك لأنَّ العشق يحرق كلَّ اضطراب ومنازعة؛ فهو لا يترك مجالاً لأيَّة حقيقة أخرى. والبيِّن بحسب مقصد مولانا، أنَّ قوَّة العشق حين يتَّصل الأمر بدولته الراسخة نكون أمام تلك القوَّة العُظمی التي تهیمن علی کلِّ ما يخالف طبيعتها.

السؤال الذي يتراءى لنا حول منزلة العقل في مقام العشق، هو التالي:

هل يمكن استبعاد العقل المادِّيِّ من الحياة البشريَّة، وبالتالي هل يمكن بناء حضارة على هذا الأساس من خلال بديل حضاريٍّ يجمع «مدينة العشق» إلى مدينة كمدينة الفارابي الفاضلة؟

الواضح، أنَّ مثل هذا التوليف هو أدنى إلى المستحيل منه إلى الممكن الواقعيِّ. فالإنسان يغرق بالتأکید في لجَّة المادِّيَّة الدنيويَّة. لقد خُلق بحاجاته المادِّيَّة للطعام والملابس والسكن والزوجة والأطفال والوضع التعليميِّ والثقافيِّ، فضلاً عن الشهرة والمكانة الاجتماعيَّة. والحیاة البشريَّة في الدنیا ليست سوى هذه الأشياء. ولهذا السبب يستحيل ترك الدنیا إلا بالموت الجسدي، وإلا فإن الإنسان الحي يغرق على الدوام في الحياة المادية.

هذا هو شأن دولة العقل التي خطَّط لها الفلاسفة. ذلك بأنَّ القوی المنافسة لا تتيح لدولة العقل الرسوخ. ويتبيَّن لنا من خلال التجارب الحضاريَّة كيف تغلَّبت قوى الشهوة والضلال والجهل على حركة العقل. فالحضارة الحدیثة مثل کثیر من الحضارات السابقة، محکومٌ عليها بما حُكِمَ على المدن الضالَّة. حيث العقلُ فیها أسیر أهواء الحكام وأغراضهم[5].

لكن ماذا عن المدينة الصوفيَّة العاشقة؟

في الحضارة الحدیثة، وربما فی جزء کبیر من حضارتنا الإسلامیَّة كان للتصوُّف الدور نفسه لخدمة المدن المضادَّة لمدینة العشق. التصوُّف والصوفيَّة هما هامش الحياة المادِّيَّة الحقيقيَّة والنفعيَّة للتخلُّص من صخب هذا الدنیا للحظة. وهو ما عبَّر عنه مولانا الرومي في “المثنوي” بقوله: دع رياح الحبِّ تهبُّ في قصبنا ولنتذكَّر الأيام التي انقطعنا فيها عن القصب بأصواتنا ملتهبة[6]…ولكن غداً سيكون لدينا الحياة اليوميَّة نفسها مرَّة أخرى.

قلَّة منا ممَّن يلتزمون طريق العشق، يختارون الانعزال عن المجتمع والدنیا و«ترك الدنیا لأهل الدنیا». ذاك يعني من الناحیة الحضاریَّة، هيمنة أهل الدنیا على الدنیا وعدم قبول أهل العشق. من ناحية أخرى، فإنَّ هجر العقل والانحياز إلى السلوك المشوب بالجهل والعمى العاطفيِّ يسبِّب الخزي والضرر فی الحیاة. وعليه، فإنَّ كلام خصوم العشق حين ينسبون إلى التصوُّف عقم مشروعهم الحضاريِّ ليس كلاماً عبثيَّاً. المشكلة أنَّ الصوفيَّة باعتزالها الدنیا، وافتقارها للعقلانيَّة، أفسحت في المجال لهذا العقم والذل المادِّيّْ. لکن كلَّ هذا جرى بسبب أنَّها مهَّدت الطريق لأهل الدنیا لكي يدفعوا باجتماعنا الحضاريِّ نحو الإذلال والتبعيَّة والانسداد. بهذا المعنى، فإنَّ الاتِّهامات التي تُنسب إلى العشق، هي نفسها التي تحكم سلوك أهل العقل الغَرَضيِّ ومصالحهم.

 

3- العقل المنوَّر: أو الخروج من أزمة العشق والعقل:

تبدو المساومة مستحيلة في الصراع بين روح العشق والعقل المادِّيِّ والدنيويّْ. ولذا لا يمكن الموازاة والجمع بين نصيب العشق ونصيب العقل المادِّيِّ الدنيويّْ. فالعشق الحقيقيُّ لا يترك نصيباً للعقل المادِّيِّ ولا للغرض الدنيويِّ اللذين يفسحان المجال للعشق الاصطناعيِّ الحائل دون بلوغ حقيقة العشق. هنالك حبيبان لا يجتمعان في قلب صادق ونقيّْ. فالتصوُّف العارف يسعى لكمال الانقطاع إلی الله. ومن أجل ذلك، ليس هناك من حلٍّ وسط. وفي مثل هذه الحال، ينطرح التساؤل الشاقُّ عمَّا ينبغي القيام به؟

ما دمنا نتاخم دولة العشق، دعونا إذاً، نواصل الجهد للعثور على سبيل يوصلنا إلى حياضها. حيث يمكن أن يفضي استقرار هذه الدولة إلى مآلات تحتوي العقل المادِّيَّ وتتجاوز الدنيا الفانية، وهنا بالذَّات ينفتح باب الكلام على دولة الوجود. وفي ما يلي سأشرح لماذا نسمِّي هذه المرحلة بـ«دولة الوجود».

ما من ريب في أنَّ العداوة بين العقل المادِّيِّ والقلب، وإن انتهت لصالح القلب، هي باقية ولا تضمحل. وبهذا المعنى لا تتمتَّع هذه الدولة بالرُّسوخ والديمومة. الحلُّ الذي اختاره أبوحامد الغزالي لصالح التصوُّف في «إحیاء علوم الدین» ردَّاً علی الفلسفة فی «تهافت الفلاسفة» لم يكن نهایة المطاف. الدولة الراسخة التي يتحدَّث عنها الروميُّ يجب أن تنتهي بتصالح العقل المادِّيِّ والدنیا في العشق لا بإلغاء الاثنين. وفي اليوم الذي يصبح فيه العقل المادِّيُّ خادماً للعشق، وتتَّخذ أرض الدنیا لون سمائه الرَّحبة، تتحقَّق الدولة الراسخة، وتبتدئ رحلة التأسيس الكامل للعشق. في هذه الحكومة، لا حاجة للسلام بين سماء المحبَّة وأرض الدنیا، ولا حاجة للسلام بين العقل والقلب. هنالك يسعى العقل المادِّيُّ والدنیا إلى توسيع دولة العشق، وهذا المسعى سوف يؤدِّي إلى التعاون والتكامل بدلاً من الصراع. وذلك مفتتح لبناء مدینة العشق. عن هذا الطریق یمكن أن تتكامل مدینة العشق مع مدینة العقل، أي (المدینة الفاضلة) التي يريدها الفلاسفة. والحقیقة أنَّ العرفان یدَّعي أنَّ المدینة الفاضلة التی یبحث عنها الفلاسفة لیست إلاَّ مدینة العشق. فلا یمكن أن تنشأ دولة العقل إلاَّ تحت ظلال دولة العشق، ذلك بأنَّ العقل یحکم بقوَّة العشق. وکلُّ نقد الغزالي علی الفلسفة المشَّائیَّة لم يكن يأتي بمعنی صراع العرفان والعقل، بل بمعنی الصراع بین العرفان (التصوُّف) والفلسفة المشَّائیَّة[7].

في هذا الموضع، يصرح داوود القیصري (1260-1350م) في “شرح فصوص الحکم” لابن عربي بأنَّ ما یشرحه لیس إلاَّ مباحث عقليَّة، حيث ينظر إلی مدرسته بوصفها مدرسة فلسفیَّة، ثمَّ يوضح  مقصده من ذلك بالقول: «هذه المباحث العقلیَّة، وإن کان فیها ما یخالف ظاهر الحكمة النظریَّة، لكنها في الحقیقة روحها الظاهرة من أنوار الحضرة النبویَّة. من أجل ذلك، لا يتردَّد أهل الله في إظهارها، وإن کان المتفلسفون ومقلِّدوهم یأبون عن أمثالها»[8].

وليس من شكٍّ في الجهد الذي بذله القیصريُّ ومن کان ینتمي إلی مدرسة ابن عربي، هو ما تمثَّل بشرح العرفان النظريِّ في إطار المنظومة الفلسفيَّة المشَّائیَّة. غير أنَّ هذه الحصريَّة جرت قبل نشوء مدرسة ابن عربي. أمَّا بعد ذلك، فسنشهد ظهور مدرستین فلسفیَّتین مختلفتین تماماً عن ميتافيزيقا المشَّاء. إحداهما حکمة الإشراق[9] للسهرورديِّ، والأخرى الحكمة المتعالیة[10] لصدر الدين الشيرازي. فالعقل إضافة علی إمکانیَّة شهوده (وهي غیر طریق الإستدلال الفلسفيِّ)، هو الحاضر في ساحة الشهود الحسِّيِّ والقلبيّْ[11]. وحسب هاتين المدرستين، ورغم الاختلاف في البناء والمنهج، فإنَّ العقل المنور[12] بنور العشق والإيمان يظهر مهيمناً على العقل الحسابيِّ الدنيويّْ[13]، وهذا يرجع إلى أنَّ العقل المادِّيَّ يستمرُّ في الحساب حتى من بعد أن يغزوه العشق، لكن حاسبة العقل المادِّيِّ – وهو ينشط تحت إدارة العقل المنوَّر بنور العشق- تختلف جوهريَّاً عن الحاسبة المادِّيَّة الجاهلة. وعلى عكس المعتقدات الوضعيَّة، فإنَّ العقل المادِّيَّ، هو عقل مشوب بالأوهام والخیالات، في حين أنَّ الجهاز العقلانيَّ للعشق والإيمان هو أوسع وأكثر شمولاً[14]. العشق ينظر إلى الدنیا من فوق، بينما العقل الفارغ المنغلق، الأسير للشهوة والجهل، غير قادر على فهم الحقائق المادِّيَّة بشكل كامل. وكما يشير کارل بوبر(1902-1994م)، فإنَّ كثيراً من المعارف البشریَّة تتأثَّر بأهواء العلماء وميولهم المتعصِّبة[15]. لكن بوبر في فکرته المنغلقة فی إطار«قابلیَّة الإبطال»، هو بنفسه محكوم بأحكامه الصادرة. وبيان الأمر، أنَّ اهتمامه بنقد المارکسیَّة جرى علی أساس مصالحه ومیوله وتعصُّباته. فقط عقلٌ تحرَّر من عبوديَّة الشهوة ووصل إلى جوهر الضمير المطلق للكون، يمكن أن يجد فهماً نهائيَّاً للوجود خارج الغرائزيَّة العصبیَّة والأوهام.

إنَّ مستهلَّ دولة العشق أن تفنی في وقتٍ ما، وأن تتحرَّر من قيود الكون كلِّها. ورحلة المتصوِّف من الخلق إلى الحقِّ وفي الحقِّ بالحقِّ، هي التي ترسم الطريق للوصول إلى هذه المرحلة. أمَّا ذروة هذه الدولة فهي الفناء بالألوهيَّة. مع ذلك، فإنّ العشق لا ينتهي حين يصل إلى هذه المنزلة. إذ بعد مرحلة الفناء، يترقَّى العارف من حالة العشق إلى حالة الوجود. واستمرار العشق في الوجود هو بقاءٌ بعد فناء. وهذه هي قاعدة «الصحو بعد المحو»، أو «البقاء بعد الفناء» العرفانيَّة. غير أنَّ هذه القاعدة نفسها لا تعني العودة إلى مسرح ما قبل العشق والفناء، بل العيش فی سكر العشق بقلبٍ فانٍ عن كلِّ ما سوى الحقّْ.

ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الأسفار إلی الله في “الحكمة المتعالية” ليست منحصرة فی السَفَرِ الأول والثاني وحسب، بل هي تشمل أيضاً أسفاراً أربعة تتكامل في ما بينها. وهذا ما يوضحُه ملاَّ صدرا الشیرزاي في مقدِّمة کتاب «الحكمة المتعالیة في الأسفار الأربعة العقلیَّة»، يقول: “واعلم‌ أن للسلاَّك من العرفاء والأولياء أسفاراً أربعة: أحدها السفر من الخلق إلى الحقِّ، وثانيها السفر بالحقِّ في الحقِّ، والسفر الثالث يقابل الأول لأنَّه من الحقِّ إلى الخلق بالحقِّ، وأمَّا الرابع فإنَّه يقابل الثاني من وجه لأنَّه بالحقِّ في الخلق[16]. ثمَّ يبدأ بتأصيل وشرح هذه الأسفار مستفيداً ممَّا قدَّمه فلاسفة مدرسة حكمة الإشراق وسواهم من الحكماء والعرفاء.

في هذا الصدد، يقول الشيخ المحقِّق كمال الدين عبد الرزاق الكاشي: “السفر هو توجُّه القلب إلى الحقِّ تعالى، والأسفار أربعة: الأول، هو السير إلى الله من منازل النفس إلى الأفق المبين، وهو نهاية مقام القلب ومبدأ التجلِّيات الأسمائيَّة. الثاني، يعني السير في الله بالإتِّصاف بصفاته والتحقُّق بأسمائه إلى الأفق الأعلى ونهاية الحضرة الواحدية. الثالث، هو الترقِّي إلى عين الجمع والحضرة الأحديَّة؛ وهو مقام قاب قوسين ما بقيت الاثنينيَّة، فإذا ارتفع فهو مقام أو أدنى وهو نهاية الولاية. أمَّا السَفَر الرابع، فهو السير بالله عن الله للتكميل، وهو مقام البقاء بعد الفناء والفرق بعد الجمع[17].

تبعاً لهذا الترتيب، فإنَّ الرحلة العقليَّة – القلبيَّة الثالثة هي من الحقِّ إلى الخلق، لكنها “بالحقّْ”. في هذه الرحلة يهبط الصوفيُّ العارف من السماء الربوبيِّ إلى الأرض. وبعدها یبدأ بسَفَرِه الرابع في الخلق بالحقِّ لیقود أهل الأرض إلی حضارة الحقّْ. ومع قرب المتصوِّف إلى الحقِّ يصير الله الأذُن التي يسمع بها، والعين التي يرى بها، واللسان الذي يتكلَّم به، ويصبح أيضًا يد الصوفيّْ[18]. وإلى هذا أيضاً وأساساً، فإنَّ الصوفيَّ يستطيع أن يحصِّل المزيد من درجات الترقِّي مع أداء واجبات الشَّرع الإلهيّْ. وهنا بالذات تصبح أذُن الصوفيِّ هي أذُن الله التي يسمع الله بها، وعين الصوفيِّ تصبح عين الله التي يراها الله بها، وكذلك اللسان واليد وجميع الأعضاء[19]، وتلك هي صفات العاشق الذي يتولَّى مهمَّة القيام بدولة العشق. وفي هذه المكانة من ترقِّيه، يجد العاشق كلَّ الوجود في أعلى مرتبة من العشق، ويرى نفسه والعالم كلَّه مستغرقاً في بحره. فالعاشق في دولة الوجود، هو عاشق العالم كلِّه، لأنَّه يرى الوجود المنتشر للحبيب في الدنیا كله. فـ“أینما تولُّوا فثمَّ وجه الله”[20]، وهذا هو المكان اللاَّمتناهي والرَّحب الذي تأتي فيه وحدة الوجود من قلب دولة العشق.

 

4- دولة الوجود: بين سماء العشق وأرض الدنيا:

الوجود حقيقة لا يشمل كلَّ إمكانيات الكون فحسب، بل أيضًا الوجود الواجب تعالى. إنَّ حركة العاشق العارف في الرحلة الأولى من الخلق إلى الحقِّ، وفي الرحلة الثانية في الحقِّ بالحقِّ، كلُّها رحلة في الوجود. أمَّا الفرق الجوهريُّ بين الوجود الممكن والوجود الواجب، هو أنَّ الوجود الممكن مقيَّد  بما تركَّب عليه من ممكنات، والوجود الواجب مطلق وبسيط حيث تمتنع عنه أيُّ قيود جوهريَّة مثل «الحيثیَّة التقييديَّة النفاديَّة»[21]. في الرحلة الأولى، يبتعد العاشق العارف عن الكائنات المقيَّدة ويتحرك نحو الوجود المطلق. الرحلة إلى الوجود لا تنتهي هنا. فوق الوجود المطلق هناك مرحلة أخرى من الوجود. والسلوك الصوفيُّ نفسانيٌّ وآفاقيّْ. الصوفيُّ يتَّحد مع الحقيقة الآفاقيَّة في مراحل سلوكه. ومن ثمَّ، في نهاية الرحلة الثانية، يصبح فانیاً فی المعشوق وهو الله تعالى. هذه بداية رحلته الثالثة من الحقِّ إلى الخلق بالحقّْ. في هذه الرحلة، يتحرَّك الصوفيُّ نحو وجود مقيَّد، ولكنه لا ينفصل عن الوجود المطلق. البقاء بعد الفناء لايعني الخروج من الفناء، بل الوصول إلى قرب أكثر عمقاً من حضره الحقِّ تعالى.

هذه الخطوة ليست عودة إلى الوراء، وإنَّما هي طور متقدِّم في سَفَر الصوفيِّ العارفِ إلى الحضرة الإلهيَّة. حين ينجزُها يرقى إلى مرحلة أعلى مع الوجود الأعظم وحقيقة الحقِّ تعالى. ومن بعد أن يصل إلى الوجود المطلق، يتهيَّأ للوصل مع مطلق الوجود. ومطلق الوجود هنا يتضمَّن كلاًّ من الوجود المطلق والوجود المقيَّد. إنَّه الوجود الذي یُخلَّق بالنفس الرحمانيِّ فيبدأ بالفیض الأقدس في الصقع الربوبيِّ وينتشر في الكون بالفیض المقدَّس. أمَّا الصقع الربوبيُّ فيشتمل على حدَّين: الأول، عالم الأسماء والصفات،  والثاني، عالم الأعيان الثابتة. أمَّا الكون أيضاً فهو أعمُّ من عالم الملكوت (عالم العقل)، وعالم المثال وعالم الکون (عالم المادَّة). وكلُّ هذه العوالم تُخلقُ بالفیض القدسيِّ ولیس هذا الفیض إلاَّ نَفَسُ الرحمان في الداخل وهو(الفیض الأقدس) فيما الخارج هو(الفیض المقدَّس). عند هذا المنعرج يجد الصوفيُّ أنَّ الحقَّ تعالى ليس هو الوجود الواجبيَّ فحسب، بل هو أيضاً الوجود كلُّه وهو الحقُّ. لكن هذا الوجود ليس وجوداً مقيَّداً كما أنَّه ليس وجوداً مطلقاً. وهذا هو مطلق الوجود الذي يسمَّى الوجود المطلق بإطلاق مقسمي (أي مطلق الوجود)، الذي هو في حدِّ ذاته مقسوماً إلى وجود مطلق بالاطلاق القسمي ووجود مقيَّد[22].

دولة العشق هي إذاً، تلك التي تظهر وتنجلي علائمُها في السَفَر الرابع حيث يمضي الصوفيُّ في عالم الخلق بالحقّْ. أي أنَّه رغم وجوده الظاهر بين الكائنات المقيَّدة، يرى مطلق الوجود في الوقت نفسه. هنالك يدعو الكائنات المقيَّدة إلى الاقتراب من الله، ويرشدها إلى طريق الوجود المطلق. في هذه المرحلة، يصبح الصوفيُّ عينَ الله وسمعَه ولسانَه ويديه، من أجل أن يقود قافلة العالم إلى تجلِّيات أسماء الله الحسنی.

تلك هي دولة الوجود. بها وعن طريقها تظهر دولة مطلق الوجود في كلِّ العالم. والشيء المثير الذي ينبغي الإلتفات إليه هو أنَّ مطلق الوجود له هيمنة حقيقيَّة على كلِّ العالم. ذلك بأنَّ العالم كلَّه ليس سوى مطلق الوجود. والدولة هنا هي الوجود، وبالتالي هي الدولة الراسخة والصامدة والحقیقیَّة في العالم، حيث ینوَّر العقلُ والدنیا بأنوارها الرحمانيَّة.

 

 

 

الخاتمة:

تشهد أزمة الحضارة في عالم اليوم اختصاماً مفتوحاً بين القلب والعقل، ما يعني أنَّها تعبير عن الصدع الحاصل بين السماء والأرض في العالم الدنيويّْ. لقد بلغت الحضارة الحديثة ذروتها في التهافت والهبوط، فليس جسد العاشق فقط هو الذي يموت تحت سياط الفكر الأرضيِّ الذي يُمثله العالم الغربيُّ، ولكنَّه أيضاً هو الذي يفتح الجراح العميقة لهذه الحضارة مع كلِّ ضربة. يبدأ هذا الجرح من أعماق قلب وعقل العالم الغربيِّ. واليوم، تنتشر اختلالاته وتصدُّعاته وأزماته في العالم كله. وعليه، فإنَّ ما بعد الحداثة ليس سوى عرض للحفاظ على سيادة الأرض والعقل المادِّيِّ على السماء وقلب العاشق. وآلام الحضارة المعاصرة آلام عميقة في قلب وعقل البشريَّة وتحتاج إلى شفاء عميق. يريد الغرب والشمال أن يكونا سماويَّين ويقعا في الحب، لكنَّهما غير مستعدَّين للتخلِّي عن أهواء الدنیا وأعراضها.

بالطبع، لن يجد الشرق والجنوب القوَّة لتوسيع دولة العشق بالتشبُّث بالسماء وتحرير أنفسهم من العقل المادِّيِّ والأرض. مع التعديل المادِّيِّ، سيستمرُّ الشرق والجنوب في استعباد الغرب والشمال فقط. فلقد حان الوقت لظهور دولة الوجود. دولة العرفاء المتصوِّفة الذين يذهبون إلى ما بعد الرحلة الثانية، وينتقلون إلى الرحلتين الثالثة والرابعة، نحو أروع دول هذا العالم وأكثرها استنارة وتقدُّماً.

وهكذا ينتظر العالم حضارة سماويَّة لا توصل أهل الأرض إلى ذروة سعادتهم فحسب، بل هي أيضاً تسمو وتزدهر بكلِّ قدراتها السماويَّة. فالعالم كلُّه اليوم ينتظر نور العشق الذي يكسر قيود الشهوة من أقدام العقل، ويمزِّق حجاب الظلمة من العقل ليكون حصناً وهادياً للبشريَّة كلِّها.

 

المصادر:

  • القرآن الکریم.
  • إبن بابویه، محمد بن علي، التوحید، تصحیح هاشم حسیني، قم، مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرسین بقم، الطبع السابع، 1422 ق.
  • إبن عربي، محي الدین محمد بن علي، الفتوحات المكیَّة، بیروت، دارالصاد، الطبع الأولی. بلا تاریخ.
  • البخاري، محمد بن إسماعیل، صحیح البخاري، دمشق، بیروت: دارالکثیر، الطبع الأولی، 2002 م.
  • بوبر، کارل، أسطورة الإطار، فی الدفاع عن العقل والعقلانیَّة، ترجمة علی پایا، تهران: طرح نو، چاپ دوم، 138
  • قیصري، داوود بن محمود، شرح فصول الحكم، به کوشش سید جلال الدین آشتیانی، تهران : شرکت انتشارات علمی وفرهنگی، چاپ دوم، 1377
  • یزدانپناه، سید یدالله، مبانی واصول عرفان نظری، نگارش سید عطاء أنزلی، قم: انتشارات مؤسسه آموزشی وپژوهشی امام خمینی، چاپ اول، 1388 / یزدانبناه، یدالله، العرفان النظري مبادئه وأصوله، تدوین عطاء أنزلی، ترجمه علی عباس الموسوی، بیروت، مرکز الحضارة لتنمیة الفکر الإسلامي، 2014م.
  • یزدانپناه، سید یدالله، تأملاتی در فلسفه فلسفه اسلامی، قم، کتاب فردا، چاپ سوم، 1395 / یزدانبناه، یدالله، تأملات فی فلسفة الفلسفة الإسلامیَّة،(مباحث في نظریَّة المعرفة والمنهج المعرفي)، ترجمة أحمد وهبة، بیروت، دارالمعارف الحكمیَّة، الطبع الأولی، 2021 م.
  • علی بن أبي طالب، نهج البلاغة، الجمع: الشریف الرضي، تحقیق صبحي صالح، بیروت، دار الكتاب اللبناني، القاهرة: دار الكتاب المصري، 1387 ق.
  • شیرازي، صدرالدین محمد، الحكمة المتعالیة فی الأسفار العقلیَّة الأربعة، بیروت: دار إحیاء التراث العربي، الطبع الثالث، 1981 م.
  • مولانا، جلال الدین محمد (البلخي/ الرومي)، دیوان شمس التبریزي، تصحیح بدیع الزمان فروزان فر، طهران، بارسامنش، 1374 ش / 1995 م.
  • مولانا، جلال الدین محمد (البلخي / الرومي)، مختارات من دیوان شمس الدین التبریزي، الترجمة والتقدیم ابراهیم الدسوقي شتا، القاهرة، المرکز القومي للترجمة، الطبعة الثالثة، 2016.
  • مولانا، جلال الدین محمد (البلخي / الرومي)، مثنوی معنوی، تصحیح بدیع الزمان فروزان فر/ رینولد نیکلسن، طهران، نشر ثالث، الطبع السابع، 1393 ش/ 2014 م.
  • مولانا، جلال الدین محمد (البلخي / الرومي)، مثنوی معنوي، الترجمة إلی العربیَّة إبراهیم الدسوقي شتا، القاهرة، الزهراء للإعلام العربي، 1412 ه/ 1992 م.
  • زماني، کریم، الشرح الجامع للمثنوی المعنوي، طهران، اطلاعات، 1383/ 2004 م .
  • فارابی، ابونصرمحمد، آراء أهل المدینة الفاضلة ومضادَّاتها، القاهرة، المكتبة الأزهریَّة للتراث، 2002م.
  • قیصري، داوود بن محمود، شرح فصول الحكم، به کوشش سید جلال الدین آشتیاني، طهران، شرکت انتشارات علمي وفرهنگی، الطبع الأولی، 1375ش/1996 م.

* كان بهاء الدين (والد جلال الدين) من أقطاب الصوفيَّة، وتعود طائفته إلى الشيخ أحمد الغزالي مؤلِّف “سوانح العشق” (متوفَّی 1126 م)، وهو الأخ الأصغر للإمام محمد الغزالي. والمعلوم عن المتكلِّم فخر الرازي (1149-1210م) أنَّه کان مخالفاً للصوفیَّة، وقد أجبر بهاء الدين على الهجرة من بلخ بسبب علاقته الوثيقة بالسلطان محمد خوارزمشاه (1199-1220 م). بعد تجواله في مدن مختلفة، زار قونية بدعوة من علاء الدين كیقباد السلجوقي (1190-1237م) وهناك سُمِّي  بـ”سلطان العلماء”. انتقلت وظيفة “سلطان العلماء” بعد وفاته إلى ولده جلال الدين الذي لم يكن يتجاوز عمره آنذاك أربعة وعشرين عاماً عند وفاة والده. حتى سن السابعة والثلاثين، كان زعيم عصره في الزهد والتصوُّف. لكن لقاءه شمس التبريزي عام 642 هـ سوف يبدِّل من مسار حياته رأساً على عقب.

1 – مختارات من دیوان شمس الدین التبریزي، الجزء الأول، القصیدة 14.

[2] – كريم زماني، الشرح الجامع للمثنوي المعنوي، مقدِّمة المؤلَّف، ص 21-23.

[3] – مولانا- ديوان شمس تبريزي- قصيدة 1085، المجلَّد الأول، ص 429.

[4] – انظر: الفارابي، آراء أهل المدینة الفاضلة ومضادَّاتها، الفصل 29، الصفحات 79-83.

[5] – هذا التعبیر متَّخذ من کلام علی أمیر المؤمنین (ع): کم من عقل أسیر تحت هوی أمیر. (نهج البلاغة، حکمت 211).

[6] – مولانا، مثنوی معنوی، دفترالأولی، القسم الأول، البدایة.

[7] – یزدانبناه، مبانی واصول العرفان النظری، ص 139.

[8] – قیصری، شرح فصوص الحکم، ص 81.

[9] – حکمة الإشراق، هی مدرسة فلسفیَّة صوفیَّة علی أساس النور، وقد استفادت من الفلسفة الفهلویَّة الفارسیَّة. أسَّس هذه المدرسة الشیخ شهاب الدین السهروردي (1155-1191 م) المقتول بید صلاح الدین الأیوبي في قلعة حلب بتهمة الکفر. وقد أسست بعد أبوحامد الغزالي (المتوفَّی 111 م) وقبل مدرسة محي الدین إبن عربي (1165-1240م).

[10] – الحکمة المتعالیة، هي مدرسة فلسفیَّة صوفیَّة قامت أنطولوجيَّاً علی أساس تشکیك الوجود، أسَّسها ملاَّ صدرا الشیرازي (1572-1640م) عبر تطویر مدرسة محي الدین إبن عربي فلسفیَّاً علی أساس تطبیق أدوات فلسفة الإشراقیَّة في النور، علی الوجود. فکان محاولته الجمع بین العرفان والفلسفة والنصوص الشرعیَّة من القرآن والحدیث.

[11] – لمزید من الشرح، انظر : یزدانپناه، تأملاتی در فلسفه فلسفه اسلامی، ص 126.

[12] – مصطلح فی العرفان النظريِّ  یشیر الی العقل الذي دخل فیه النور من القلب الذي أشرقت علیه بالکشف والشهود.

[13] – یزدانپناه، مبانی واصول عرفان نظری، ص 144.

[14] –  همان، ص 143.

[15] – بوبر، أسطورة الإطار، فی الدفاع عن العقل والعقلانیَّة، ص 169.

[16] – ملاَّ صدرا الشیرازی، الحکمة المتعالیة، ج 1، ص 13.

[17] – المصدر نفسه، ص 18.

[18] – حدیث قرب النوافل، حدیث قدسيٌّ من النبيِّ صلوات الله علیه: وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها. (بخاري، صحیح بخاري، حدیث 6502).

[19] – یسمِّيه إبن عربي، قرب الفرائض: ويقول في هذا المضمار شارحاً: «واعلم إنَّك إذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقرَّبت إلى اللَّه بأحب الأمور المقرَّبة إلیه، وإذا کنت صاحب هذه الصفة کنت سمع الحقِّ وبصره، فلا یسمع إلاَّ بك، ولا یبصر إلاَّ بکك، فید الحقِّ یدك،‏ إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَك إِنَّما یُبایِعُونَ اللَّهَ یَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ‏، وأیدیهم من حیث ما هي ید اللَّه هي فوق أیدیهم من حیث ما هي أیدیهم، فإنَّها المبایعة اسم فاعل والفاعل هو اللَّه، فأیدیهم ید اللَّه، فبأیدیهم بایع تعالى وهم المبایعون، والأسباب کلُّها ید الحق التی لها الاقتدار على إیجاد المسبِّبات وهذه‏ هیي المحبَّة العظمى‏ التي ما ورد فیها نصٌّ جليٌّ کما ورد فی النوافل » (إبن عربی، الفتوحات المکیَّة، ج4، ص 449) . فعن طریق جعفربن محمد (ع) قال، قال عليٌّ أمیرالمؤمنین (ع): «أنا علم الله، وأنا قلب الله الواعي، ولسان الله الناطق، وعین‌ الله، وجنب الله، وأنا یدالله» (إبن بابویه، توحید صدوق، ص 164).

[20] – سورة البقرة، الآیة 115.

[21] – لمزید من الشرح: یزدانبناه، مبانی واصول عرفان نظری، ص 173-178.

[22] – لمزید من الشَّرح: یزدانبناه، مبانی واصول عرفان نظری، ص 208-216.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى