إرهاب الغموض بين دريدا وفوكو
إرهاب الغموض بين دريدا وفوكو
أماني أبو رحمة
يذكر الفيلسوف جون سيرل من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، أن ميشيل فوكو وبيير بورديو، قد أخبراه إنهما إذا كتبا بوضوح فإن كتاباتهما لن تؤخذ على محمل الجد في فرنسا.
يُذكّر سيرل بصفات الأسلوب التي وضعها بول جرايس : الوضوح ، والإيجاز، والتنظيم ، وتجنب الغموض في التعبير. “ولكن هذه المنهجية منتهكة تماما في فرنسا” ، يقول سيرل، “ويرجع ذلك جزئيا إلى تأثير الفلسفة الألمانية”. وينقل عن فوكو قوله “في فرنسا، يجب أن تكون غير مفهوم بنسبة عشرة في المئة على الأقل ، وإلا فإن الناس سيعتقدون أن ما تكتبه ليس عميقا أو أنك مفكر سطحي”.
يميز سيرل بين فوكو ودريدا، الذي خاض معه في السبعينيات نقاشا غير ودي حول نظرية فعل الكلام. ” كان فوكو في كثير من الأحيان يُصنف مع دريدا” يقول سيرل في مقابلة مع مجلة العقل عام 2000، ويتابع “هذا غير عادل بالنسبة لفوكو. . إنه مفكر على معيار مختلف تماما “. في المقابلة أيضا ، يقول سيرل: ” دريدا، بالكاد يمكنك فهمه، لأنه غامض جدا. في كل مرة كنت أقول إنه “يقول كذا وكذا”، كان يقاطعني : “أنت لم تفهمني” ؛ لن تصل معه إلى التفسير الصحيح أبدا، هذا ليس سهلا. قلت ذلك لفوكو ذات مرة ، والذي كان أكثر عداء لدريدا حتى مني أنا، فقال إن دريدا يمارس أسلوب (إرهاب الغموض terroriste obscurantisme) . كنا نتحدث باللغة الفرنسية، وقلت له : “ماذا تقصد بحق الجحيم ؟” فقال: “يكتب بغموض شديد حتى أنك لا تستطيع أن تحدد ما يقوله. هنا جزئية الغموض . وبعد ذلك عندما تنتقده، فإن بوسعه القول دائما: لأنك لم تفهمني. أنت أبله “. وهذه هي جزئية الإرهاب”. أعجبني رأي فوكو فيه . لذلك عندما كتبت مقالا حول دريدا، سألت فوكو إذا كان موافقا على الاستشهاد بكلامه، فرد بالايجاب.